{ صدقوني أن أكثر مهدد لديمومة وبقاء الأغنية السودانية وتمسكها بقالبها الجميل النظيف هم من يدعون حمايتها والخوف عليها وليس أولئك الشباب الذين وجدوا أنفسهم دون أن يتخذوا «ساتراً» أنهم في حقل للألغام بل وجدوا أقدامهم التي ظنوا أنها تقودهم نحو حديقة مليئة (بالزهور والورد الشتلوها جوه قلبي) وجدوها في غابة معاركها أكثر من منتوجها الفني وإلا بالله عليكم قولوا لي ماذا يستفيد المستمع السوداني من الأصوات التي يفترض أن تعلو بالنغم الصداح والبحث عن جديد الكلمات وحلو المعاني، ماذا يستفيد وهي مشغولة بمطاردة الفنانين الشباب ومنعهم من ترديد الأغنيات المسموعة التي أحسب أن للشعب السوداني نصيباً وافراً في حصد ملكيتها الفكرية باعتبار أنه قد منحها صك البقاء والخلود والوجود حتى الآن وهؤلاء الفنانين جزء لا يتجزأ من نسيج هؤلاء السميعة والسامعين وبالتالي كيف لنا أن نستنكر عليهم أن يتغنوا حباً وإعجاباً وعشقاً بهذا الإرث الكبير حتى يشتد ساعدهم ويمتلكون من الأغنيات ما يجعل لهم تجربة خاصة بهم ولونية يحققون بها ذاتهم وكينونتهم. { صدقوني أنا لست ضد أن يعتمد الفنان على أغنياته الخاصة مع اقتناعي أن مرحلة التغني بأغنيات الغير يجب أن تكون عابرة ولا يتوقف عندها الشاب كثيراً.. لكن ما نشاهده الآن أن العبور نفسه أصبح محظوراً وطالما أن الواحد مكتّف الأجنحة فإنه سيضطر أن (يهبط) ولو بطريقته ليقول أنا موجود طالما أن الكثير من الشعراء لا يمارسون دورهم الطبيعي في مدّ هؤلاء الشباب (بالزاد) الذي يعينهم في رحلتهم الطويلة والكثير من الملحنين لم يدقوا صدرهم لاحتواء صوت أو موهبة وكل يوم وكل صباح نسمع عن صوت جديد وعن موهبة قادمة. { على فكرة طالما أن الحصار قد بلغ حده وكاد أن يفوق حصار غزة شدةً وبأساً أعتقد أنه لا يحق لأحد من هؤلاء الشعراء أو الملحنين أن يهاجم أغاني الشباب أو يصفها بالهبوط طالما أنه مكتف أياديهم حاظراً أغنياته القديمة وحاجباً إنتاجه الجديد.. إذن دعوهم يغنوا ما يشاءوا طالما هو بعيد عن سيف الملكية الفكرية. { سأظل أقول وبالصوت المرتفع إن ما يحدث الآن من هجوم على الفنانين الشباب هو مجرد غيرة فنية ومادية بدليل الأصوات التي برزت لتتكلم عن العربات (الآكسنت) وغيرها من الموديلات الفاخرة دون أن يفتح الله على هؤلاء أن يجدوا حلاً لما يقولون إنه مشكلة سوى حل واحد أن يصمت هؤلاء الشباب وأن يكف الناس عن طلب القادمين الجدد في حفلاتهم ومناسباتهم.. ومين يقول للزمان أرجع يا زمان؟ فلكل وقت أذانه وطالما أن آذان الألفية الثالثة هم هؤلاء الشباب فأعينوهم بحلو الكلمات ورصين المعاني بدلاً من حصبهم بالحجارة صباح مساء واتهامهم بالهبوط.. والجديد أن نغمة الهبوط تعدت الفنانين ليوصف بها الجمهور أيضاً (إن شاء الله الآكسنت تطير) وكأنّ هذا الجمهور قد جاء من جزر القمر أمبارح!! { يا أخوانا نحن في حاجة أن يظل الإرث الغنائي العظيم متداولاً ومتواصلاً وهذا لا يأتي بحفظه في المكتبات أو توثيقه في الاسطوانات ولكن أكبر ضامن لاستمراريته أن يظل متردداً بين الناس في حفلاتهم ومناسباتهم فدعوا الشباب يغني لتستمر الرسالة أو اتركوه في حاله يغني ما يريد.. وبصراحة كده صدعتونا!! كلمة عزيزة { لا أدري كيف يوكل القائمون على الأمر في قناة الشروق تقديم برنامج يعتمد على ثقافة المذيع وخفة دمه وامتلاكه لناصية الحوار لمذيعة شابة كل تاريخها هو برنامج (فطير) للمسابقات... شاهدوا الحلقة التي قدمتها مع الشاب القاص الذي أخجلها وأخجلنا بلغته الرفيعة وأسلوبه السلس وصاحبتنا يا دوب (تاتي) في الكلام!! كلمة أعز { اتَّجه الكثير من الشباب للغناء بطريقة الراب باللغة العربية.. هل بحث أهل الشأن من الموسيقيين والشعراء عن أسباب هذه الظاهرة؟ أم أنهم لم يلاحظوا تمددها حتى الآن؟