وفي أول معرفتي به الأستاذ (عبد السلام الحلّو) كان موعدا مرتبا من القدر قبل سنوات ضوئية بعيدة, وكذلك في آخر معرفتي بغيابه عن البلد ,ثمّ كانت (الأهرام اليوم) ترتب بيني وبين الناس على بعدهم مواعيد قدرية جميلة ترسل لي عبر صفحاتها أجمل وأحمر العصافير الملونة من وشائج المحبة الإنسانية الخالصة, وكانت قصيدته افتتاح دروب تواصل جديد علّ القدر يسمح بأفضل ما لديه .ولم يختر اسما لقصيدته التي باستحياء مررّها كآخر ما كتب أضعها بين يديكم تخص كل من لديه حزن بلا استثناء ولا تخصه شاعرها فبشكل فريد استقاها من قصة أب فجع في قتل ابنته _ والفاعل مجهول_! ,ثمّ عسى أن ترضي القدر فيبتعد بحزنه عنا قليلا...: ملايين الأضواء مسلطة علي ومثلهن كلمات تزمجر في مسمعي صرت أنا ليس أنا من سكن الجسد الخاوي على عرشه لا قلب يدق لا روح لا اتزان خواء . . . خواء . . . خواء صقر بمخلبيه مزق وجهي أشلاء مكوك تبعثر في الفضاء عين هنا.. أنف هناك دمعة حزن تبخرت بركان حطت معه كل الطيور رحالها وكل الأحلام تناثرت حجبت غمامته عناق الأحبة الكل رافع رأسه للسماء وأنا من تحتهم أتلقف الحمم الطائشة من نعالهم طائر لا تحملني قدماي خاو فمي لا لسان فيه ينطق لا حبل في حنجرتي ولا وتين فيّ ينبض ضائق صدري سهام ترشقني موج يتقاذفني يصوب خنصره وسبابته وكل جسده نحوه هذا الذي تاهت بضعة منه هذا الذي صار كنملة تتلمس لها طريقاً تحت أقدام العتاة الشامتون .. الضاحكون على قدري مذ فككت الحرف - مرفوع الهامة أمشي مسحوق الآن أنا تحت حوافر الطغاة يا فلذاتي لا تغيبوا عن نظري لا تفتحوا للشر بابا موصدا كل الأبواب كانت مشرعة عدا بابي كان محكم الإغلاق وهم صاحبي كان لي موعد لم يكن مدرجاً على جدول أعمالي موعد لا فكاك منه موعد لا مناص منه موعد لا تأجيل له موعد مع قدرك وقدري يأجوج ومأجوج لا زالوا ينخرون السد سديّ الذي أفرغت عليه كل التعاويذ كل التمائم وكل عصارات الرصاص والحديد وغلقته بالشمع الأحمر والأسلاك الشائكة ثم أسكنت فيه العنكبوت لم أكن أدري أني أسكن حيّها لم أكن أدري واهن بيتي مثل بيتها أعد النجم حتى الفجر إذ تأتين لماذا خلعت عمامتي ومعطفي وكل سرابيلي؟ تاجي الأبيض الذي كان يزين هامتي برد يقتلني حر يصهرني مسرح الصمت الذي أنا بطله الأوحد كل العالم من حولي يرقب المشهد مشهد الدمعة التي فاضت مشهد الجبة التي ليس فيها إلا خواء مشهد القبر الذي حوى نظري ,أتراها البراءة من غرك؟ لو كان لي بالغيب علم لبنيت حولك ملايين الحواجز والسدود لقرأت البقرة كل ساعة في بيتي ( بيت العنكبوت) ولحصنتك كل ثانية من عين كل الحسود ذهبت أنت وبقيت أنا هنا في مسرحي الأوحد بقيت أنا وأشلائي نمثل المشهد مشهد الضوء الذي أظلم مشهد الحزن الذي خيم وحدي أنا الآن وكل شيء حولي يهتف باسمي يصوب سيفه نحوي فوق الأرض وتحت الأرض عبر الأثير ينبشون الجسد الممدد صرت من عظماء القرن جديّ فرعون عميّ شارون ومعهم إسمي صار يتردد سادتي المستمعون أعزائي المشاهدون يا أيها القراء النهمون خبر الساعة مؤكد !!! الكل ينتظر ترجمة المشهد ليتني أقدر فهو من لغة لا يتقنها إلاّ الذي تمدد من ذهب وترك لي وحدي المقود هو من لغة لا يتقنها إلاّ من تمدد من ترك لي وحدي المقود (عبد السلام الحلّو)