اليوم 19 يوليو.. الذكرى التاسعة والثلاثون للانقلاب العسكري الشيوعي الذي قاده الرائد هاشم العطا ولم يستمر سوى ثلاثة أيام عاد بعدها الرئيس نميري للحكم. وقبل الانقلاب كان اللواء نميري رئيساً لمجلس قيادة الثورة ورئيساً لمجلس الوزراء ولذلك وصفه الرائد هاشم العطا في 19 يوليو 1971م برئيس المجلسين.. وبعد عودة نميري للسلطة في 22 يوليو 71 وتحديداً في أكتوبر من نفس العام، أُجري استفتاء على رئاسة الجمهورية وفاز نميري وكان بذلك أول رئيس جمهورية في تاريخ السودان. ولم يشغل هذا المنصب الرفيع بعده سوى الرئيس البشير. وكان واضحاً منذ البداية أن حظوظ الرائد هاشم العطا وفرصه في الاستمرار قليلة، فالانقلاب شيوعي والغالبية الكاسحة ليست شيوعية والنظام الذي كان سائداً قبل الانقلاب الشيوعي لم يكن قد استكمل فرصته بعد، فقد كانت فترة حكمه سنتين وشهرين.. وكان اللواء جعفر نميري حينها لا يزال يحتفظ بشعبية جارفة داخل القوات المسلحة وخارجها. وقلنا ونعيد إن الرائد العطا نفَّذَ انقلابه نهاراً جهاراً عصر يوم 19 يوليو 71، وفي نفس الوقت فإن اللواء نميري عاد إلى الحكم بهبَّة شعبية وانقلاب عسكري نهاراً جهاراً عصر يوم 22 يوليو 71.. الذي سمَّاه المايويون يوم العودة العظيم وسمَّاه المذيع الراحل ذوالنون بشرى «يوم الرعب العظيم». وبالإضافة إلى الرفض الشعبي العسكري الواسع الذي تعرَّض له انقلاب الرائد العطا فقد كان لبعض العوامل الأخرى دور في تسهيل الإطاحة به.. فقد وقفت مصر منذ البداية موقفاً حازماً حاسماً صلباً إلى جانب الرئيس نميري.. وأيضاً ليبيا.. وكان لوجود اللواء خالد حسن عباس عضو مجلس الثورة وزير الدفاع والقائد العام خارج السودان عندما نفَّذَ الرائد هاشم العطا إنقلابه ولوجود قوات سودانية في قناة السويس وُضعت تحت تصرف اللواء خالد دور لا يُنكر ولقد وصلت هذه القوات إلى الخرطوم بعد عودة نميري إلى الحكم لكنها كانت إضافة ذات وزن ثقيل للقوى المعارضة للانقلاب. وكان مؤكداً لإنجاحها ومقدرتها على إعادة النظام المايوي الذي يقوده نميري وكان اللواء خالد أهم أركانه بعد الرئيس نميري، إلى الحكم. اليوم 19 يوليو الذكرى التاسعة والثلاثون لذلك الانقلاب العجيب الذي لم ينسه السودانيون قط.. وقال لي وزير سابق لعب دوراً خارقاً يوم 22 يوليو 1971م، إن الرئيس نميري في الأيام الثلاثة التي أمضاها معتقلاً بالقصر تعرَّض للضرب الشديد الفظيع.. وكان الشائع أن الشفيع ورفاقه الشيوعيين هم وحدهم الذين تعرَّضوا للضرب. إن ضرب نميري يؤكد أن قتله كان وارداً ومؤكداً في حالة استمرار الانقلاب الشيوعي.