{ وجدت عبارة لله في خلقه شؤون تجري على لساني دونما انقطاع حتى كاد ريقي أن يجف يوم أن علمت أن شقيق صديقة لي دخل المشفى بفعل انهيار عصبي حاد لأن خطيبته «وفاء» منحته «شاكوشاً» جامداً وهي ترمي وراء ظهرها سنوات خطوبتها الطويلة مع أول عريس (مريِّش) دق بابها. { وظللت أسال نفسي وأسال من توهمت أن لديه بعضاً من فلسفة في الحياة وشؤونها: هل يمكن أن يكون الإنسان نقيضاً لاسمه؛ يعني «وفاء» تكون مضرباً للخيانة ورمزاً لفض العهود والوعود وهل الشخص تتلبسه صفاته وأمزجته منذ ميلاده أم من يوم عقيرته فإما أن يكون اسماً على مسمى أو اسماً على نقيض. { وأصدقكم القول إني من يومها صرتُ مولعة بمراقبة ومقارنة الأسماء بحامليها، فوجدت أنك تجد من اسمه جميل وهو في سحنته يشبه.... وللاّ مافي داعي خلوها بالنيّة، أو تجد من اسمها عبير وهي أرق من النسيم وأجمل من العبير الفواح. { وعلى هذا المثال تعالوا نقيس على أستاذي «نبيل الغالي» هذا الرجل الذي أستطيع أن أقول إنه جميل وفي تبسمه «نبيل» حين تلقاه؛ إذ أنني ورغم أني كنت أعرفه من خلال كتاباته، وهي أصدق طريقة لتعرف دواخل من يكتب، إلا أنني بعد أن قابلته وجهاً لوجه وجدت نفسي فاقدة للفراسة وللنباهة؛ إذ أن الصورة التي كوّنتها عن «نبيل» هي أقل بكثير من الحقيقة؛ فالرجل شفيف لدرجة الإبهار يملأ المكان حضوراً وإشعاعاً رغم أنه لا يستخدم الصوت العالي لذلك وسيلة أو طريقة لكنه يؤكد حضوره موقفاً بل مواقف. { و«نبيل» عندما تتمعنه يتأكد لك أنك تنظر إلى واحد من جيل العباقرة والعمالقة؛ إذ أنه ينصت أكثر مما يتكلم وإن تكلم يوجز لكن في إيجازه براح ومتاح لخيالك يحملك حيثما تشاء، لذلك لم أستغرب أو أبحث عن مسببات لتكريم هذا النبيل، بل أنني قلت له إن هذا التكريم قد تأخر كثيراً لأن أمثال نبيل لو كانوا في بلد آخر لكُرِّموا صباح مساء وبرضو نشعر أننا مقصرين. { لكن أن تجتمع قبيلة المثقفين والمبدعين تحت سقف واحد للاحتفاء به فهو مجرد ملمح مما يحمله هذا الشعب الجميل لمبدعيه وهو ملمح آخر إلى أننا أخيراً انتبهنا إلى أن مقولة: «إن شاء الله يوم شكرك ما يجي» هي مقولة معطلة ومحبطة لأننا نريد أن نشكر الناس في حياتهم ونجعلهم يتباهون بعطائهم أمام أبنائهم وأسرهم وأولى القربى. { لذلك ازدادت سعادتي ونادي القصة يحتفل أمس الأول بالنبيل غالي بل ويطلق اسمه على جائزة يتبارى عليها الكتابون والقصاصون. { وزادت سعادتي أكثر وأنا استمع للأخ الوزير السموأل خلف الله وهو يعد بمنح قطعة أرض للنبيل غالي؛ لأنه بهذا تكون الدولة والوزارة قد وضعت يدها مؤخراً على موضع الألم وتحسست مكامن الوجع لدى المبدعين الذين إن كان مخاض الكلمة أو خبطة الريشة وصراع الألوان يقتلهم مرة فإن شظف العيش وتوفير احتياجاتهم كبني آدمين يأكلون الطعام ويسكنون البيوت يقتلهم ألف مرة. { فأبدأ أخي الوزير عهدك إن أمكن بحرب ضروس من أجل توفير (مدينة الفنون) لتخصص فيها أراضي بأكملها لقبيلة المثقفين إسوة ًبمدينة الصحفيين أو أي كيان اجتمع على قلب رجل واحد ليحل قضاياه ومشاكله. { في كل الأحوال أقول إن تكريم الغالي هو تكريم شمل كل أهل القصة بل وأهل الصحافة والجائزة التي خُصصت باسمه أتمنى أن تحرّض على تخصيص جوائز أخرى تحمل أسماء مبدعين كُثر. { فلنجعل جائزة باسم محمد المهدي المجذوب والتجاني يوسف بشير ولنخصص جائزة باسم خليل فرح وعائشة الفلاتية أو جائزة عثمان حسين وأخرى نجعلها مزاراً للتنافس باسم جائزة أحمد عبد العال وغيرها وغيرها من الجوائز التي تحرض على الإبداع وتذكر هذا الجيل أن المثقفين لم يلعبوا فقط دوراً معلوماً في وجدان الناس ولكنه لعبوا دوراً مهمة على الخارطة السياسية والاجتماعية وهو دور مهم إن لُعب صاح أضمن لكم جيلاً (مفلتراً) خالياً من الشوائب وكاملاً من النقائص. { فالتحية لك أستاذي نبيل الغالي والتهنئة ليس على التكريم فقط ولكن على هذا الحب الذي شاهدته في أعين المحتفين بك ويكفي أنني بالأمس شاهدت معظم إن لم يكن كل طاقم «الأهرام اليوم» حضوراً جميلاً وسعادة مرسومة على الوجوه حتى لكأني خفت ألاّ تصدر «الأهرام اليوم» صبيحة الجمعة خاصة بعد أن شاهدت محمد الفاضل جالساً أو خالفاً كراعاً على كراع!! كلمة عزيزة { واحدة من الكلمات البليغة التي لفتت نظري كانت كلمة الأخ خليفة حسن بله التي حشد فيها كل ما يمتلك من موهبة وصنعة أتوقع وهو واحد من جيل الشباب أن يفتح أروقة لإبداعاتهم وعطائهم لتكون رافداً مهماً من روافد الثقافة والفنون، أرجو أخي خليفة ألاّ تخيب رجائي فقد راهنت عليك. كلمة أعز { أن يقول الأستاذ الفاتح الصباغ إن هنادي سليمان هي ظاهرة يجب الاهتمام بها شهادة تعادل مائة مرة نشرة العاشرة أخي ياسر عبد الماجد.