{ ماذا تنتظر مني؟ أن أنحني أمام إعصارك من جديد؟ أنا يا سيدي لم أنحن حين انكسر الجبل على ظهري، فكيف أنحني الآن وقد انكسر الجبل أمامي وتناثرت حجارته في كل اتجاه مثلما تنفرط حبات عقد من الكرستال كان على عنق فتاة عفيفة شاء حظها العاثر أن تكون ضحية لذئاب الطريق الذين اغتالوا براءتها ولم تكن بالقوة التي تخولها لمواصلة الحياة بهذا العار الذي لاحقها ولا يلاحق الجناة، فرحلت هي.. وبقيت حبات العقد تسرد على المارين تفاصيل الجريمة الخفية بملامحها البشعة والجميع يكتفي بالتذمر والتنديد ويمضون في طريق الحياة الشائك دون أن يتوقفوا قليلاً ليتساءلوا: «هل أمست الحياة أصغر من أن تحتفظ لنا بكبير؟!»، والكبير المعني هنا هو كبير المقام والمعنى والحنان والمسؤولية، وأنت ما عدت في حياتي كامرأة، كبيراً مثلما كنت، أصبحت مجرد رجل. { لقد كنت يوماً أراك عظيماً برغم أنك لم تكتشف قانون الجاذبية، ولم تحاول المشاركة في تحرير الأراضي المحتلة، ولا أنت لبيت استغاثة المرأة العامرية، كنت أراك كبيراً رغم أنني لمحتك تأكل لحم صديقك على موائدهم ميتاً وتلقي للكلاب المسعورة ببقايا عظامه. كنت أراك عظيماً، رغم أنني وجدتك تتبع الغراب كي تواري سوأة أخيك، بخبث، ليس للندم فيك أثر، ورغم أنني اكتشفت بصماتك على كل الخناجر المغروسة في ظهر أيامي، ورغم أنني رأيتك تهدر بين تفاصيلي الحميمة، وتتنكر لكل أفعالي الحميدة التي بذلتها لك عطاءً وحباً وتضحية وأنا أحاول الطيران بك بعيداً عن القاع وأنت تسلب الريش من أجنحتي لتسقطني أمامهم على ذات القاع... ولا تكترث. { كنت أراك عظيماً وأنت تدعي البكاء أمامي فينفطر قلبي وأبكي معك فتبتسم بخبث، تسخر من سذاجتي وشاعريتي، أنا الرمل المكسور في صحراء جحودك وقسوتك وتفكيرك العملي أكثر من حاجتي للحب والحنان والشاعرية، كنت أراك ملاذاً وصرحاً ونهراً وبيتاً وحلماً ولكنك كنت فقط، مجرد رجل. { فيا أيها الرجل الذي كنت أزرع الوصايا في قلبه ليل نهار وأردد على مسامعه أن: (خلي بالك من نفسك)، وأدعو لك في ليالي العمر بالخير والتوفيق والسعادة والعمر الطويل، كأنك ابني البكر، دعك من كل هذه المثالية الخرقاء، ولا تكترث لتفاصيلي الغبية فأنت مجرد... رجل. { لقد سقطت أيها العظيم من أجندتي ونقصت حبات العقد، لقد هطلت الأمطار هذا المساء على وجهك بغزارة فأزالت جميع أصباغك، وأرعدت السماء بقوة فاهتز كيانك وزلزلت الأرض تحت قدميك فأردتك سقوطاً مهشماً وتركتك كحبات الرماد العابر المذرو لريح الإهمال بعد أن استيقظت من سبات أيامي وأدركت الحقيقة المجردة بأنني امرأة حالمة وضعيفة وأنك... مجرد رجل. { يا أيها الرجل الذي لا يستطيع أن يتمرد على فطرته وبروده ولا مبالاته ليشعر تماماً بما أحتاجه منه لأحقق سعادتي به ويكون هو بقدر اعتقادي وانبهاري وقناعتي بأنه معنى ومبنى وهيبة ورحمة ورعاية وليس مجرد رجل. أسألك بحق إنسانيتنا المشتركة أن تنزل من برجك العاجي لتسمع صوت امرأة خلقت من ضلعك الأعوج وخرجتَ كلك من رحمها العامر لتتحول من طفل عابث إلى شاب يضج بالثورة والمبادئ ثم أخيراً إلى مجرد... رجل. { لا تكن مجرد رجل... فأنا لم أكتف يوماً بأن أكون في حياتك مجرد امرأة، لقد كنت معك إنسانة بكل معاني الإنسانية فكن لمرة واحدة إنساناً وليس مجرد... رجل. { تلويح: انتهى زمن الفرسان الأمراء المنقذين، وآه يا «بياض الثلج» لو تعلمين!!