يحظى الأتراك هذه الأيام بشعبية واسعة داخل العالم العربي. ووصلت هذه الشعبية الى ذروتها بعد الموقف التركي الرسمي خاصة موقف رئيس الوزراء اردوغان والموقف الشعبي من اسرائيل في أعقاب اعتدائها على أسطول الحرية الذي أدى الى مصرع تسعة أتراك. وفرح كثير من العرب والمسلمين وحلموا وسرحوا وكأن تركيا استعادت دورها العثماني قائدة للعالم الاسلامي، وتناسى العرب من فرط فرحتهم بمن (هرش) اسرائيل وتعاموا عن حقائق كثيرة أهمها أنهم لم يكونوا سعداء في الزمان العثماني، وإنما ثاروا على ذلك الحكم. وكنا في السودان في القرن التاسع عشر عانينا منهم الى درجة الثورة ضدهم. ولكن يبدو الآن أن من الممكن أن تنشأ علاقة بين الجانبين التركي العربي على غرار جديد تتحقق فيه مصلحة الطرفين. وقلنا ونعيد أن الاسلاميين الأتراك لن يستطيعوا في هذه المرحلة إلغاء العلمانية بل هناك من يذهب الى أنهم لا يريدون ذلك، وأيضاً ليس في استطاعة تركيا الآن ولا في رغبتها الانسحاب من منظمة حلف شمال الأطلسي ناتو وليس في رغبتها الآن، إسلامية كانت أم علمانية، أن تصرف النظر عن أشواقها إلى الانضمام للاتحاد الاوروبي. إن الاسلام السياسي التركي مختلف تماماً عن الإسلام السياسي الإيراني. وبالإضافة الى رئيس الوزراء اردوغان وحزبه فإن ممن يعبّرون عن هذا الإسلام التركي فتح الله جولين الداعية المقيم في الولاياتالمتحدةالأمريكية الذي أصبح مشهوراً وله أتباع بالآلاف. وقال ايسبو سيتو الأستاذ بجامعة جورج تاون: إن أنسب شخصية عامة يمكن أن تقارن بفتح الله جولين هو الدلاي لاما. وجولين يدعو للسلام والتسامح وتقوية العلاقات التركية الأمريكية واقتصاد السوق وقال: إن الاسلام الحقيقي لا يعرف الإرهاب. وقد ذكرت بعض الصحف الأمريكية إشادة وزيري الخارجية، الأسبقين، جيمس بيكر ومادلين أولبرايت، بحرص جولين على الديمقراطية والحوار. وبينما يرى البعض في أمريكا أن الاسلام السياسي الذي يمثله جولين مقبول إلى درجة ما فإن خصومه يرون أن أتباعه في تركيا يستهدفون الوصول إلى السلطة. وفي كل الأحوال يقولون: كان فتح الله جولين يسعى بحذر وذكاء وتدرج لهدم العلمانية التي أسسها كمال أتاتورك قبل حوالى قرن. وجاء في سيرته أنه درس القرآن الكريم منذ الخامسة وأصبح واعظاً وعمره 14 سنة ثم سرعان ما أصبح له أتباع! وقد أسس مجموعة من المدارس والمستشفيات في مختلف الأقطار ومصرفاً وصحفاً، بما في ذلك «الزمان»، كبرى الصحف التركية ومحطة تلفزيونا. ويقولون أيضاً إن حركة جولين اصطدمت عام 1990م بالحكومة التركية العلمانية ثم ذهب جولين إلى أمريكا للعلاج ثم أقام بها بعد أن وجهت له تهمة التحريض لإزالة الحكم العلماني.