٭ ربما يُدرك المراقب لمسيرة القنوات العربية في التعاطي مع الشأن السوداني، على الأقل إن قناة الجزيرة الفضائية قد ذهبت في طريق تجفيف أخبار السودان بعد العملية الانتخابية، وذلك بعد عقود من ممارسة صب الزيت على نيراننا المشتعلة والتي زادت اشتعالاً، وذلك عبر برامجها التي تنطلق من قاعدة الرأي والرأي الآخر، على أن تأتي بطرفي صراع ثم تقوم بدور (المديدة حرّقتني). ٭ فهناك عدة مسوِّغات جعلت الجزيرة تخفِّف من وطأة برامجها على السودان، وربما كان أشهر هذه المسوِّغات والقناعات قد جاء من (دور الدوحة الاصلاحى)، إذ لا يمكن أن يكون أمر الدوحة معنا على طريقة (أمير يسفر وأمير يسكر)، فمتى يبلغ البنيان يوماً تمامه.. إن كنت تبنيه وغيرك يهدم؟ فأغلب الظن أن ثمّة إشارات قد وردت من رئاسة الإمارة إلى الجزيرة الفضائية أن تمنح الدوحة فرصة لمعالجة الملف السوداني وذلك حتى ننجو من ثقافة (إمارة تجسِّر وقناة تعكِّر) والله أعلم. ٭ أما قناة العربية فأمرها عجب مع قضايا السودان! فهي لم ترق بعد إلى منصة الرأي والرأي الآخر. ففي معظم الأحيان توفر هذه القناة لمناقشة قضايا السودان ضيفين من (الجانب الآخر) وجهة نظر مغايرة للنظرة الحكومية. وحتي لا نُتّهم بأننا نُلقي الحديث جزافاً ففي آخر برنامج شهدته منذ يومين للمذيعة منتهى الرمحي استجلبت القناة ضيفين غير محايدين إن لم يكونا معارضين. الضيف الأول الأخ الدكتور مرتضى الغالي الصحافي السوداني المحسوب على اليسار السوداني ومن أبرز المناوئين (للعملية الإنقاذية) منذ اندلاعها في العام 1989، والضيف الآخر يُدعى إمام محمد إمام قد استضيف من لندن تحت لافتة (محلل سياسي). ولقد تبارى الضيفان الكريمان في إلصاق التُّهم والمزاعم (بحكومة الخرطوم) وهي ساعتئذ مكشوفة الظهر بل موثقة اليدين ومكممة الفم، فكل الذي تفعله القناة هي أن تجعل (حكومة الخرطوم) مكتوفة اليدين والرجلين، ثم تختار بعناية من الضيوف من لا يرحم هذه الحكومة التي حتى تبخل عليها باسم (حكومة السودان)! وقناة العربية ظلت تضطلع بهذا الدور باتقان واحترافية مُذهلة. وماذا كُنا ننتظر من قناة يديرها السيد عبد الرحمن الراشد هذا الرجل السعودي الليبرالي الذي اضطلع بأدوار مناوئة (لعمليات التحرر والانعتاق العربي) وذلك عبر كل المحطات التي مرّ بها من لدن. مجلة المجلة، مروراً بصحيفة الشرق الأوسط، وصولاً لقناة العربية. وليس أدل على ذلك من أن الرجل (الراشد) قد فاز العام الفائت بجائزة صهيونية باهرة تُعطى لأعظم صحافي عربي ناصر القضية الإسرائيلية. وحسب ما ذكر أحد المواقع الإلكترونية أن السيد عبد الرحمن الراشد قد فاز بهذه الجائزة مناصفة مع أحد الصحافيين المصريين إن لم تخنِ الذاكرة جائزة صهيونية تصل إلى مليون دولار أمريكي. ٭ إذن.. ماذا ننتظر من صحافي «عربي» و«راشد» تكرّمه دولة بني صهيون على (الأعمال الجليلة) التي ظلّ يبذلها لدولة الاحتلال؟، وماذا ننتظر من قناة حتى كتابة هذا المقال لم تجرؤ على اطلاق مصطلح (شهيد) على شهدائنا الفلسطينيين الذين تحصدهم الآلة الصهيونية الرهيبة في الضفة وقطاع غزة؟، بل ربما كانت مناهضة (عربية الراشد) لسودان العروبة والكرامة والتحرر، وهي شهادة أخرى بالعزة والكبرياء واعلموا أن يوم يمتدحنا هذا الراشد، نكون بحاجة إلى مراجعة سيرتنا. ٭ ومكتب العربية في الخرطوم يستمتع بكامل الحرية والاحترام هو وقناته يجلدوننا يومياً وبلا رحمة وأن هؤلاء لا يأبهون ب«نون والقلم وما يسطرون»! أليس لهم ضماير تستيقظ ولو لمرة واحدة؟!