بين يديه أو عليها تقبع الكاميرا بكامل محتويات نفسها مستسلمة لرجلها كي يقلّبها جيدا بكل الزوايا المتاحة ويصنع من امتزاج العدسة والضوء والحدث ,مشهدا مميزا يصلح أن يتجمد داخل عيون الناس متحركا مرة أخرى أن كانت الكاميرا فيديو أو متجمدا جميلا أن كانت الكاميرا فوتوغراف... ورجل الكاميرا يجب في كافة الأحوال أن يكون قوي أمين ,حيث أنها لا تكون إلا ثقيلة في وزنها وثمنها وعملها ,فيستطيع أن يسيطر بقوته الجسدية على ثقل وزنها وعملها _ولا ضرورة للعضلات المفتولة!_ ويسيطر بأمانته الأخلاقية على معداتها ومعيناتها من السرقة...لذلك تتفق معظم نوافذ المشاهدة على نفر من الرجال (المصورين ) ليكونوا أصحاب تعدد في حمل الكاميرات لعدّة جهات لضمان استقرارها على حواملها آمنة من السقوط الاضطراري على الأرض وعودتها لقواعد عملها سالمة..وهم في ذلك مفيدون ومستفيدون. ولا تسلم ظهور رجال الكاميرا من الغيبة فيهم بأنهم يعملون كعوازل للصورة, حيث يحجبونها تماما عن الجالسين في ذات الحدث المتابعين بعدسات عيونهم المباشرة ما يتم, ولا يبقى سوى الصوت ناقلا للأذن الحديث وجاعلا العقل يتصور المتحدث! بوقوفهم مستندين على أقدامهم فقط طوال مدة التصوير ساخنة على جلدهم حرارة (كشافات) الضوء الساطعة جدا محيطين كاميراتهم بحنان أيديهم الآمن ,يزعج رجال الكاميرا معظم الناس خاصة أولئك الذين يظهرون خلاف ما يبطنون من نجوم المجتمع في الفن والرياضة والسياسة الخ.. ,وترصد الكاميرات بعدساتها الدقيقة تفاصيل ذاك الباطن إن كان في مكان عام أو محصور جدا! وفي السنوات الأخيرة قامت في الولاياتالمتحدة جماعة مثقفة تحارب المصورين غير المقيدين في جهة إعلامية معروفة وما يعرفون_ بالباباراتزي_ ليتمكنوا من الحفاظ على نعمة الخصوصية القليلة المتاحة لهم! وتختلف (رجالة) رجال الكاميرا بحسب جنونهم وتعلقهم بها فهناك من يدفع بنفسه وكاميرته في الخطوط الأمامية لحرب أو معركة فقط ليحظى بلقطة حصرية ينقلها لمشاهد يجلس يفتفت العشاء والارتخاء على نكهة أخبار المساء! وهناك من يتسلق أعلى عامود كهربائي أو على أحسن وجه ,(الكرين) وبدون أربطة أمان للحصول على أجمل لقطة لفيلم أو مسلسل اجتماعي , لا يحفل بعلو زاويتها المتابع المتذمر لأن القصة بأكملها لا تعدو أن تكون مجرد (عوارة)! وهناك من يتقوقع داخل حفرة لالتقاط حركة من خلال سكنات حيوان نادر تبث لإثبات حقيقة أن الإنسان هو أكثر الكائنات الحية على وجه الأرض غرورا! فيحيلها الريموت كنترول إلى أغنية ذات كاميرا واحدة إلكترونية بلا رجل يسيطر عليها! والسيطرة المتحكمة للكاميرا على رجلها لا تضاهيها فيها سيدة مهما بلغت درجات عليا من النفوذ..وفرض _أو فرد_القوة فهي ككاميرا تستطيع أن تجعله منساقا خلفها وتابعا أخرسَ لها تتحدث هي بما يودّ أن يقوله وتنظر عبر عيونه لما يحب أن يرى, ناهيك عن أنها إذا استدعى طارئ لمبيتها معه داخل منزله,فأنه لن يتردد في جعلها تختار أي الأسرّة تناسب حواملها لتتكئ عليه بلا مشارك! *وفي ذات تصوير لدراما تحمّل رجل الكاميرا القدير والكبير (ميرغني عجيب) مشوارا مرهقا من العيلفون إلى الخرطوم وبالعودة فقط لأنه لا يثق في ترك كاميرته لرجل آخر يباشر تنظيف عدستها المتسخة بالإرهاق.. وهو عشق مهني لا شك فيه لكنه وأحيانا كثيرة يذيب ثلج صدور النساء الحقيقيات لرجال الكاميرا ويبلل بماء ذوبانه المسافة الافتراضية بينه وبينها, فيكون رجل الكاميرا حينها في حيرته واقفا مبتلا _بالماء أو الدموع_ مجتهدا في موازنة عشقه المهني والسكني...! هي مهنة ذات متاعب ومصاعب نافست الكتابة في ألمها وحلمها بالنقاء المجتمعي والشفافية الممارسة في كل مجال متاح لنقل حي أو مسجّل ودفعت في ذلك الكاميرات الكثير من رجالها ثمنا باهظا لنقل حقيقة لا يراها كل الناس وصاروا كرجال نقل مباشر ,مستهدفين بكاميراتهم وأفلامها ,من حملة السلاح إن كانوا متمردين أم حراس شخصيين! ومع خطرها على مصراعيه وكفتيه فإن معظم الجهات التي توظف رجال الكاميرات تتحايل في عقد التوظيف على فقرة التأمين على الحياة بتركه فقط أثناء ساعات العمل الرسمية ,وحيث أنه لا يتقيد رجل يحمل كاميرا بساعات عمل رسمية ,فيكون في حال تصيده من مستهدفيه, تحت رحمة الله ثم ّحماية كاميرته ذات المعدن الفولاذي القوي في ضربه وردّه والمؤمن على حياتها وعدساتها! لقطة كاميرا : وان تقعي سيدتي في براثن عين رجل كاميرا خير ألف مرّة من أن تقعي في براثن عدسة كاميرا! ولو لهاتف محمول ..