مع بداية كل موسم خريف درج النازحون بمعسكرات ولاية جنوب دارفور على شد رحالهم ومغادرة المعسكرات تحت غطاء العودة الطوعية لكن تلك العودة كثيراً ما تنتهي بانتهاء الموسم الزراعي وحصد العائدين ما فلحوه خلال الموسم ومن ثم تبدأ رحلة عودتهم الى المعسكرات من جديد كما حدث في المواسم السابقة. هذا الأمر خلق نوعاً من عدم الثقة بين النازحين الذين يعودون الى قراهم والمسؤولين من حكومة الولاية باعتبار أن تلك العودة هدفها الزراعة فقط. فبالأمس طالب المواطنون العائدون من معسكريْ دريج وعطاش للنازحين الى منطقتيْ حجير سمبو واموري هرني بمحلية بليل بولاية جنوب دارفور، طالبوا حكومة الولاية والمنظمات الإنسانية العاملة في الولاية الإسراع بتوفير مواد الإيواء والغذاء والمدخلات الزراعية لهم، وذلك أثناء جولة مستشار حكومة الولاية للشؤون الإنسانية سليمان أحمد عمر ومعتمد محلية بليل محمد حامد خميس للمنطقتين اللتين شهدتا عودة أكثر من (690) أسرة من معسكريْ عطاش ودريج بمدينة نيالا. العائدون أبدوا استياءهم من عدم حصولهم على أية خدمات تمكنهم من الاستقرار خاصة العائدين الى منطقة اموري هرني الذين أشاروا ل(الأهرام اليوم) الى أنهم منذ عودتهم قبل أكثر من أسبوع لم تُقدم لهم أي معينات للاستقرار، وطالبوا بضرورة الإسراع في توفير المشمعات التي تحميهم من أمطار الخريف. وأشارت عدد من النسوة اللائي تحدثن للصحيفة الى أن هذا الأسبوع شهد هطول أمطار غزيرة الأمر الذي اضطرهم وأطفالهم الى الاحتماء بفروع الأشجار. وقالت إحداهن ل(الأهرام اليوم) إن أعداداً كبيرة من النساء والأطفال الموجودين في مكان اللقاء الذي جمع أهالي المنطقة بوفد حكومة الولاية لم يتناولوا أية وجبة منذ الصباح وحتى وقت متأخر من النهار لعدم وجود ما يأكلونه. وقال ممثل منطقة اموري هرني صالح حسين إن عدد العائدين الى المنطقة بلغ (400) أسرة الآن جميعهم يفتقدون لمواد إيواء. فيما أشار العائدون الى منطقة حجير سمبو الى أن منظمة التضامن للتنمية جاءت الأسبوع الماضي لتقديم مشمعات لهم إلا أن هناك فوضى حدثت أثناء عمليات التوزيع عندما تدافعت أعداد كبيرة من مواطني القرى المجاورة وقاموا بنهب المشمعات أمام أعين مسؤولي المنظمة الأمر الذي اضطر أحد الرعاة، الذي كان يمر بالمنطقة، الى تفريقهم بإطلاق الأعيرة النارية، وقالوا إنهم تمكنوا من استلام (52) خيمة فقط من جملة الخيم التي أوصلتها المنظمة للمنطقة والبالغ عددها (175) خيمة. وأشار ممثل منطقة حجير سمبو خميس أبكر محمد الى أن العائدين بلغ عددهم (239) أسرة قادمين من معسكريْ دريج وعطاش عادوا عن رغبة أكيدة في الاستقرار والاستفادة من الموسم الزراعي لهذا العام. كما طالب العائدون بإدخال المنطقتين ضمن قرى العودة الطوعية المستهدفة بالإعمار في الولاية وتوفير قوات الشرطة مراكز صحية ومدرستين أساسيتين، وأبانوا أنهم عادوا الى المنطقتين وتركوا أبناءهم بالمعسكرات لعدم وجود مدارس بالقريتين. من جانبه تعهد مستشار حكومة الولاية للشؤون الإنسانية سليمان أحمد عمر بالسعي لتوفير كافة الاحتياجات التي تقدم بها العائدون، ودعاهم الى تقوية علاقاتهم مع الرُحّل بالمنطقتين، وقال إن حكومة الولاية ماضية في نهجها الرامي الى إعادة كافة النازحين الى قراهم، مضيفاً أن تقديم الخدمات بالمعسكرات لم يعد من أولويات حكومة الولاية، وأكد أنه سيبذل كل الجهود من أجل إيصال المشمعات والتقاوى والمواد الغذائية للمنطقتين خلال هذا الأسبوع، وطالبهم بضرورة الاستقرار وعدم العودة للمعسكرات مرة أخرى. لكن ما اطمأن له مستشار حكومة الولاية للشؤون الإنسانية في عودة هؤلاء المواطنين أن قياداتهم المقربين منهم هم الذين أسهموا في إقناعهم بضرورة العودة، خاصة أن بداية موسم الخريف تسهم بشكل كبير في تمكينهم من الاستقرار من خلال زراعتهم للمحاصيل الغذائية والاستفادة من مزارعهم عقب الحصاد في بناء منازلهم لحين إعمارها بالمواد الثابتة، وكشف للصحيفة عن رغبة عدد من المنظمات في العمل بالمنطقة في مجال تدريب الشباب على إنتاج الطوب المضغوط الذي يستخدم الآن لإعمار القرى بدارفور.