{ كل النساء يعلمن أن لخيانة الرجل وقعاً ثقيلاً وبشعاً على النفس، وربما لا يستطيع أي رجل أن يتخيل مرارة الصدمة والإحساس المريع بالذل الذي يجتاح المرأة، ويصبح الأمر أعتى وأشد إذا كان هذا الرجل زوجاً، اختارته هي بملء إرادتها ومنحته كامل الثقة والعطاء، فماذا تفعلين إذا اكتشفت خيانة زوجك؟! وهل يمكن أن تعيشي كالنعامة بحيث تدفنين رأسك في الرمال وتحاولين تجاهل الأمر، أم تحاولين معالجة المسألة من جذورها وتجاوزها؟ أم تفكرين في الهروب من هذا الواقع المرير؟ { كثيراً ما نسمع بقصص وحكايات عن الخيانة الزوجية، بعضها ينتهي بفضيحة وبعدها بصمت، وبعضها يبقى معلقاً حتى إشعار آخر، ولست هنا بصدد طرح موضوع الخيانة كواقع نقبله أو نرفضه، ولكني سأحاول التركيز على مشاعر المرأة التي وقع عليها فعل الخيانة، وأحاول أيضاً تقديم مبادرات للتصرف وفق ما أراه بوجهة نظر شخصية لا علاقة لها بالدراسات والبحوث والمنطق والعرف، وأقول للزوجة المكلومة بملء فمي: «لا تسامحيه»، لا تسامحي رجلاً ألقى بك خلف ظهره وطعنك في ظهرك، لا تتجاوزي الأمر من باب الحكمة والعقلانية أو لأجل عيني المجتمع والأولاد، فمن فعلها مرة سيفعلها مراراً. { وبغض النظر عن الطريقة التي اكتشفت بها الواقعة، وبعيداً عن محاولاته المستميتة لتبرير الأمر واستدرار عطفك من جديد، ورغم كل التبعات «لا تسامحيه»، فهذا رجل لا يستحق سماحك وعفوك وثقتك وتضحيتك وحبك، ولا حتى عشرتك ووفاءك. إن خيانته لك مهما كانت درجتها، ومهمن كانت غريمتك فيها، تطعن كرامتك في مقتل وتهز ثقتك بنفسك وتشعرك بعدم الاستقرار النفسي، إنها تجربة قاسية تولد فيك الألم والوجع وعدم الأمان، خصوصاً إذا عرفتها بشكل مفاجئ، وخير لك أن تعيشي عذاب الفراق من أن تموتي كل يوم وأنت تعانين من كل ما ورد ذكره، فلا تسامحيه.. { سيحاول هو الاعتذار.. ويتغير كلياً ليثبت لك أنه أصبح كما تتمنين، فلا تصدقيه، إنها خطة فطرية للتأثير على قرارك فلا تتراجعي عن قتله بأعماقك وهجره إلى الأبد. وسيقول لك الآخرون تعاملي مع الأمر بشكل عقلاني ولا تسيئي لمستقبل مؤسستك الزوجية التي تعبت فيها لمجرد نزوة من رجل هو في الأصل مفطور على الرغبة في التعدد.. فلا تسامحيه! { ساعدي نفسك.. وداوي جراحك بعيداً عنه، ولا تنتظري منه أية مبادرات لاسترضائك والبكاء عند قدميك على اعتقاد أن ذلك سيرضي غرورك ويريح نفسك المعذبة، فأنت بعد خيانته تشعرين بأنك لا تساوين شيئاً وهذا هو الثمن الحقيقي الذي ارتضاه لك فلا تنسي ذلك. تذكري دائماً أنه لم يقدر كل ما بينكما من مودة ورحمة وسكن وربما أولاد، وراح يركض خلف لحظات مسروقة وقذرة من المتعة أياً كان شكلها علماً بأن الخيانة لا تقتصر على تعريف معين لأن مجرد التفكير أو إطالة النظر والتفحص والمكالمات الطويلة المعسولة مع أخرى غيرك هي خيانة مكتملة الجوانب يعاقب عليها قانون الإنسانية. { وإذا فشلت محاولاته المنكسرة لاستعادتك، قد يلجأ (سي السيد) لاستخدام سلطاته الزوجية لاستبقائك إلى جانبه تذرفين دموعك وهو يرفع صوته أكثر في وجه أحزانك ليحبط ثورتك «فلا تسامحيه» ولا تخافي منه، ولا تعامليه بمثالية لا يستحقها، فالكل يعلم وأولهم هو أن تجاوز الأمر بسهولة وبشكل عابر أمر غاية في الصعوبة إن لم يكن مستحيلاً، فلا تظهري عكس ذلك وتجادليه طويلاً، ولا تطلبي منه أن يسرد التفاصيل ولا تبكي أمامه ولا تبكي عليه ولا تؤنبيه من بين دموعك، ولا تظهري له مقدار حبك الذي أهدره.. ولا تسامحيه! { لا شيء في الدنيا قد يخفف أوجاعك، لا الاعتذار المتكرر، ولا الكلام المعسول، ولا الذكريات الجميلة، ولا البيت الواهي، ولا الأبناء المساكين، لا شيء سوى إصرارك على عدم الغفران مهما كانت العواقب. فقد تسامحيه اليوم ليعود غداً إلى ما كان عليه من جديد وينسى كل معاني هذا الغفران وأهدافه النبيلة ويستكين إلى اعتقاده الجازم بأنك قليلة الحيلة غير قادرة على التنازل عنه أو نسيانه، ويستخدم هذا كسلاح دائم ضدك. فالرجل لا يعرف المعنى البعيد للتسامح، ولا حتى القريب، ولن يفهم وجهة نظرك الحكيمة في تدارك الأمر وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من البيت الذي ضرب - هو نفسه - أول معول في هدمه «فلا تسامحيه». { تلويح: سامحني غلطان بعتذر.. «بالله»!!