في البرازيل يُدعى تشيتشي، وفي أوروبا يدعونه تيتي، لكن في كل دول العالم بات اسمه المنقذ، فهو الذي انتشل البرازيل من براثن الفشل إلى أول طريق العودة للمجد. "لم يحدث شيء بعد، فقط نحن وضعنا أنفسنا في المكان الصحيح، ما يلي ذلك هو العمل"، بهذه الكلمات المتواضعة لخّص مدرب البرازيل أول المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم روسيا 2018 (بعد الدولة المضيفة) المرحلة المقبلة له مع مملكة كرة القدم عبر الأزل. نظراً لألقه المحلي كان تيتي مطلباً للجماهير البرازيلية حول العالم حتى قبل تعيين دونغا خلفاً لسكولاري الذي ارتبط اسمه بفضيحة الخسارة 7-1 مع ألمانيا نصف نهائي مونديال 2014. جاء تيتي، ومنتخب بلاده في عين عاصفة الانتقاد، لكن في أقل من عام، تحوّلت البرازيل من دريئة للمُنتقدين إلى منتخب يُطرب الملايين حول العالم، فنيمار ورفاقه كانوا في المركز السادس من تصفيات أميركا الجنوبية المؤهلة إلى المونديال حين فازوا مرتين فقط من أصل 6 مباريات وخسروا واحدة وتعادلوا في ثلاث على عهد المدرب السابق كارلوس دونغا. من المركز السادس، إلى ضمان بطاقة العبور قبل 4 جولات من النهاية، 8 انتصارات متتالية هو الرقم الأفضل للبرازيل في جميع مشاركاتها في التصفيات المونديالية. في الصيف فقط، وقبل أن تنال بلاد بيليه ورونالدو أول ذهبية في تاريخها كانت أقلام محللي الكرة في البرازيل تتهكم على نيمار طالبةً منه الخروج وإدخال مارتا نجمة كرة سيدات البرازيل الأزلية. نيمار فاز بالذهبية ومارتا لم تتوج حتى في المركز الثالث لأن روح الانتصار التي ورثها نجم برشلونة من أسلافه نهضت به ليحقق مع رفاقه مجداً أولمبياً لم يتذوقه أبناء السامبا حتى في أفضل أجيالهم. ومن هنا، جاءت أهمية هذه الذهبية ليس لكونها الأولى في تاريخ البلاد فحسب، بل لكونها حجر الزاوية التي يُبنى عليها مستقبل عودة التاج لملوك اللعبة، فعادت الثقة بعد إذلال كوبا أميركا 2016. تألق جعل المراقبين وفي غضون أشهر فقط يشبهون ما يرونه من السيليساو اليوم بما شاهدوه عام 1982 أيام تيلي سانتنا حيث النسخة الأكثر إمتاعاً من أصحاب القمصان الصفراء. مدرب كورينثيانز سابقاً البالغ من العمر 55 نجح في إعادة اللحمة إلى صفوف البرازيل من الناحية المعنوية. فقد احتوى على سبيل المثال أزمة شارة الكابتن التي أشعلها دونغا بين نيمار وتياغو سيلفا، وذلك من خلال تدويرها بين أكثر من لاعب. ومن الناحية الفنية بنى منتخباً متكاملاً وصلباً؛ ابتداءً من خط الدفاع (لم تتلقَ البرازيل سوى هدفين في التصفيات أيام تيتي أحدهما ركلة جزاء)، وهو الخط الذي لطالما كان أضعف من سواه في البرازيل، ومروراً بلاعبي خط الوسط، كإعادة اكتشاف باولينيو (سجل هاتريك ضد الأوروغواي، وصنع ثنائية ضد الباراغواي)، ليكون أحد أهم نجوم المنتخب، وتطوير أداء ريناتو أغوستو كعنصر شبه دائم في التشكيلة مدعّماً بكاسميرو أو فيرناندينيو. ونهاية بالهجوم حين حل معضلة غياب من يستحق حمل الرقم 9 بتقديم جيسوس (المصاب حالياً) كنجم من المباراة الدولية الأولى له، وزيادة المسؤولية في شخصية نيمار. حتى دييغو ريباس الذي صال وجال في أوروبا، لم يغفل تيتي عن تألقه مع فلامينغو، رغم بلوغ اللاعب سن الثانية والثلاثين، فاستدعاه للمنتخب وأعطى له فرصة المشاركة في ودية كولومبيا قبل نحو شهر وكان احتياطياً في مباراتي الأوروغواي والباراغواي. دون إغفال دور حارس البرازيل الذي اعتمد عليه تيتي بشكل كبير، إليسون فقد أصبح هذا الأخير مصدر قوة للاعبين وثقة كاملة لمدربه. وليس تأهل البرازيل المبكر إلى المونديال إلا نتيجة طبيعية ستمكّن هذا المدرب من تجريب المزيد من العناصر للاستفادة القصوى من الخزان الكروي الهائل في البلاد. التأهل إلى كأس العالم في البرازيل ليس أكثر من خبرٍ عادي مثل هطول المطر في الشتاء والشمس الساطعة في الصيف، ولكن تأهلها بهذا الشكل القوي والممتع يجعل البرازيليين يبنون آمالهم على استعادة كأس العالم، بعد إذلال 2014 على أرضهم.