{ استضافني تلفزيون ال«B.B.C» من لندن مساء أمس الأول عبر الهاتف للتعليق على خبر توقيف الشرطة السودانية لمجموعة من الشباب عارضي الأزياء عقب تنظيم حفل خاص بعرض الأزياء النسائية والرجالية بصالة النادي العائلي بالخرطوم. { وكان سؤال المذيعة لي كالآتي: ما هو التجاوز في القانون.. عندما يقوم شباب بعرض أزياء.. أليس هذا انتهاك للحريات العامة والشخصية في السودان؟! {وقبل أن أجيب على السؤال، كان قد تحدث من الاستديو قبلي أحد المغمورين من نشطاء حقوق الإنسان لا أذكر اسمه وقد أرغى وأزبد، مؤكداً أن القبض على الشباب مخالف للقانون، بل إن القانون نفسه مخالف للشريعة الإسلامية، وأن الحكومة قد تعوّدت على كبت الحريات وانتهاك حقوق الإنسان... و.. و...! { وعندما حان دوري قلت: كنت أتمنى أن يكون الحديث عن تجاوز القانون أو انتهاك الحريات في قضية أكثر جدية من هذا الموضوع.. وببساطة فإن هؤلاء (العارضين) الجدد قد انتهكوا القانون لتقديمهم عرضاً (مختلطاً) بين الجنسين، فعندما يحصل أي مواطن على تصديق من شرطة أمن المجتمع (بالمناسبة أنا ضد فرض رسوم على التصديق) لإقامة حفل زفاف مثلاً فإنه يجد جملة من التحذيرات مطبوعة على ورقة التصديق من بينها: (عدم الاختلاط بين الجنسين، وعدم السماح بالرقص المختلط)، والأغرب أنك تجد تنويهاً آخر مفاده أن: (الحفاظ على الأمن مسؤولية صاحب المناسبة)!! وهذه لم أذكرها على أثير الB.B.C» حفاظاً على سمعة السودان!! { ومما لا شك فيه أن (الاختلاط) بين الجنسين رقصاً.. أو عرضاً لأزياء.. يُعدُ مخالفاً للشريعة الإسلامية.. أما عرض الأزياء (الرجالية) من شاكلة (الأردية)، و(البرمودات)، وربما لاحقاً (الشورتات) القطنية، بحضور سيدات مجتمع وآنسات محترمات (بنات قبائل) فهو من أسوأ المخالفات للعادات والتقاليد السودانية، دعك من الشريعة الإسلامية.. ودولة المشروع الحضاري. { المهم أنني أقنعت المذيعة وعدداً لا بأس به من المشاهدين حسب ظني بأن (حفلة الأزياء) الفضائحية كانت مخالفة للقانون، فالسادة الإنجليز والعرب في هيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية يهمهم القانون، ولا تهمهم الشريعة الإسلامية.. وقد استفدتُ في مرافعتي من خبر نشرته (الأهرام اليوم) غداة توقيف (المتهمين) يحوي اعترافاً من أحد العارضين بأنه (ندمان)، و(سافي التراب) على مشاركته في تلك المسخرة..!! { المشكلة أن العرض لم يكن محصوراً على عرض آخر صيحات «الجينز» و(البرمودات) على السيقان الرجالية (المثيرة).. بل كان أيضاً فرصة ذهبية لاستعراض فنون (الميك آب) من «أحمر الشفاه»، إلى «الكحل» و«الظلال» على وجوه رجال السودان.. الذين غنَّت لهم جدتي لأبي «زينب بنت بابكر ود ضحوي» قائلة: (أنا ليهم بجر كلام.. دخلوها وصقيرها حام.. سِم أب درق الجدادي.. تكل الجدري البعادي..) أو الذين قالت فيهم جدتي «النوَّر بت بابكر»: (يا بنية جُرِّي الكلام للأسد الما بنضام.. أبوي مما تبَّ قام.. أبوي قدحو سبق السلام..).. و(يا بنية جُرِّي القدح.. للأسد الما انفضح.. أخوي مما قام قرح.. وبحر المالح طمح).. { وبعد.. فإن ما قدمه أولئك العارضون (المتفلتون) على ديننا وقيمنا وأخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا.. لهو محاولة أولى.. و(جس نبض) من السادة (الماسونية) فرع السودان، ليتباروا من بعد ذلك على عرض (الشورتات) وسط بناتنا وأخواتنا باسم الحداثة والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان..!! ثم يخرجون علينا من بعد ذلك مطالبين بحقوق (المثليين) جنسياً..!! { لماذا تمنع الحكومات والبلديات الأوربية إذن بناء المساجد في الشوارع الرئيسية في «لندن»، و«باريس» و«برلين» وغيرها..؟ ولماذا يمنعون رفع الأذان عبر مكبرات الصوت؟ أليس للمسلمين بالملايين هناك من حقوق؟! { بالمقابل.. فإن للمسلمين في بلادهم حقوقاً.. وقوانين.. وأعرافاً وتقاليد.. ينبغي أن تُحترم.. بالله عليكم.. هل انتهت كل مشاكل البلد.. وتفرغنا لعرض الأزياء الرجالية في بلد يعيش فيه ملايين الجنوبيين عرايا..؟! { عزيزتي الدكتورة مريم الصادق المهدي: بلادنا مقبلة على تقرير مصير بعد (6) أشهر.. وأنتم تدافعون عن حق هؤلاء (الغرباء) علينا.. في وضع المساحيق ولبس (الأردية) بالنادي العائلي ..؟! { يا حليلك يا (صلاح يس).. بل يا حليلك يا الخليفة (ود تورشين)..!!