{ بالنظر الى الواقع الفني الآن يتضح لنا أنه يعيش في أزمة حقيقية وإن كان البعض فيه يحاول أن يجمِّل الصورة ويقول إن ما يحدث ليس قابلاً للانفجار ويمكن السيطرة عليه. { وعندما أقول إن الواقع الفني يعيش أزمة فأنا لا أعني فقط خلافات الفنانين التي في أكثرها تفتقد للغة الود والمحبة ولا حتى لبعض التصريحات (المنفلتة) التي ما أن تجد رداً للفعل إلا وتبدأ في سماع نغمة (الصحفيين) ولّعوا النيران. { ولا أقصد فقط انقطاع حبال الوصل بين جيل الشباب وجيل المخضرمين إن صح التعبير لأن معظم الانتقادات التي نسمعها من الكبار هي من نوع الانتقادات الشخصية التي تتناول الفنان الشاب وفي أكثرها في طريقة لبسه أو سبسبة شعره أو مشيته وما الى ذلك من الانتقادات غير المفيدة لأنني كنت دائماً أتوق أن أستمع الى فنان كبير (يفنّد) تجربة فنان شاب ويقول إنت هنا غنيت كويس وهناك كان المفروض تغني كده. { وبعدين لو فنان كبير مثلاً رفع سماعة التلفون وقال للفنان الصغير الفلاني: «يا أخي أنا سمعتك بتغني في الأغنية العلانية ولم تكن موفقاً ويا ريت لو غنيت بواحد اتنين تلاتة من التوجيهات».. مالو؟ هل هذا سيقلل من مكانة الموجّه! بل على العكس أعتقد أنها ستزيد من رصيده الإنساني الى جانب رصيده الفني. { لكن بالله عليكم فنان كبير يشتم زول في عمر ولده وبدون سبب ويقول ليه إنت فنان هابط وعايزين تتباكوا على الاحترام والمحبة التي يفتقدها الوسط الفني. { نعم، الوسط الفني يعاني أكثر من أزمة لكن في رأيي أخطرها وأكبرها هو انعدام اليد التي تأخد بالجيل الحالي لقدام يعني مثلاً هناك أصوات كثيرة جديدة نسمع عنها كل يوم في البرامج التلفزيونية وفي بيوت الأعراس وفي المهرجانات وفي الجامعات ده غير من ينوون الغناء لقدام وهسى ساكتين ليهم فوق رأي، وهؤلاء جميعاً يريدون أن يمارسوا حقهم في التنفس غناءً فلا يجدون أمامهم إلا أغنيات الغير والغير (لايت) بقانون الملكية الفكرية.. طيب بالعقل كده الشباب ديل يسووا شنو؟ هي حاجة من اتنين: إما أن يعتزلوا الغناء قبل أن يبدأوا أو يغنوا تواشيح اندلسية. { أعتقد أن الدور الذي يجب أن يلعبه الشعراء والملحنون دور كبير وعظيم لأن هناك أصوات تستحق أن نلهث خلفها لتظل صداحة وغناية زي البنت الرهيبة فهيمة وشموس ونادية وود السراج.. بالمناسبة أين شول؟ معقولة يكون فهمنا لمثل هذه الأصوات بأنها منتهية المفعول حتى قبل أن يُكتب عليها تاريخ الإنتاج ولماذا لم تتكرم شركات الإنتاج برعاية هذه الأصوات الشابة بإنتاج أعمال خاصة تخرج بهم الى النور أم أن هذه الشركات لا تلعب إلا على المضمون؟ { في كل الأحوال ليست الشطارة ولا الإنجاز في أن يكتشف أحدهم صوتاً جميلاً، ولكن الشطارة والإنجاز الحقيقي أن يستمر هذا الصوت فيجعل له اسماً وجوداً وليس مجرد صدًى لا أثر لمطلق الصرخة الأولى له على الساحة. ٭ كلمة عزيزة وصلتني أكثر من مهاتفة تليفونية وصافح أذني أكثر من إطراء على زاوية (في كم زي حاجة آمنة) التي تناولت من خلالها حديث مولانا عز الدين الصبابي عن السيدة المصون والدته وكل من اتصل بي قال إنه رأى حاجة آمنة في عيون والدته، فقلت لهم وأنا كذلك كتبت تلك الزاوية بإحساس حبي وعشقي لوالدتي التي صقلت شخصيتي وربّت دواخلي وعالجت كل نقاط الضعف داخلي حتى كادت أن تنعدم ويكفي أنها علمتنا أنه: (تمشي عِدِل يحتار عدوك فيك) فكانت، ولازالت، مثالاً للأم الصامدة القوية الحنينة الجميلة الدواخل.. فلكي مني الحب والتقدير وأنت تواصلين ذات الدروس بذات المنهج مع أبنائي... وبرضو في كم زيك يا التومة بت الخضر. ٭ كلمة أعز برنامج (اتجاهات) على الفضائية السودانية يستحق الإشادة لأنه يطرح القضايا بطريقة غير تقليدية كما أن الأخ خليفة حسن بله يطلق لحاسته الصحفية العنان فتمنح الأسئلة بُعداً وموضوعية دون تشنج أو انفعال.