في غضون الأسبوعين القادمين، سيشهد السودان والمنطقة العربية حدثاً استثنائياً، إذ ينتظر أن تُحلِّق أسراب طائرات سودانية وسعودية في تمرينٍ مُشتركٍ يُعد الأول من نوعه بين البلديْن أطلق عليه الدرع الأزرق.. وأكسبت التحولات الإقليمية والدولية التمرين العسكري ألقاً واهتماماً إضافياً. وتبدأ المُناورات الجوية على فعاليات القتال الجوي والاعتراض الجوي للطائرات المُقاتلة جو – جو – في التاسع من أبريل القادم، وينتظر أن يستعرض كبار قادة البلديْن الفعاليات التي نفذت في التمرين، ويتخلّله عرضٌ جويٌّ لفريق "صقور السعودية". ويأتي تمرين الدرع الأزرق تتويجاً للتقارب السوداني السعودي الذي تعمّق غُضون العامين الماضيين وتمظهر بمشاركة السودان في "عاصفة الحزم" و"إعادة الأمل" بطلائع من القوات الجوية والبرية السودانية، كَمَا شَارَكَ في مُناورات "رعد الشمال"، وكانت آخر المُناورات المُشتركة بين القوات البحرية بين البلديْن هي تمرين (الفلك 1). الدرع الأزرق أعلن الجيش، عن بدء مُناورات "الدرع الأزرق 1" بين القوات الجوية والقوات الجوية الملكية السعودية يوم الأربعاء القادم في أول تدريبٍ مُشتركٍ من نوعه بين طيران البلديْن الحربي يشهده السودان، وأبدى استعداده لزيادة قواته الجوية المُشاركة في عمليات "عاصفة الحزم" وإعادة الأمل مَتَى مَا طُلب منه ذلك، والمُشاركة في أية عمليّات مُشتركة مُستقبلية، ولم يفصح مُتحدِّثو الجيش عن العَدَد الفعلي للطائرات المُشاركة في التمرين، واكتفوا بإعلان أن طائرات من طراز (F15) وطائرات (تايفون) بحجم "رف" سرب صغير من الطائرات، و9 طائرات هوك السعودية، وكلها غربية التصنيع، سَتُشَارك إلى جانب طائرات ميج (29) سوخوي (25) وسوخوي (24)، وطائرتي بي 17 السودانية الروسية، مع عدد مشترك يتجاوز حجمه 700 من البلديْن. تدريبات عَسكرية مُشتركة رئيس أركان القوة الجوية السودانية بالإنابة اللواء طيار ركن صلاح الدين عبد الخالق سعيد، قال في مؤتمر صحفي بالخرطوم أمس، إنّ مُشاركة السودان في عمليتي "عاصفة الحزم وإعادة الأمل"، أبرزت الحاجة للتدريبات العسكرية المُشتركة، وأثمرت تمرين (الرعد الأزرق 1) في التاسع والعشرين من الشهر الجاري إلى الثاني عشر من أبريل القادم بمروي شمالي السودان. تحدي الفُرسان في إطار سعي الجيش إلى كسب مهارات جديدة، أشارت الى أنّ القوات الجوية السودانية تشهد تطوراً مُستمراً في البنية والمُعدّات والأفراد والتدريب، وشاركت في تدريب "تحدي الفُرسان" الذي رفع تقييم الجيش السوداني إلى رابع قوة عسكرية في الإقليم. وفقاً لرئيس أركان القوة الجوية السودانية بالإنابة، فإنّ التمرين يَهدف لتوحيد المَفاهيم وتبادل الخبرات بين السودان والمملكة العربية السعودية، وقال: "لدى الإخوة في المملكة خبرات لأنّهم شاركوا في تمارين مثل هذه مع الولاياتالمتحدةالأمريكية ومع مصر ومع الأردن، ونحن أيضاً لدينا خبرات في عمليات إسناد القوات الجوية"، ما يجعل من تبادل الخبرات مُفيداً للجانبيْن، وإنّه جاء بمُبادرة من قائد القوات الجوية الملكية السعودية اللواء مُحمّد بن صالح العتيبي، وافق عليها السودان. تكتيكات دفاعية وهُجومية وأوضح اللواء الركن عبد الخالق، أنّ التمرين يهدف لدعم التعاون العسكري المشترك، والتدريب على مُمارسة واتقان التكتيكات الجوية الدفاعية والهُجومية، ومُواجهة الأعمال الجوية العدائية، وتنفيذ عمليات الاعتراض الجوي، ورفع مُستوى الجاهزية القتالية، واتقان تنفيذ العمليات الجوية في بيئة مُغايرة، وتنفيذ العَمَليّات الجوية والتحرُّك وإعادة التحرُّك وغيرها، والجاهزية لأيّة عمليّات مُشتركة مُستقبلاً. طائرات الميج والسوخوي تُشارك في التمرين طائرات من طراز ميج 29، وسوخوي 25، وسوخوي 24، وطائرتي (B17)، وكتيبة رادار من الدفاع الجوي لتوجيه المقاتلات الاعتراضية من الجانب السوداني، ومُقاتلات (F15)، ويورو فايتر (تايفون) والتي تخرج من المملكة للمرة الأولى، و9 طائرات من طراز (هوك) للألعاب الجوية من فريق "صقور السعودية"، بعدد قوات أكثر من 700 بينهم 250 سُعودياً و450 سُودانياً. جَحافل وعَساكر استعداداً لمُواجهات مُحتملة أو مُستقبلية، أكد مدير التمرين اللواء طيار حسين مُحمّد عثمان، أنّ قواتنا الجوية جاهزة لأداء التمرين بالكفاءة المطلوبة، وقال: "قوانا الجوية جاهزة لتنفيذ التمرين، وهي الآن مُتمركزة في مكان التمرين بقاعدة الفريق طيار عوض خلف الله بجميع جحافلها وطائراتها وضُباطها وضُباط صفها وجُنودها"، وأضاف اللواء عثمان أنّ التمرين سيبدأ في التاسع والعشرين من مارس الجاري ويستمر لمدة 15 يوماً لينتهي في الثاني عشر من أبريل القادم، وقال اللواء عثمان إنّ فريق الألعاب "صقور السعودية" سيقدم استعراضاً جوياً بمدن العاصمة السودانية ثلاثة أيام لرفع معنويات الشعب والجيش. توترات اقليمية في ظل التوترات السِّياسية والإعلامية بين الخرطوم والقاهرة التي بلغت أوجها الأيام الماضية، ظهر التمرين السعودي السوداني إلى واجهة الأحداث، لكن سُرعان ما نفي الناطق الرسمي باسم الجيش العميد أحمد خليفة الشامي ارتباط التدريبات بأية توترات إقليمية، بقوله: "لا علاقة للتمرين بما يلمّح إليه من توترات، وما يتم تداوله في وسائط التواصل الاجتماعي"، وذلك رداً على أسئلة الصحَفيين ما إن كَانَت المُناورات رسالة لقوى إقليمية ودولية تستهدف البلدين، وأضاف: "لا تُوجد عَداوة أصلاً بين الدول العربية، وما يخرج للسطح من تطوراتٍ بثور عارضة لا تمثل حتى توجهات الدول وتراتبيها الاستراتيجية وعلاقاتها"، وتابع: "الدول التي يشار إليها إشارة وتلميحاً دون التصريح غير معنية بالتمرين الذي يسعى لتعزيز الوحدة العربية وخدمة قضايا الأمة العربية والإسلامية في الإطار العريض". عملٌ سياديٌّ ونتيجةً لاعتماد كل من الطرفين على الصناعات الغربية في التسليح العسكري، فمثلاً السعودية أغلبية تسليحها من الغرب وتحديداً من الولاياتالمتحدةالأمريكية، بينما السودان يعتمد على منتجات ما كان يُعرف سابقاً بدول المعسكر الشرقي وعلى رأسها روسيا والصين. لكن ذلك التباين لا ينتظر أن يحدث أمراً كما يؤكد المتحدث الرسمي باسم الجيش العميد أحمد الشامي الذي استبعد بشكل قاطع ظهور مشاكل بسبب منشأ الطائرات المُشاركة في التمرين "شرقية سودانية، وغربية سعودية" وقال: "من خلال مُشاركتنا في عاصفة الحزم، شاركنا بطائراتنا الشرقية وسط الطائرات الغربية". وتابع:" أنا شخصياً كُنت معهم، قَاتلنا بطائراتنا الروسية"، وفي ذات الوقت قطع بعدم استئذان دول الجوار وتطمينها على المناورات بقوله: "التمرين عملٌ سياديٌّ، ونحن لا نستأذن لعملٍ داخل حُدودنا، ولا تستأذن أية دولة في العالم لتقوم بعمل داخل حُدودها". إعَادة الأمل في إطَار رَدّ التحية بأحسن أظهر اللواء الركن عبد الخالق ثقته في جاهزية قواته لزيادة عدد طائراتها وعددها في عملية "إعادة الأمل"، متى ما طُلب منها ذلك، وقال: "نحن مُشاركون في عاصفة الحزم بسرب طائرات ولم تطلب منا زيادة، أما إذا طلبت منا الزيادة فنحن جاهزون، وجاهزون إذا طلبت منا المشاركة في أي تحالف عربي آخر لما يخدم مصلحة الجيوش العربية".