وزارة الخارجية القطرية: نعرب عن قلقنا البالغ من زيادة التصعيد في محيط مدينة الفاشر    ياسر عبدالرحمن العطا: يجب مواجهة طموحات دول الشر والمرتزقة العرب في الشتات – شاهد الفيديو    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية    حقائق كاشفة عن السلوك الإيراني!    البيان الختامي لملتقى البركل لتحالف حماية دارفور    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يتفقد شرطة محلية كوستي والقسم الأوسط    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    أرسنال يحسم الديربي بثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    تجارة المعاداة للسامية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اشراف / مصعب محمد علي
طاقة الكتابة فجت دربها فى صحراء بيوضة ونهضت بىّ عن الطاقات ..عن الريح والنبات والليل.. عن ماريو يا أصمعى اشراقة مصطفي
نشر في الوطن يوم 26 - 04 - 2012

قبل الف عام كانت هناك احدى نسائى التسعين, يقولون بانى لىّ من الاوراح تسعين .. وهو كذلك
ولكنى اعرف بانها ارواح رغم تناقضاتها فهى تتصالح داخل جسدى, فهو دفق انهارها وجنونها, يقينها, قلقها, بكاؤها, حنينها و...
بالامس القريب, حين وجدتنى من جديد امسك بخيوط الامل, ومعى اصابع جميلات, اصابع تغزل معى ثوبا كونيا للطاقات , طاقات النبات, الريح, الضوء, الماء والجبل! وقفت من جديد بعد انفجار طاقات الحزن التى تعلمت من زمن بعيد, بعيد وغائر فى الأبدية ان نتعارك فى جوف البحر ونخرج معا, حزنى وانا طاقة فعل.
اكتظت الصالة, اكتظت حتى فوهة صمت أمى: فى الثامن من مارس, عجنة قلبى فى يد الكرة الارضية, لطلاب وطالبات المعرفة فى احدى أعرق الجامعات الأوربية لاقدم احدى محاضراتى فى هذا الموسم عن سياسات التعزيز... كيف يكون التعزيز, متى وأين ولماذا؟ المحاضرة كانت نتيجة بحث الدكتوراه, اول بحث من نوعه عن قضايا النساء السود فى النمسا.
وتعزيزهن من خلال تسيس الهويات.
القاعة الانيقة المحاطة بجبال الألب, تلك التى حجبت الريح او هكذا تظن وماعرفت بانى انثى الاعاصير والبراكين وزلزلة مايُسمى بالمستحيل.
ذات زمن بعيد حين ولدتنى طاقة مجنونة ولوثتنى بافعال الحياة سألتنى إمرأة من المجر فى زمن اول افعال طاقة الريح التى تسوقنى او اسوقها لا فرق, المهم الريح تعرف الى اين اريد ان امضى, الى اى درب والى اى هدف, سألتنى المرأة ذات العينين التى اخذ البحر منها زرقته:
من اين لك هذا الحضور الطاغى؟ كيف تنفذين هكذا دون محاذير الى القلب, من اين انت؟ اى بلاد انجبتك؟ هذه السيدة الناشطة الجميلة المُفعمة بالحياة لم التقيها منذ ذلك اليوم فى العام 1994 اى بعد بضعة ايام من انجازى دبلوم اللغة الالمانية, الذى يفجر فقط احجار اللغة وانت وشطارتك مع تحدى الخوف والدخول فى جوف المجتمع الجديد. التقيتها قبل شهرين لاجل مشروع عن التنوع وسياساته, كنت معها وزميلتها, قمن بتكوين منظمة تهتم بشئون النساء الاروبيات المتزوجات او حبيبات لرجال من جنوب كرتنا الروحية.
حاولت ان اجيب على سؤالها, قالت انها انتظرت منذ ذلك العام وحتى الآن لافك لها لغز هذه الطاقة وهذا الحضور:
قلت لها باصرار:
اذن عليك ان تذهبى معى الى كوستى, الى ذلك الحى الذى خرجت فيه من جوف امى الدافىء الى حياة غير رحيمة, عليك ان تنظرى فى عينى خالاتى, جارتنا, ان تهف روحك الى فناجنين قهوتهن و عليك ان تركضى كفرسة مع اجساد النساء حين يقرع طبل الزار, ان تحسى (تشات) الزيت او نار (العواسة) لافرق, وعلى عينيك ان تكونى مركبة لترى كيف مشطت أمى وخالتى آمنة (سيدات المجتمع). وعلىّ, نعم لى ايضا واجبا انسانيا هو ان اسافر معك يوما ايضا فى دروبك, دروبك التى علمتك كيف ترمين ببذرة الحماس والامل فى قلب بنت
التقيتها ليس صدفة فى ذلك العام 1994. ساعترف لك يا كاشكا بان قولك ذلك كان وسوف يظل ينبوعا مُفجرا للطاقات كلما تعبت وحرنت افراسى.
بريق دمع فى عينيها, اصرار ان تزور معى السودان, ان تذهب معى حيث رأيت الشمس, اصرار ان تصاحب الباعوض وعمليات الإفقار وخطاوى البنات نحو فضاءات المعرفة, بنات عرفن و تعلمن على قسوة الظروف وعرفن ايضا ان الدرب هو هنا.. حيث اشارت اصابع امى حليمة المبرومة على (قدوم) الامل... المعرفة.
هى طاقة يفجرها حجرا تعثرت عليه اقدامى ذات صباح نحو طواحينى, حجرً قد يُدمى اصابعى ولكنه يشدنى نحو بعض خيوط تاهت من بين اصابع ليلى, قد تشحذها صفصافة على قارعة طريق منسى فى هذا الكون, صفصافة هى انا ذات نفسى, تتقاذنا الريح وتلاعبنا وتمضى بنا نحو بحر الهوى, حيث الماء... الماء مزمار روحى, الماء التى حدثتنى بالامس والقطار يشق بحيرات النمسا.
هى التى فجرنها بنات صغيرات مهاجرات, اقوم بدور مهنى لمرافقتهن الدرب, بنات تعلمت منهن الكثير وقالت لىّ عيونهن مالم تقلة اى عيون مركبة عن الخوف والحذر والحنين والامل والبكاء.
قلت لاحداهن الاسبوع الماضى وكاد الحزن الذى سكن عينيها ان يجرفنى نحو الانكفاء, والانكفاء ايضا طاقة. قلت لها ربما لانى حزينة تهيأ لىّ ان بعينيك حزن ما, ثم حكيت لها بطريقة كما تحكيها الحبوبات:
طريق الهجرة ليس سهلا, وان تشقى لك نهرا هنا ليس بالصعوبة الكبيرة, لانك بنت جسورة, اعرف ذلك من زمة فمك, انها مثل زمة فم بنت كانت ايضا مثلك فى بداية الدرب هى انا؟
عليك ان تعرفى هدفك وان تمضى نحوه باصرار, ان تعرفى قيمة الوقت... الوقت.. الوقت الذى يمضى لا يعود ولكنّا نتعلم من صولات اهدارنا له.
فغرت عينيها دهشتها فى المكان, اتسعت ابتسامة دمعها, وحين خرجت نحو بيتى وجدت ابتسامتها نهرا دفاقا يغمر البيت والكتب والاوراق وقلبى الذى انتزعته عنى وصنعته كرة شٌراب لغراب نبيه.
هى ذات الطاقة التى فجرتها أياد صنعت معى ذات المراكب وقالت لىّ هيا الى اليم يا امرأة الموج. مضت مراكبى, وحين المنتصف, المنتصف تماما وجدتنى بمجداف وحيد وبحر عاصف ومازلت ابحر مثل سفن الليل ورمال قلبى نحو مرفأ, مرفأ كلما اقتربت منه تمدد كطلحب ادخلنى فى بيت عنكبوت, هنا على عرش بيتى, لماذا اقتلها ولماذا اهدم بيتها هذه العناكب التى ترافقنى بالليل وتمنحى طاقة الشعر والكتابة؟
نعم يا اصمعى, حين يتحقق حلم, اكون قد سعيت له, الواقع المنجز يبدأ بحلم, بحلم ليس عابرا, باغنية ليست بعيدة, بالامس حين اقتنع اهل الامر فى مدينة نهر مالح وطافح بالطاقات, نظرت الى الوراء حين قلت فى محاضرة عامة قبل ست اعوام بضرورة تعزيز النساء وخاصة المهاجرات والهاجرين , بضرورة برامج صحية, صحة البدن والنفس, بالامس فقط قالوا هيا... الى الخطوة القادمة.
خرجت من هناك الى سكة القطار, مشيت كثيرا, اشركت الشوارع لهفة انفجار قوارير الكتابة الفاعلة.
الطاقة تفجرها ابتسامة, تفجرها كلمة شكرا, يفجرها اعتراف سرى او معلن, وحين يكون الاعتراف مُعلنا كما حدث كثيرا فى بلد يعترف بك ويقدر كل ماتفعله كنت وسوف اظل اقول:
يوم نلت جائزة الاعتراف, يوم وقفت تلك القاضية الالمانية التى رأست لجنة التحكيم, وحكت, حكت كيف تشق النساء نهرا, حين اعتليت المنصة وضج ذلك المسرح بالتصفيق كانت اشجار نسوة حلتنا تشب فى القاعة, خالاتى ام خريف, نورا القصيرة, حولية, سعدية, كلتوشة ونورا الشايقية. كان جدى فى منتصف القاعة يحتضن الراديو الصغير ويسافر الى حيث مونتوكارلو, حسيت حالات انكفاءتى وشجونى وخيباتى واحزانى السرية, كلها اندلقت دفعة واحدة حبرا لحياة قادمة.
قلت لهم ولهن... ان هذا الاعتراف حافزاً قوياً, انه اعتراف بتاريخ وماضى وحاضر ولست فيه سوى جزء من كل, الكل هناك, الكل هنا, فى عينى بشر اقتسمت معهم المصائر والامانى والاحلام, انا هنا فقط لانوب عنهم وعنهن.... وظلت تلك الابتسامة, ابتسامة امرأة تشبه حبوباتى, الفرق ان بوجهها لا توجد اخاديد للدمع كما فى وجه حبوباتى المنثورات رياحين للحنية فى كل بقاع الدنيا.
وبالامس, بالامس مساء قرأت شعرا عن الطفولة, قرأت سلينيا البلجيكية/المجرية/النمساوية, سلينيا الكونية عن طفولتها فى الكنغو, وحدثتنى حديث صبابات الوطن المتّخيل, عذابات الوطن الراهن, واتفقنا ان الوطن هنا, حيث نمارس حياتنا وافعالها وجنونها. هنا تعنى الانسان, حيثما يكون الانسان يكون لنا وطن... قلت له وابتسامتها تشرقنى بالعزيمة. كل هذا كوم من رمال الحياة اما كوم ماريو, ماريو الذى افتتحت الامسية بنص له, ماريو الذى يتعالج الآن من ادمان الخمور, ماريو كان رفيقى طيلة الدرب واقدامى تنهش الدروب ونصه ينهشنى بحياة وطاقة وشاشاى. ربما وجدت طاقة حزن ما كسا قسمات وجهى لمن قرأ النص المختصر المفيد لماريو, سألنى ان كنت اريد كأسا من النبيذ. شكرته وانا اقول بانى لا اتعاطى الاّ نبيذ الكتابة وان قارورتى الآن التى اريد ان اسمع فرقعات فوهتها وهى مقبلة نحو الحياة هى نص ماريو, اريد ان اترجمه للعربية, محاولة لطاقة مسك بتلابيبها ماريو, ماريو الذى ينام الآن من ركضه معى امس فى فيافى الليل واسئلة الانسان, الخوف والاحباط, الهزيمة والانكسار, انها طاقات ماريو, قلت وانا اردد نصه, نص هو ابنا شرعيا لليأس:
وبنت (رام) جميلة لطاقاتى
( بحر كئيب:
هناك,
حين تمزق الشمس صمت الليل
تقول لك كيف انت وحيدا
فى بعض الايام تسطع الشمس
تفض كارة الكآبة باشعتها
وتحبل الالوان بالحياة
وفى بعض الايام
يكسى الحزن ليلك
فقط دمعك ينعشُ رمادك)
طيلة الليل كنت أكتب لماريو, ثمة صلة ووشيجة حياة بيننا, كتبت له, ان نصه هذا يمور الآن, نهرً فادح الملح بدمعه ودمعاتى, وانه لن يظن بان كآبته تفجرت فى عينى ليلى ملحا حادقا لاجل الغد.
الغد؟!!
غدا سوف التقى ماريو..
سوف ازوره حيث يتلقى العلاج
غدا سامنحه قلبى وادعه يحكى له... ان الدرب هنا, هنا حيث طاقات الريح, المطر, الضوء, الليل والجبل والنهر!!
--
نزيف الطين» تفوز بجائزة الطيب صالح
فازت «نزيف الطين» للقاص منجد أحمد المصطفى بالمركز الأول لجائزة الطيب صالح للقصة القصيرة في نسختها الرابعة لعام 2012، وتم توزيع جوائز تقديرية لمجموعة من القصص الأخرى، بينها «رماد امرأة» و»دوار البحر» ومعارج الأرق.
وأعلنت الجوائز في مؤتمر صحفي بمركز عبدالكريم ميرغني بأمدرمان، وهو الجهة التي تختار الفائزين، وشارك في هذه المسابقة لهذا العام 28 مشتركاً في مجال القصة القصيرة.
وتضم لجنة التحكيم، الناقد الأدبي المعروف د. مصطفى الصاوي، وعضوية كل من د. نعمات كرم الله أستاذة الأدب الفرنسي بجامعة السودان، والمخرج السينمائي القدير الأستاذ الطيب مهدي.
وحازت قصة «نزيف الطين» على المرتبة الأولى كونها توفرت فيها كل عناصر التميز من الفكرة المحورية، التكثيف والقدرة على الإمساك بتقنيات القص من خلال التوظيف الفني لضمير الغائب وربطه ببقية مكونات القصة.
البنات يتقدمن
لجنة التحكيم تمنح جوائز تقديرية لقصص أخرى مثل: «رماد امرأة» لصاحبتها ساندرا مهدي عباس، و»دوار البحر» لسارة عبدالله الأمين، و»معارج الأرق» لصاحبها عبدالرحيم محمد سعد
«ومنحت لجنة التحكيم جوائز تقديرية لقصص أخرى مثل: «رماد امرأة» لصاحبتها ساندرا مهدي عباس، و»دوار البحر» لسارة عبدالله الأمين، و»معارج الأرق» لصاحبها عبدالرحيم محمد سعد، و»نيران كثيفة» لصاحبها أيمن آدم عبدالرحيم، و»مستقبل رمادي» ل عبدالحليم عمر الفاروق، وقصة «هو الآخر» لصاحبتها تسنيم محمد بابكر الحسن.
وكرم المركز أثناء حفل توزيع الجوائز القاص ورائد القصة الواقعية في الأدب السوداني الزبير علي، صاحب مجموعة (المقاعد الأمامية) التي صدرت عام 1969.
ويعتبر القاص الزبير علي أحد الأصوات القوية في ما يعرِّفه تاريخ الأدب، بتيار الواقعية الاشتراكية، لما حفلت به أقاصيصهم من انتماء لبسطاء الناس وفقرائهم وتبشيرهم في ما يكتبون بقيم العدالة الاجتماعية والمساواة والحرية.
--
جاري
د. وجدي كامل
لاصق بيته بيتنا في الحي. كان لا يخرج كثيرا. لا يرد السلام اذا ما جمعك به الطريق ، ينظر اليك شذرا في خطواته الواسعة السريعة في زاوية نظر حادة..ويغسلك بعينيه الصغيرتين من راسك حتي اخمص قدميك قبل ان يغوص بجسمه الضخم وصلعته اللامعة ويختفي داخل عربته الصغيرة.
.صعقت عندما صفعتني صورته بالفيس. داهمت حسابه علي جناح السرعة بطلب صداقة حصنته مسبقا برسالة قصيرة : يا استاااااذ سيكون لنا عظيم الشرف.
لم استلم منه قبول الصداقة فقط بعد ثواني...بل حزمة لا حصر لها من البوستات..اشعار لنزار قباني وصور لنانسي عجرم ودعوات للعب بالمزرعة السعيدة. ما من بوست انزلته الا وعلق عليه ب.. لايك.
جمعنا الطريق صباح اليوم فافردت ابتسامة عريضة في وجهه واندفعت نحوه محييا- -نظر الي شذرا وغسلني بعينيه الصغيرتين الشريرتين وحدجني قبل ان يختفي في العربة الصغيرة و يطلق نحوي قذيفته الداوية بلكنة مصروسودانية: قال فيس...قال
--
هذا ماكان, بعض من فعل الطاقات يا اصمعى طاقة تبدأ فى دائرية الارض فقط حين يعرف الانسان ماذا يريد, من هنا فقط يكون للوجود قيمة, هى ليست سوى طاقة لافراس البحر!!
هذا وسكة القطر تنتظر هدير اقدام بلد كان مليون ميل مربع, قطار وسفر ينتظر لهفتى عن كيف ستكون فعالية هذا المساء عن مشروع قديم يدور الآن فى اربع ولايات فى النمسا: نحن والآخر, بناء سياسات للتنوع من وجهة نظر متباينة. فكرة امرأة لا اشك مطلقا فى جنونها وضجيجها وقلقلها.. امرأة سُميت
اشراقه
وتسميها انت – طاقة-
اليست الكتابة اليك.. اليكم.. اليهن طاقة يا أصمعى... طاقة إنعتاق؟
لست الآن سوى ريشة يخف وزنها نحو ريح العطاء.. لست سوى عنقاء, لست سوى امرأة تقطف حبات الفول فى حقل بعيد... لست سوى زولة الله فى بلد الله... وكل البلاد بلاد الله!
--
كتب جديدة لاشراقة
....
تضحكُ حبيبتُهُ من الْغَبينة وتقطع الْكهاربُ في الشّوارعِ}
وضىّ الْحبائب..{
هلْ ستبكينني حينَ أموت ؟
ام ستكونُ مشغولًا بنبضِكَ الَّذي روماه دَربي؟
ماذا يُجْدي ؟
دعْكَ الآنَ منْ لَهْوي بعذاباتِ الْوَحشةِ وقلْ لي كم ستبكيننى.. ؟
لا تَقُلْ لي : لا أحَد..
ليسَ هناك أحد ...
كان لي أن أدّخِرَ في مُقلتيْكَ من دمعي..
كنتُ سأنامُ في سلامِ دمعاتِكَ... حُلْوَةً في عينيْكَ ياقوتةَ ليْلي..
صدّقني..
كما لَمْ أُصدِّقْكَ حين قلتَ أنّ ما حدثَ مِنِ ارتجاجاتٍ في الْجرْحِ
محضُ رَعْشَة) هذه اجواء كتاب(طقوس العطش) للشاعرة والكاتبة السودانية اشراقة مصطفي المقيمة بالنمسا, والتى ستدفع به للنشر خلال خلال الفترة المقبلة , كما ستدفع ايضا معه بكتبابين (( أنثى الأنهار- قصة الملح والدموع والعزيمة) الجزء الاول والذي تحكي فيه تجربة كفاحها وعزيمتها هذا الى جانب كتاب (وللدانوب وجوه أخرى) بالالمانية. والذي سيصدر عن دار( ريناتا روولفينكى) وتعد اشراقة مصطفي من الكاتبات اللائي فتحن افقا واسعا للكتابة السودانية حيث كتبت عنها العديد من الدراسات النقدية كما ان لها حضورا لافتا في المنابر الثقافية وكذلك المنابر المهتمة بحقوق الانسان, واشراقة تعد ضمن قلائل استطاعوا ان يعبروا عن قضايا مجتمعهم بقوة وادراك , لذلك تم الاحتفاء بها في الكثير من الوسائط والمنابر , الاوربية
وفي سؤالنا لاشراقة عن امكانية وصول الكتب الى السودان قالت:
اتمنى ان تصل كتبى للسودان ولكن السؤال يظل معلقا على بوابة لجنة اجازة النصوص؟!! حين اكتب بالالمانية لاتكن هناك لجنة الا فى حالة تقييمها من ناحية فنية حتى يتم اتخاذ القرار بمنحى منحة تحفزنى للمزيد من الكتابات.
--
مشاركات واسعة في إحتفالات الخاتم عدلان
إحتفل مركز الخاتم عدلان للإستنارة والتنمية البشرية بمرور الذكرى السابعة لرحيل المفكر الخاتم عدلان حيث بدأت الإحتفالات مساء الاثنين 32 أبريل الجاري، وذلك بمشاركة عدد من أصدقاء الخاتم وذويه، كما قرأ الشعراء أزهري محمد علي ومبارك البشير والوفي مصطفى عدداً من أشعارهم، وفي نفس الليلة غنى الفنان عبد اللطيف عبد الغني.
أما مساء الثلاثاء فقد قدمت مجموعة التبر الموسيقية عدداً من المقطوعات بقيادة الموسيقار د. كمال يوسف. وأمسية الأربعاء شهدت تقديم مسرحية وطن أو وطن والتي قدمتها مجموعة الورش الجوالة المسرحية.
اما مساء اليوم الخميس فنشهد تدشين (اليوم شملة كثيرة) لكورال فضاءات محايدة والتي يقودها الموسيقار علاء الدين السنهوري.
تختتم الفعاليات مساء السبت 82 أبريل الحالي لعرض فيلم وثائقي عن حياة د. أمين مكي مدني والذي سيكرم خلال هذا الإحتفال.
--
إتحاد الكتاب يفتتح داره الجديدة
فهيمة بلة
سيظل إتحاد الكتاب السودانيين منبراً حراً للثقافة والفكر ملتزماً بقضايا السلام والديمقراطية، هذا ما قالته بلقيس بدري نائب رئيس الدورة الحالية لإتحاد الكتاب بمناسبة إفتتاح داره الجديدة التي شاركت فيه عدد من الرموز السياسية الشفيع خضر - صديق يوسف - الصادق المهدي - منصور خالد - غازي صلاح الدين - وكمال عمر.
قرر إتحاد الكتاب أن يكرم محجوب محمد صالح ومحجوب شريف في يوم الإفتتاح وذلك للأدوار المهمة التي ظل يلعبها المكرمين.
هذا وقد شارك في الإفتتاح الفنان المسرحي سيد صوصل حيث قدم عملاً مسرحياً ، كما شارك أيضاً بالغناء الفنان عامر الجوهري وفرقة هيبان للفنون الشعبية، كما شاركت أيضاً عدد من دور النشر دار عزة، مدارك، مركز عبد الكريم ميرغني، كما قدم خلال الإحتفال الفنان المصور أيمن حسين عدداً من أعماله، اما الفنانون التشكيليون فقد شاركوا بعدد من أعمالهم أيضاً.
--
على الزين النهار الذى لايغيب
ربيع عبد الماجد
على الزين محمد ... فى حياتى هوأحد الذين إستوقفونى جداً... وأنت حقيقة لا تملك سوى أن تتوقف عنده إذا ما أتيحت لك فرصة التعرف عليه ... فالرجل يملك مساحات شاسعة من الإلفة وقدرات عالية فى الحب للناس الأمرالذى يجعلك لا تستطيع أن تغالبه أو تهرب بجلدك من فكرة التعرف عليه أبداً ...
... تعرفت علية فى منتصف الثمانينات فنانا نشطاً وذو رؤية واضحة ومحدده ... معتمدا على أعماله الخاصة ... مصادماً لقرارت لجان النصوص والألحان فى مبانى الإذاعة والتلفزيون ... لاتفتر همته وقتما عرف بأن لجنة النصوص قد رفضت له نصاً... ولا تنكسر عزيمته كلما رفضت له لجنة الألحان لحناً ولست بمبالغ إذا قلت بأنه كان الفنان الوحيد وقتها الذى لم يرعوى أبدا فى أن يبذل كل جهده فى إيصال صوته ... لكن وبرغم كل هذا الجهد الذى أعتقد بأننى لم أفلح فى نقله لكم كاملا ... أستطيع أن أقول وبكل أسف بأن هذه اللجان . وأعنى لجان ( النصوص والألحان ) هى نفسها التى قتلت الكثيرجداً من الأعمال الغنائية المتماسكة جداً للأستاذ على الزين ومنعتها من الوصول إلى الكثيرمن المستمعين والمشهادين على السواء والقصة هنا تطول جداً وفيها كثيراً من الذكريات التى لا تسر ...
فرقة ألحان بنادى الإتحاد البحراوى
...كانت فرقة ألحان هى رد الفعل الإيجابى جدا الذى إتخذه على الزين بعد كل هذا العنت الذى واجهه من ممارسات لجان النصوص والألحان ... فأسس بنادى الإتحاد البحراوى فصلا لتعليم الموسيقى ومن هذا الفصل قامت فرقة ألحان والتى إستطاعت أن تنافس فى مهرجان مراكز الشباب للغناء على مستوى العاصمة القومية ليحرز الأستاذ على الزين المركز الأول وربيع عبد الماجد المركز الثانى وسبت عثمان فى المركز الثالث وكنا ثلاثتنا من فرقة ألحان بنادى الإتحاد البحراوى ... وقد خرج هذا الفصل رموزاً لهم مكانتهم الأن فى الساحة الموسيقية وهم الأن يسهمون بشكل إيجابى جداً...
... ... على الزين محمد هوخريج المعهد العالى للموسيقى والمسرح قسم الصوت ... وقد أتاحت له دراسته للصوت بالمعهد أن يتعرف على دهاليز الأداء الصوتى والموسيقى ويستفيد من كل ذلك الزخم فى وضع ألحان تتسم بالجرأة والدهشة ... وقد أتيحت لى عبر علاقة الصداقة التى نشأت بيننا منذ مايقرب من الربع قرن أن أتعرف على التفكير الموسيقى لعلى الزين وكما شرحت فى غير هذا المقام التفكير الموسيقى ببساطة هومجموع تلك السمات التى تميزالمؤلف الموسيقى عن غيره من الموسيقيين ... هذه السمات التى نعنيها فى علم التأليف الموسيقى تتركز فى قدره المؤلف على التعامل مع اللحن وكل دهاليزه من بناء للحن ... إلى كيفية تنمية هذا اللحن وتصريفه بإتجاه مسارات الإدهاش وليس العاديه ... والقدرة على تصريف تشكيلات الإيقاع ... والإستفادة من علوم الموسيقى من هارمونى وكاونتر بوينت وعلم ألات ويسهم كل ذلك فى إيجاد تلك البصمة التى يمكن أن تحدد شكل التفكير الموسيقى لإى مؤلف موسيقى ...
... على الزين إستطاع أن يكون لنفسه تفكيرا موسيقيا يتسق جدا مع ما أتيح له من معرفة موسيقية ... وأستطاع أن يفرد لنفسه نفسا خاصا تميز به عن غيره ... ويمكن القول بأن على الزين إستطاع أن يحاور كل مفردات التفكير الموسيقى الناضج جدا وبشئ من الجرأة التى تجعلنى أشفق عليه أحيانا من حملة المعاول الذين يرون فى كل جملة لحنية جديده خروجا ويرون فى كل لحن لم يحمل سمات أغنية الحقيبة هولحن مردود ... وكل لزمة إتخذت شكلا جريئا هو سفسطه لحنيه ...
... إختيارات على الزين لنصوصة تنم عن وعى كبير لما يريد أن يسهم به على الزين فى فضاءات الأغنية السودانية ... وهو جرئ جدا فى تحديد نصوصه ولا تخيفه تهديدات تصنيفات البرج العاجى لأنه يعرف جيدا لمن يوجه خطابه الفنى وكيف يمكن لهذا الخطاب أن يكون مؤثرا .
... وأنا أقوم بتوزيع بعض أغانيه وتحديدا أغنية طير البرق إستفذنى جدا التفكيرالموسيقى لهذا الرجل الفنان ... ووجدت نفسى أمام عمل أمتعنى فيه توفر تلك اللحنيه السودانيه العالية لنص مكتوب بالفصحى للشاعر مظفرالنواب .. وما أدراك ما مظفر النواب وفضاءات نصوصه الشعريه ليأتى اللحن فى سياق سودانى لا تخالطه أى تصريفات خارج هذا النفس الذى ساقه إلينا على الزين ... ووقفت مندهشا للقدره الكبيرة التى يتمتع بها هذا الفنان وتزكرت وانا أبدا فى توزيع هذه الأغنيه بأنها سوف تشارك فى مهرجان لحقوق الإنسان فى القاهره دعى له الفنان على الزين فزاد وجيب قلبى ... وأنا أقف أمام لحن بهذه الدسامه كيف لى التعامل معه ولأنى أخاف جدا من ضياع تفاصيل الألحان الجميله أعتقد بأنى مازلت لم أقنع بتوزيع هذه الأغنيه .
... زخه يامطره ، أهى الخرطوم ، الغزاله ، وكثيره هى الألحان التى تصيبك بالدهشة وتسرى بك إلى حيث لا أمنيات تخيب ولاكائنات تمر... التحية لهذا الفنان المجيد الذى يعكف الأن فى مركزة ( مركز على الزين الثقافى للفنون ) وبصمت ودون ضجيج بالإتحاد العام للمكفوفين وهو يواصل رسالتة فى إعداد جيل واعى لماهية دور الفنون فى حياتنا ....
--
طاقة الكتابة فجت دربها فى صحراء بيوضة ونهضت بىّ
الأثر الصوفى فى قصص الكاتب محمد حمد محمود
محمد حسن رابح المجمر
مواصلة فى البحث داخل صفحات آندية القصة القصيرة جدا بالشبكة العنكبوتية ، نتوقف مليا هذه المرة عند واحد من كتابها المجيدين عبر (تيمة : الأثر الصوفى ، بمفرداته ومضامينه التى تحيل على التلاشى فى النص الأكبر ) ، القاص محمد حمد محمود ( خريج جامعة الخرطوم ، كلية الهندسة ) ، والذى تتجلى فى كتاباته الكثير من الآخيلة الزاحفة بعيد بعيدا جدا فى الماوراء هناك خلف (حجب الرؤية ) لتتمترس نصوصه خلفها عصية على الإنفتضاح فى هذيان|ترجمة درويش ضاقت مفردته فإنجرف وراء (الضوء الذى آنسه نارا قبل مسيرة يوم ) ، طى المسافات ، إجترار آداب الصوفية العميقة الغور فى دورة الآزمنة السحيقة وتجددها ، فكانت نصوصه قادرة على التعبير عن كل ذلك بالرغم من إختلاف الآجناس الآدبية ، ولإرتباط مصادر السرد عنده بالتراث المتناسل من نصوص دينية كبيرة ، كانت الفكرة واضحة لكنها وحينما تتلبس (بجبة الصوفى السائح ) تلتبس وتغيم الرؤية ، فهل ستعطى كما الآغنيات الصادحة والمدائح الباذخة أسرارها ؟.
معارف نورانية شفيفة تنسجها اللغة فى سرد لامبالى مثل (ترجمة درويش )
محمد حسن رابح المجمر
نص قصة (وإنقصم اللوح )
لكى يستوطن النص فى مكان ما يلزمه زمنا محدد ، وفى الآثر الصوفى تصبح عسيرة مهمة الناقد حينما يتعمد أن يؤسس لهذا المكان الذى تدور عليه الوقائع إلا من خلال العلامات والكلمات المفتاحية التى ينثرها القاص هنا وهناك ، وفى هذه القصة :-
(.. زخرفتُ يفاعي بلوحٍ وطفقت أتسول
(المابدينا الشرافة بالعقرب النتّافة)
أمي زخرفتني خضيباً ختيناً مضمّد الأيرْ
تسولتني البلاد بحورها العين وسورتين
رفعتُ ضمادتي بهامتي وعصبت تفكيري
إنقصم اللوح بثقل حبر الوثائق
صار قلبي ضمادةٌ نازفة ..).
جاء الزمان يافعا ، تاريخ غير رسمى لمجتمع تبدأ فيه المعرفة من (الكُتاب ) أوالمسيد ، ليكون بطل القصة قد عرف طريقه نحو الحياة وهو محمولا عليها ، وإستخدام القاص للعبارة المتواترة (المابدينا الشرافة بالعقرب النتّافة) هو المفتاح لقراءة مقلوب النص ، إستحضار الخبرات المكتسبة فى الطفولة الباكرة فى ذلك المكان البعيد ، تجير مكانا آخر وتوقظ فيه ذلك الإحساس العميق بالإنتماء لشىء هو بالضرورة أكبر من الجغرافيا ، الوعى المبكر بالذات وهى تدور فى فلك الذات الإلهية مستشعرة قيمة الوجود عبرها : الإيمان بالله ، ثم الوطن ، إضاءة باهرة لمفهوم عن التربية ، يصوب سهام نقد حادة لواقع كان تجاوز كل شىء ، لتكون النتيجة خواء القلب (الروح ) مقابل عالم مادى لايستطيع الفرد البسيط ومن غير سلاح ماض (الإيمان ) أن يواجهه .
نص قصة (نقارة الحب )
ومن نفس العمق التراثى البعيد الغور تستدعى ذاكرة السرد صراع المتصوفة مع أهل السلطة ، لكنه هذه المرة متجذرٌ فى الثقافة الشعبية بالسودان ، بمايشبه كتابة التاريخ (بالدواة واللوح ) فى صفاء وشفافية عالية :-
(..البرامكة يُنضجون المِزاجْ بأثافي اليقين
ويرحلون صوب الحَواكر بخوارٍ حميم
(ااحّْمر آود أبوك مجبوط وماك مرحوك)
رقصت الحرب بنُقّارَة الحب
فزِعتْ الأغاني كنعامة
ودفنت أكوابها في الرماد..) .
لتكون عبارة (آثافى اليقين ) مثل مبطلات الصلاة تماما ، كيف يبطل الإيمان ؟ .. لتكون القيمة الأخلاقية العليا (للمثل الدارفورى ) ، فى أن الدين أرفع من يطوق مساحات المعرفة فيه (لون أو عرق ) ، وإنما الصدق فى الإيمان هو الذى يفعل ذلك ، خطاب نقدى قديم عرفته تلك المجتمعات التى إختلط فيها (صوت إمام المسجد بصوت العسس ) ، فإستمسك (أولئك الأتقياء ) بحبل الإيمان المتين ويتذكرون فى كل حين (كيف تهزم الأمم ؟ : حينما يذهب مترفوها نحو الفسوق ) ، ولإرتباط هذا النص بالموروث الدينى والثقافى فى مجتمعاتنا المحلية فإن القصة جاءت هنا وهى تحمل بصمة ثقافية متميزة ، برأيى ظلت تبحث عنها كتاباتنا السردية لزمن طويل ، وهنا تحضر إبداعات الروائى الكبير إبراهيم إسحق لأن السباحة الأن تحدث وتتحقق فى بحر سرده العميق .
نص قصة (لا أحد أنا ) :-
اللاشىء ، العدم ، مقابلات الوجود والبقاء فى الذات العلية ، شكل من أشكال التعبير (فى الحياة اليومية السرمدية للمتصوفة ) ، فحينما تدرك بأن شىء هنا ، وأنك تعرف فقد إنتهى كل شىء لأن الغطاء يكون قد (إنكشف ) وذهب كل شىء للعدم لأنك (ميت وهم ميتون ) :-
( انا لاشىء... قلتها بمطلق الصمت
عوّت روحي من جبل بعيد..غضّ خوفي السمع
تأكدت من كوني لا احد .. ونمت ..).
بالرغم من أنها تبدو هنا العبارات المتجانسة بكونها منطوقة همسا ، كحديث داخلى (مونولوج ) إلا أنها تكرس فكرة الصوفى| وفى الغالب الإنسان العادى بخصوصيته الثقافية التى تحيل عليها القصة فى خلواته الخاصة ، بأن يكون ذكر الموت فى حد ذاته (عبادة قائمة ) ، وقد ترحلت من الثقافة الشعبية بلغة القاص محمد حمد محمود لتصبح ومن خلال رؤيته السردية المتماسكة فكرة أخرى عن هذه (اليقظة الدائمة فى القلب الذى تحدثه النفس اللوامة بفناء الحياة إن آجلا أو عاجلا ) ، فكانت القصة بالرغم من (حواريته الأحادية الصوت ) عميقة لأن الأخر هو (الله عالم الغيب والشهادة ) ، والإشارة اللطيفة (غض خوفى السمع ) بتكثيفها المذهل ، كانت قد قالت كل شىء (يسمع الجهر ومايخفى ) .
نص قصة (زوايا عديدة ) :-
وهنا تكون اللغة هى اللاعب الرئيس فى (دائرة السرد المضيئة ) فى فناء (ضواحى الروح ) ، الواقعة البسيطة التى تحولت لمايشبه الكونى فى توصيف حالة الإنكسار النفسى حينما تتماسك الذات المنهزمة بعودتها للإيمان ، وتورد التفاصيل الدقيقة لمشهد الإنكسار فى العبارات – المترددة فى توصيف حالتها البائسة – الحب وأشياء أخرى :-
( تهشم الموعد إنتظرتها في الشظايا ... لذا استطعت رؤيتها من زوايا عديدة
وبصبر نحات جسور أوصلت الأبعاد .. حصلت علي الشكل المكتمل
عندها صوبت إزميلي في الفضاء وتلهفت رجوعه ليدي
، وقعت أسفل الشكل
- الحب لم يعد أعمي- أتبعتها - ولم يعد هناك حب..).
إنتقالات الواقعة| الحدث القاسى على النفس ، تهشم المواعيد وغياب الحبيبة كانت متسارعة وبطاقة تفجيرية هائلة ، شبه القاص محمد حمد (إنشطار المواعيد بتهشم المرآيا ) فكان إنتظاره فى (الشطايا ) ، تعدد الزوايا ، يعنى فى قراءة أولية تعدد الأصوات (التفسيرات ، المبررات ) ، سقوط الفكرة برمتها فى المفارقة جاء حاملا نفس ذات (الخطاب الصوفى ) الزاحف نحو ذلك العدم الموسوم بالنجاة فى كون آخر (اللاشيئية ) تكون مبرره الذى إكتفى به حين السؤال ..لكن كيف كان ذلك ، هذا ماتركه للقارىء فى قراءته المحتملة دون مصادرة لهذا الحق الأصيل .
نص قصة (أسئلة ) :-
وتكثر فى آدب المتصوفة وكذلك فى محاوراتهم التى تكون الغالب الأعم حوارات داخلية تلك الأسئلة التى لاينتظرون لها إجابة مطلقة ، لأن إكتشاف (أن المرء جاهلا ، يعد نصرا كبيرا فى أعرافهم ) ، فلاشىء يستقر على حاله ولا تترجل خيولهم عن البحث فى بيداء الروح مخلفة ورائها جسد منهك ومثقل بالتباريح والجوى فى ليل يرخى سدوله :-
(.. تمّرغ الليل بإشعاع ثغر
وتحفي حين صرخة
مُشيحة كعظم شليل العضير
نسائلها كطفل يتلمظ المعالم
وماهو الوعي؟
تشهر من محجريها حفنة بذور
وماهو الحدث؟
تغطي القدور لتتكثف الشموس
وما هو القلب؟
تحبل بالنواح..).
أسئلة الوعى والحدث والقلب ، ومن قال أن النص الدينى الكبير – القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة – تنفصل أو تنفك عن مصادر السرد الرئيسة فى بنية وعى الكاتب ؟ .. هى الأسئلة نفسها التى وقفت أمام كل (المرسلين من لدن أقوامهم ) : يسألونك عن الروح ؟ .. لم تأتى القصة هنا كصدى لذاك الصوت القادم من الأبدية وإنما تحركت فى حداثة ظاهرة (لتأكيد صيرورتها ) مادامت الروح يقظة والقلب واجف فى عالم يتغير ويتبدل بين ثانية وأخرى ، وتتشابه هذه الفكرة مع (فضاءات الكتابة النثرية لشاعر السودان الكبير التجانى يوسف بشير ) فى صوفيته المتعمقة والتى لاتخظئها الأذن هنا فهى تسمع وبوضوح كاف .
نص قصة (قريبا جدا منى ) :-
وبطريقته الخاصة فى صناعة الذروات التى تبدأ من التلاشى وتنتهى فيه مثل معادلة صفرية مثلما تبدأ تنتهى ، وهناك علاقات ما تربط آداب المتصوفة بشكل عام بالإشارة (للأعالى ، السموات ، الكواكب ، التلاشىء فى إنكسارات الضوء النهائية ) :-
(..عالياً عالياً كإيقاع منزوع الكابح متطّرف اللحن ترتجُّ إتزانتي،
الشجرة حولي يمتد إخضرارها يدثّر اجساد العابرين مثلي .
الايقاع يعلو مازجاً تسارعه بهمهمات وايقاع نحاسي آخر،
ثمّ كنشوةٍ معتّقةٍ ومنفلتة أصُعدني كحُلمٍ بهيج الغرابة والخوف
صِرتُ _بعيدا جداً عني، _قريباً جداً مني،.... أوشكت أوشكت أن أكونني
لو لا ذلك المعتوه جدي يوثقني جيداً بجزع شجرة يقينه..).
وهنا ظهرت الترجمة (هذيان الدرويش فى غمرة الذكر ) ، بتجلى ظاهر : (المعتوه جدى ..الخ ) ، الحالة الكلية التى لايجيد وصفها والإنغماص فى تفاصيلها إلا من كانت بيده (تلك الألواح المسودة بالكتابة مكسرة الحروف فى أول عمره بالكُتاب ) ، حيث إرتفعت الرؤية بإستدعاء ذلك القاموس الفريد (الإيقاع يعلو ، النشوة المعتقة – المسك المختوم والروائح المبهجة للروح فى لهاثها نحو الثبات فى أحد أركان الرؤية متعددة الزويا ) ، وبالتعبيرية الراقية | المرتقية لمصاف الجذب (بمايبعث فى الذاكرة قصائد الشاعر المتصوف الأكبر محمد المهدى المجذوب ) فى نار المجاذيب فى قوله ( بعيدا جدا عنى ، فريبا جدا منى ) ، والشرح يفسد متعة التأمل هنا .
قطعا ، لم تنتهى قصص الكاتب محمد حمد محمود لأنها ممتدة ومتناسلة من مصادر سرد غير متناهية حتى على مستوى الرؤية ، وتارة يعجز المرء عن تتبع ذلك الخيط الشفيف الذى يربط بينها والتراث الدينى والثقافى فى السودان لحداثتها وتمكنه من صقل عباراتها والذهاب بها فى إتجاه (تقوية المضمون ) بالتقوية الحكيمة فى اللغة نفسها ، وبقدرما كنت محتفلا بهذه النصوص ، أنا منجذب لعوالم القاص محمد حمد لأنها تبعث وبحق على يقين زعزعه الشك فى نفوسنا التى تنزع نحو طمأنينة غالية .
--
الشاعرة وفاء فرح في نادي أصدقاء الكتاب
فهيمة بله السيد
نظم نادي أصدقاء الكتاب باليونسكو ندوة حول تجربة الشاعرة وفاء فرح، حيث قدمت الندوة مهدي آدم، والذي أشاد في حديثه بتجربة الشاعرة، وقرأ عدداً من نصوصها، كما تحدث أيضاً الناقد أبوعاقله ادريس والذي وصف شعرها بإنه عميق، كما أشار إلى قدرتها على قراءة النصوص الشعرية.
وفي حديث خاص (الوطن) مع الشاعرة قالت بإن تجربتها بدأت منذ مرحلة الدراسة الثانوية وتطورت عبر مشاركاتها في الجمعيات الأدبية، وهذا ما أتاح لها الفرص لأن تشارك في عدد من المنابر والمنتديات الثقافية، مما اتضحت تجربتها أكثر تساهماً مع آخرين في رفد المكتبة الغنائية بعمل غناه الفنان صباحي ومنال بدر الدين اما عن إصدار كتاب لمجموعها الشعرية فقد قالت بإن تكلفة الطباعة والنشر حالت دون أن تصدر كتاباً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.