{ عندما تحب المرأة رجلاً وتشرع في الارتباط به؛ فإنها تشعر - لا شعورياً - بضرورة الغوص في عالم هذا الرجل الذي أحبته واختارته، وترغب في معرفة تفاصيله وشؤونه الصغيرة، كالأماكن التي يحب التردد عليها، وأصدقائه المقربين، وطريقته في اللبس، وطعامه المفضل، وهواياته المحببة، وفنانه المفضل، وهي بذلك تحاول التأقلم مع عاداته وتسعى لتنفيذ جميع رغباته بما في ذلك بعض الأشياء التي ربما كانت هي شخصياً لا تحبها. ولكن المرأة المحبّة بطبعها تميل لتقديم العديد من التنازلات سعياً وراء إرضاء رجلها العزيز، ولكن يجب عليك عزيزتي أن تعلمي أن هناك حدوداً للاندماج في شخصية زوجك، بحيث لا تتغول على شخصيتك الحقيقية، فهناك فرق شاسع بين التشارك في الحياة، والتغير إلى حد فقدان الهوية والشخصية والأسلوب. { وتؤكد الدراسات العلمية أن فقدان المرأة لشخصيتها أمام سطوة زوجها يأتي نتيجة لانغماسها في حب غير عقلاني لهذا الرجل، وبما أن الحب عاطفة إنسانية معقدة؛ فهو يختلف من إنسان لآخر، ويحتمل أن يصبح حباً متطرفاً لدى البعض ومتوازناً لدى البعض الآخر. ومن أبرز سمات الحب غير العقلاني؛ الشعور الدائم بالقلق والدونية والاستعداد الكامل لتقديم أي تنازلات مهما كبُرت لأجل إرضاء المحبوب، وهذا يؤدي لفقدان الشخصية والطاعة العمياء والانصياع المطلق مما لا يخدم مفاهيم الزواج الاجتماعية والإنسانية، وبعيداً عن إقحام الأمر في منحى شرعي؛ فإن الطاعة التي فرضها الإسلام على الزوجة تجاه زوجها ليست طاعة عمياء وتحتمل تدخل العقل والمنطق وطبيعتها كإنسانة مستقلة وكائن منفصل. { وظاهرة اندماج الزوجة في زوجها أصبحت مقرونة بالمرأة وتحديداً لأنها الطرف العاطفي في عقد الزواج، وإذا كان الرجال يحبون بعقولهم وغرائزهم فإن النساء يستندن في الأساس على القلب في شتى المشاعر والعلاقات. وفي حالة الزوج تبدأ المرأة بإظهار استعدادها للقيام بأي شيء يرغبه ويريده حتى وإن كان ذلك يؤدي للتعدي على المبادئ والقيم التي تؤمن بها وتربت عليها عند أهلها. وهذا يحدث لأن العلاقة التي تربطها بزوجها منحتها الإحساس بعدم الأمان والضمان العاطفي فيبرز خوفها من أن الزوج سيتركها فقط لأنها لا تلبي رغباته وتتبعه في كل الأمور. وهذه الحالة قد تبدأ لدى المرأة قبل الزواج على معتقدةً أن انصياعها سيقوده للزواج منها حتماً وهذا خطأ كبير وليس في صالح الزواج، فعلى المرأة أن تظهر لشريك حياتها حقيقة أفكارها وميولها وتطلعاتها ومشاعرها منذ البداية كي لا يتحول رضوخها المهذب إلى أمر يتعود عليه الرجل ويستمرئه ويشعرها بالاختناق من هذه المسايرة المستمرة لإنسان يفترض أن يكون بالنسبة لها مصدراً للراحة والأمان وليس العكس. { فإذا كنت تحبين زوجك وتطمحين لحياة موفقة ومريحة معه فيجب عليك أن تكوني عقلانية منذ البداية في تواصلك معه، فأنت لست مطالبة بالتنازل عن أشياء تؤمنين بها وتضعينها ضمن شروط حياتك المستقبلية. عليك يا عزيزتي أن تحفظي حقك وتعطي زوجك بقدر ما تأخذين وتمسكي بحقك في ممارسة هواياتك والاحتفاظ بصديقاتك والتمسك بعملك كي يشعر الزوج أنه أمام إنسانة لها كيانها واستقلاليتها ويعتمد عليها وجديرة بالاحترام وليست مجرد تابعة من ضمن ممتلكاته. { إن من ينحني مرة سينحني ألف مرة، ويجب أن يشعر زوجك بوجودك وأهميتك، فالمرأة الحريصة على رأيها واستقلاليتها تمنح الزواج بعداً حميماً من الحوار والتفاكر و«الشورى»، فلا تكوني مطموسة الهوية تقبعين في انتظار عودته كالكم المهمل في إحدى زوايا المنزل، انتفضي، تحركي وحركي حياتكما من جميع الجهات وقولي له صراحة «أنا أرى كذا»، و«أعتقد» و«ربما»... الخ. { تلويح: «من يهن يسهل الهوان عليه.. ما لجرح بميت إيلام»!