الآن وقد أُسدل الستار على الانتخابات وعرف كل ناعق وزنه وحجمه الحقيقي. الواهمون الحالمون الراكعون لغير الله حكموا مسبقاً على الانتخابات بالتزوير قبل أن تتحرك شجرة الناس كل الناس بجذورها العميقة وظلالها الوارفة إلى مراكز الاقتراع حيث استظل بها وأمّها الشرفاء من بني الوطن مهللين مكبرين. وفي الهجير قصدت شراذم قليلة خيام التيه والضلال المهترئة الصدئة الملتاثة بدماء العمالة والارتزاق. وبان حينذاك الفارق في النصر والهزيمة وقل جاء الحق وزهق الباطل. عود بعقارب الزمن قليلاً إلى الوراء تفضح دعاوى أعداء هذا البلد المصمم على اقتحام الصعاب والحامل لواء العز لأهل المجد التليد والتراث الأصيل. قل لي بربك كيف كان حال هذه البلاد وكيف أضحت الآن. كم كان عسيراً توفر الماء والخبز والبنزين والكهرباء والمواصلات والاتصال والسكن؟ مكّن الله لهذه الدولة العزيزة استخراج البترول بجهد وعزائم الرجال وقوة الأبطال فتغير الحال، أصبح الحلم واقعاً لا يجافيه حكيم. يروى أن أحدهم غاب عن العاصمة القومية أو المثلثة سابقاً غاب زهاء الأربعين عاماً وما عاد إليها إلا بعد انتخابات كاسحة أحزاب السوء والجشع. عاد يسأل عن المحطة الوسطى التي كانت في قلب الخرطوم وسوق الخضر والفاكهة جوار دكان أولاد ملاح فوجد عمارات تعانق السماء وبدأ يسأل عن قهوة الزيبق فعثر على سوق الذهب بديلاً. وسأل عن بصات أبو رجيلة فوجد باصات وحافلات تجوب داخل العاصمة وأطرافها المختلفة. وجد شارع الأسفلت على باب سكناه. وجد سيارات ناقلة حيث وأنى شاء وجد خطوطاً دائرية وجسوراً عظيمة من عبقرية الإنقاذ. وبالطبع سأل عن (العشش) فوجدها في مدينة الأزهري حيث قيل يوما أن الوزير (دقس) فرد عليهم «هذا حقكم». هذه الموانئ البرية الفخمة المنظمة متى قامت وحركة السفر التي لا تتوقف ليل نهار!! ودار رأس الرجل حتى أنه لم يتعرّف على القبلة من شدة الدهشة، أصبح كالسائح في بلد أجنبي، فهذه عمارات شاهقة وتلك أسواق تعج بالناس وسلع تملأ الطرقات يُنادى بها هنا وهناك وزادت دهشة الرجل حينما لم يجد السكن العشوائي الذي كانت تشتهر به العاصمة، فقد ملّكت الإنقاذ كل مستحق بيتاً، وحركة المال ماثلة بين يديه فهذا بنك وهنا صراف آلي وهذه دلالة وذلك سيوبرماركت واكتشف بعد ذلك أن الإنقاذ أنشأت مدناً تزدهي وتزدان بها العاصمة ناهيك عن الحدائق والفنادق جمالها وروعتها وخدمتها. وقبل ذلك مآذن تصدح بالذكر في كل آن. إذن عملت الإنقاذ بوجهه نظر وعين هذا الرجل الأمين حيث لم تر عيون السادة هذا الاعجاز والتطور والنهضة العريضة وحقيقة عين السوء تبدي المساويا. حضرات السادة تغير السودان شكلاً وروحاً ووجداناً وانعتق الشعب من ربقة الطائفية البغيضة التي جثمت على صدورهم ثقيلاً وأسرتهم طويلاً دون أن تقدم لهذا البلد نفعاً. قالها أهل السودان إنهم ينتخبون الإنقاذ رداً وعرفاناً للجميل. رحم الله شيخنا البرعي فقد قال في أول يوم للإنقاذ الله يعمر البلد بعمر أشاع عمر بن عبد العزيز العدل بين الناس في فترة حكمه القصيرة «سنتان فقط» فملأ الأرض عدلاً إذ بدأ حازماً بأهل بيته وبني عمومته ثم سائر الناس فبقيت ذكراه حية نابضة ما ذكر العدل أو احتاج الناس إلى العدل. نريد من عمر البشير وقومه أن يلهجوا بالثناء والحمد لله على هذا الفوز والنجاح الذي يستوجب عدلاً وحزماً نريده: في التقاضي بين الناس في توزيع الثروة طعامها وأمنها بالخروج بشبابنا من هوة الجهل والانزلاق الأخلاقي بحفظ الشارع من المظاهر السيئة والمخلة بعدم الاختلاط في المرحلة الجامعية نريد العدل الذي يطمع فيه كل ضعيف ويهابه كل مغرور. هكذا الشكر وهكذا الانتصار لله ومن معاني الشكر اعطاء كل ذي حق حقه فهل يفهم السادة شيئاً من هذا أم غاب عليهم أن الملك بيد الله. أخوكم/ الطيب الزاكي خليفة الخرطوم مدينة العزبة