لقاء الزملاء، في أمكنة خارج العمل، يضخ الأكسجين في رئة الزمالة، ويحسسك بالقرب الشديد منهم، وبالعلاقة الإنسانية التي تجمعك بهم، وتجعلهم جزءا من عالمك. بالأمس كنا في أحد أيام الصحفيين، فقد التقى جمعهم في دارهم بالمقرن، احتفالا بتوقيع عقد إنشاء الصرف الصحي في مناطق إسكان الصحفيين بالحارة 100 في أمدرمان، وفي شرق النيل بمدينة الوادي الأخضر. المناسبة، في جانبها الإنساني، تجاوزت الاحتفالية الرسمية بإنجاز كبير، سيكون له بالطبع ما بعده، إلى محطة إنسانية .. يلتقي فيها الزملاء، بعيدا عن أجواء العمل اللاهثة .. والضاغطة، ليتصافحوا .. عناقا وحبا ومودة . أحد الأصدقاء قال لي ذات مرة، إن زملاءه في العمل بمثابة أهله الحقيقيين، فهم أول من يعرف أحواله، وأول من يفتقده إذا طرأ له طارئ، كما أنهم أول من يزوره في مناسباته كلها، وأول من يبادر بدعمه عند الحاجة .. وفوق ذلك .. هو يقضي بينهم يوميا .. أكثر ساعات اليوم، بل أكثر الساعات عطاء ونشاطا، فباتوا هم الأقرب، رغم أن أجواء العمل .. بمشغولياتها، وربما ملابساتها واحتكاكاتها، قد تغشي العين عن الزمالة، وقيمتها، والمركب الواحد الذي يجمع الزملاء، ويجعل بينهم لغة مشتركة لا يمكن تجاهل قوتها وتأثيرها. الزمالة رصيد ثمين، وعلاقة تبقى للأبد، حتى لو افترق الزملاء، وباعدت بينهم الظروف، يظلون ماثلين في الذاكرة، ويبقى اللقاء بهم في أي مكان، أمرا باهرا، يملأ الوجدان حبورا، وينفخ الطمأنينة في الدواخل، حيث الذكريات المشتركة، والعلاقة القديمة .. التي تتوهج، رغم غبار الزمن. أمس التقى الصحفيون، وانتهى الجانب الرسمي من الاحتفالية سريعا، حيث تم توقيع الاتفاق، وانفض السامر (الرسمي) حتى قبل أن نعي كل التفاصيل، لكن الجانب الإنساني بقي، وأحسست بالكثير من دفء العلاقة، وعظمة الزمالة، وفرحة اللقاء بالكثيرين، ممن جمعتني بهم محطات العمل، في أكثر من موقع، ليكون اللقاء بالأحضان، ولأكتشف .. أن رصيد الزمالة .. يبقى متناميا .. ومتوهجا .. مهما غبنا في همومنا الخاصة، ومهما باعدت بيننا الأمكنة .. اتساقا مع الحياة وسننها. { من البريد وصل لبريدي الألكتروني التعقيب التالي من القارئ : محي الدين محمد محي الدين : (الاستاذ عبدالباسط شاطرابي, لك التحية. اعجبني مقالك المنشور بعنوان (غيم الخرطوم). وأنا في كل عام انتظر الخريف والشتاء انتظار الصبية للعيد، حتي اري الوجوه المبتسمة ورحابة الصدر وثقافة الإعتذار التي نادراً ما تظهر في غير هذه الأوقات. وكما ذكرت، فإن الجو اللطيف يحفز كل مبدع ليخرج ما في جعبته من افكار وجد في العمل. الا اطال الله علينا هذه النعمة حتي ننعم بحياة جميلة تتسم بالحب، ولو قليلا).