{ لم أكن مخموراً، أو غائباً عن الوعي عندما كتبتُ ونشرتُ مقالي (موضوع عقوبة مجلس الصحافة) بتاريخ 20/4/2010م تحت عنوان: (انتهت معركتنا في الدائرة (13).. وبدأت معركتنا مع هؤلاء الأرجوزات)، فأنا لا أتعاطى - والحمد لله ربِّ العالمين - مسكرات، ولا مخدرات، ولا منبّهات، ولم أدخن سيجارة في حياتي، ولا أشرب القهوة، مثلما يمكنني الامتناع عن تناول الشاي لأيام وأسابيع دون أن أُصاب بصداع.. { كتبتُ ذاك المقال (القنبلة) بعد أن انتظرت طويلاً المؤسسات الرسمية ممثلةً في لجان المجلس القومي للصحافة والمطبوعات أن تتصدى لمسؤولياتها في الدفاع عن ميثاق الشرف الصحفي، وتنفيذ قانون الصحافة والمطبوعات لعام 2009، إلا ّ أن أملي خاب، وتاهت رجاءاتي المعلقة على حبال من سراب.. { صمت مجلس الصحافة طويلاً.. وظل يراقب المشهد المؤسف وكأنه غير معني بتلك التجاوزات، وذاك الاستهداف المتعمد لشخصنا الذي لا تنقصه شجاعة، ولا تعوزه قدرة في النزول إلى ساحة المواجهة على طريقة (أتحداك.. طالعني في الخلاء)..!! { وعندما توهم البعض أنهم قطاع طرق في خلاء الصحافة السودانية، حاولنا أن نبعث إليهم برسالة قصيرة مفادها أن طريقنا وعر.. ودروبه شائكة.. فلا يتوهمنّ أحدٌ أنه قاطِعُه.. وأن العودة إلى زمان (الجاهلية) ممكنة إذا عصبت مؤسسات المدنيّة والحضارة عيونها، وسدت آذانها (دي بطينة، ودي بعجينة).. وردّدت ما ردّده أستاذ الكوميديا العربية «عادل إمام» في مسرحية (شاهد ما شافش حاجة)..!! { ثقافة الجاهلية تقول: (لا يُسلمُ الشرفُ الرفيعُ من الأذى حتى يُراق على جوانبه الدمُ).. وتعلمون أن شرفنا رفيع.. ونعلم أننا كنا جاهليين عندما أرقنا دماءً كثيرة في المقال انتقاماً لعزتنا.. وكرامتنا وكبريائنا.. بعد أن دخلت لجنتا الرصد والشكاوي التابعتان لمجلس الصحافة في إجازة لأربعة أسابيع طويلة..!! { نحن نعلم أننا أخطأنا، ولكننا اضطررنا لارتكاب الخطأ.. ولعلم الأخ الأستاذ «العبيد أحمد مروح» الأمين العام لمجلس الصحافة والمطبوعات أننا صغنا اعتذارنا لقرائنا، وأعددناه للطباعة، بل - وربما لا يصدق - أننا تهيأنا لنشكر لجنة الشكاوي وهيئة المجلس الموقرة، ونعلن على صفحتنا الأولى قبولنا بعقوبتها التي لم نكن نتوقع بل نتخيل أن تتجاوز التوبيخ، أو التأنيب أو حتى الإيقاف ليوم واحد.. { كنتُ بصفتي رئيساً لتحرير هذه الصحيفة سأعلن شكري وتقديري واحترامي لقرار المجلس بالعقوبة، فأنا أعلم سلفاً ومنذ أمسكت بالقلم أنني (مُدان)، رغم ما وقع عليَّ من تجنٍ وتلفيقات وكذب ضار، وأعلم - أيضاً - أن الرأي العام سيحاسبني أنا، وليس غيري في الصحف الأخرى، بحكم الانتشار ومساحة التأثير، وهذا ما حدث بالضبط، ولكن لابد مما ليس منه بدٌّ.. { كنا سنعتذر ونقبل بالعقوبة، لو أنها كانت منطقية، ومتوافقة مع القانون، ومتسقة مع أعراف المجلس في التعامل مع مثل هذه الحالات. { لكنكم تجاوزتم، و(سرحتم)، وتمددتم في العقوبات ونسيتم أن الله حق.. وأن الظلم ظلمات.. وأن يوم الحساب قريب.. يوم لا ينفع مال.. ولا جاه.. ولا مجلس.. ولا بنون.. { فانتصر لنا القضاء.. وأسقط العقوبة وأكد أنها كانت قاسية.. ولم تراعِ التدرج في العقوبات.. وألزمكم بمعاقبتنا بالاعتذار، أو التوبيخ أو الإنذار مع مراعاة التدرج. { وها نحن نعتذر لكافة قطاعات الشعب السوداني الكريم في الداخل والخارج، التي تضرّرت من نشر ذلك المقال.. نعتذر لأننا رجال.. وأصحاب قضية.. وأولاد قبائل.. نعتذر ونرضى بالتوبيخ.. ونقبل بالإنذار.. { نعتذر.. بعد أن نصرنا الله قاهر الجبارين.. ثم نصرنا القضاء السوداني العادل ممثلاً في مولانا «هشام أحمد عوض عمر» قاضي جنايات الخرطوم شمال.. له التجلّة وفائق الاحترام. { «وَقُلْ جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا»