أصبح «الزي الجامعي» من أكبر المشاكل التي تواجه كافة الطلاب لما يأخذه من مجهود ووقت ومال ويشكل هاجساً يومياً يلازم الطلاب. ولكن هنالك بعض الجامعات اختصرت كل ذلك في توحيد زيها، لتكون بذلك وفرت عناء البحث والجهد الذي يلازم الطلاب. وقد وجَّه السيد رئيس الجمهورية عمر البشير في أول خطاب جماهيري له عقب انتخابه رئيساً لدورة قادمة في فعالية وضع حجر أساس لمستشفى الكلية الوطنية وحفل توزيع الدرجات العلمية؛ القائمين على أمر التعليم العالي بالعمل على توحيد زي الطلاب الجامعي. وحث الطلاب على الالتزام بالحشمة والضوابط الشرعية في زي البنات في الجامعات، وانتقد بعض الجامعات وقال إنها أصبحت معارض أزياء، وقال إن الحكومة ستقدم الدعم لكل الجامعات والكليات التي تلتزم بزي موحد ليكون في متناول يد الطالبات الفقيرات. «الأهرام اليوم» رصدت عبر هذا الاستطلاع تداعيات التجربة، وردود أفعال الطلاب وموقفهم من الزي الموحد. في البدء التقينا بالطالبة آلاء عبد القادر «أكاديمية السودان للعلوم المصرفية والمالية» التي قالت إنها كانت رافضة «للزي الموحد» - من وجهة نظرها- يشعرك أنك ما زلت طالباً بمدارس الأساس وأنك لم تبدأ مرحلة جديدة من حياتك. ولكن - تضيف آلاء: «بعد بداية الدراسة الجامعية أحسست كم هو مريح، فهو يكفيك المجهود الذي ستبذله من أجل التفكير في ماذا سترتدي غداً، ومن ناحية أخرى يشعرك بالوحدة والأخوة بينك وبين زملائك، وأن ليس هناك فرق، فالناس سواسية كأسنان المشط بنص الحديث الشريف». وتؤكدّ: إن توحيد الزي الجامعي يوفر عليك الكثير من المال من أجل شراء الملابس وهي ميزانية لوحدها فهناك بعض الأسر لا تملك المال الكافي حتى للرسوم الدراسية لأبنائها فتأتي ميزانية الزي الجامعي لتحملها عبئاً آخر، فالزي الموحد يجنبهم الحرج مع زملائهم لأن الجامعة بها كل الفئات الغني والفقير وهناك من لا يراعي مشاعر الآخرين ولولا وحدة «الزي الجامعي» لكانت هناك ضغوط نفسية سيعاني منها الفقراء الذين لا يستطيعون مجاراة زملائهم. وقالت: إن أول ما تراه وأنت في جامعة موحدة الزي جمال المنظر العام للطلاب، ويجبرك على احترامهم ويشعرك بالنظام والانضباط. وأضافت أن بعض الشركات تلزم موظفيها بزي واحد مما يجعلهم بمنظر جميل لا يزعج الناظرين من كثرة الألوان. أما زميلتها رؤى رمضان فقالت إن الزي الموحد جميل وهادف ويجنبك الحرج في الشارع من ناحية الألوان الصارخة والموضة واللبس الخليع. وأضافت أن وحدة الزي تحفظ مكانتك في المجتمع وتميزك عن الباقين، كما أن الزي الموحد يكون دائماً محتشماً وحتى تكلفته تكون قليلة ومريحة وفيه احترام للمرأة. ومن ناحية أخرى فالتفرقة بين الطلاب تكون بطريقة وخامات الأقمشة المختلفة، وقالت إن البنات أصبحن يجارين الموضة من لبس «شاذ وخليع» وإذا لم تكوني مثلهن فأنت في نظرهن متخلفة ولا علاقة لك بالرقي أو التحضر. لذلك الزي الموحد يوحد الكل باختلاف مشاربهم، والطريف أنني درست كل مراحلي التعليمية باللون الرمادي وأصبحت أتفاءل به لدرجة أنني فكرت جدياً في أن أخيط فستان زفافي باللون الرمادي. وأخيراً لا أحمل هم الغد؛ لأنني أعرف ماذا سأرتدي. وفي ذات السياق أكدت نهى محجوب أن هناك من يعتقد أن توحيد الزي الجامعي تقييد للحرية الشخصية لأنه في حالة متابعة الموضة والركض وراء الصرعات سيكون لا وجود له. فهناك من يخجل من زيه الموحد إذا كان في الخارج خاصة بعد اليوم الدراسي. وقالت إن في حالة عدم توحيد الزي الجامعي سيكون الاستهلاك للأزياء الملونة كبيراً جداً حتى أنك لا تستطيع أن تفرق بين الزي الجامعي وأزياء المشاوير الخاصة. وأضافت أن هناك بعض البنات يرين أن الزي الغالي هو قمة الرقي ومواكبة للموضة. أما إبراهيم عبد المجيد - طالب بأكاديمية السودان للعلوم المصرفية والمالية فأبدى رفضه لفكرة الزي الموحد وقال إنه غير مريح بالمرة ولا بد أن تشعر أنك كبرت على المدارس وأنك في مرحلة جديدة في حياتك الدراسية. وأضاف أن الزي الموحد يشعرك بالملل ولا بد أن تجدد في ملابسك حتى لا تشعر بالتقييد. عكس زميله محمد إبراهيم الذي أبدى ارتياحه لتوحيد الزي الجامعي وقال إن الزي الموحد يشعرك بأنك وكل زملائك شيء واحد لا فرق بينكم وأنه يوفر الكثير من المال فكل ما يلزمك «لبستان» تكفيانك كل العام الدراسي. وأضاف أن الزي الموحد يفتح لك مجالاً للتحدث مع كل الطلاب في الشارع من أول نظرة نسبة للزي الذي يجمعكم. أما أميمة عثمان - طالبة بجامعة أم درمان الإسلامية فبينت أن الزي الجامعي الموحد يكون محتشماً ولا يشبه الأزياء الخليعة للفتيات، وأنه يجبرك على احترام الشخص، ويجنبك النظرة السلبية إلى الفتيات. ومن جانب آخر فهو يوفر المال ويوحدك مع زملائك فالمجتمع الجامعي مجتمع شامل لكل الفئات وكل الأجناس، عندها يستطيع هذا الزي أن يجمعهم، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم «لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى». ومن جانبه أبدى أستاذ علم الاجتماع بجامعة أم درمان الإسلامية الجيلي حمزة رفضه لفكرة توحيد الزي الجامعي واعتبره كبتاً لحريات الطلاب، وقال إننا بذلك نهدم شخصية الطالب الجامعي ونحد من رغباته وميوله. وأضاف: ممكن أن يفرضوا زياً محتشماً ومقبولاً، ولكن من غير أن تفرض على الطلاب لوناً واحداً، لأن ذلك سيكون تقييداً لهم. وما بين الرفض والقبول، يصبح الزي الجامعي أمنيات للبعض وربما واقعاً معاشاً يفرض على كل الجامعات السودانية حتى يكتمل المظهر الجذاب الذي يعطيك الإحساس بالوحدة والانضباط.