قال الأمين العام للحوار الوطني، د. هاشم على سالم، إن ورقة الحريات التي قدمها حزب المؤتمر غير مجازة من قبل الأمانة العامة للحوار الوطني، وتم رفعها مباشرة للجنة الحريات والآلية التنسيقية للحوار المعروفة اختصاراً ب (7+7). هذا الحديث الوارد في الزميلة "السوداني" ألقى بحجر جديد في بركة الجدل حول هذه الورقة على أكثر من صعيد، وذلك بأن فتح مساراً جديداً للنقاش والجدال بالتشكيك في شرعية الورقة بنقاطها التسع التي يتمسك حزب المؤتمر الشعبي بإجازتها كاملة كشرط رئيس لتجاوز أزمة التعديلات الدستورية الخاصة بالحريات، للمضي في التسوية السياسية التي أقرها مؤتمر الحوار الوطني. ومن ثم الدخول في حكومة الوفاق الوطني التي تشهد اصطراعاً غير مسبوق على الوزارات في أعقاب تنازلات تنفيذية لم يسبق لها مثيل. أصل الخلاف تعد ورقة الحريات والحقوق الأساسية -التي أعدها زعيم المؤتمر الشعبي الراحل د. حسن الترابي وقدمها حزبه للحوار- من أكثر الأوراق التي دار حولها جدل كبير أثناء مداولات جلسات الحوار الوطني، وحتى قبيل وأثناء وبعد ايداعها في منضدة البرلمان، عقب توافقات بين حزبي المؤتمر الشعبي والمؤتمر الوطني الحاكم في يناير المنصرم. ونشبت خلافات حول ورقة الحريات بين الشعبي واللجنة البرلمانية للتعديلات الدستورية برئاسة بدرية سليمان، حيث ألمح القيادي بالمؤتمر الشعبي د. عمار السجاد في تغريدة له في حسابه على موقع (فيس بوك) لاتهامات مصوبة نواحي بدرية سليمان بطرح نسخة مزورة خلافاً لورقة الحريات؛ التي إجازها المؤتمر العام للحوار لمناقشتها في لجنة التعديلات. كما ثارت موجة من الاعتراض من قبل علماء الدين الاسلامي على الجزئيات المتعلقة في الورقة بحرية اعتقاد الأديان والمذاهب والأفكار وحرية المرأة في الزواج ووصفوها بأنها ثغرة لإشاعة الفاحشة وإباحة الكفر، ما جعل البرلمان يسقط هذه الجزئية. كما ثار جدل موازٍ في لجنة التعديلات بالبرلمان خاصة في جانبها المتعلق بالحريات العامة وتشددها بأن يكون الأمن الوطني تحت رقابة أمنية وعدلية، مع إفساح المجال أمام حرية التعبير بأشكاله المختلفة. وتعتبر ورقة الحريات مبعثاً للخلافات الدائرة حالياً بين حزبي المؤتمر الوطني والشعبي الذي يعوّل على الحريات، ويعتبرها الأساس الذي يقوم عليه النظام الخالف. وبحسب الورقة، فأن فكرة الخالف تقوم في الأساس على تذويب التيارات الإسلامية في حزب واحد، وهذا لا يتأتى الإ بالحريات. لذلك تشدد قيادات الشعبي عليها في أحاديثهم مؤكدين بأن كل الأحزاب التي شاركت في الحوار توافقت على ذلك توافقاً تاماً لا رجعة فيه. ويزيدون في رهانهم على مخرجات الحوار وتبعاته، وهم أكثر تعويلاً على التعديلات الدستورية التي يعتبرونها اختباراً حقيقياً للإرادة السياسية لأحزاب الحوار والتزام الحزب الحاكم بما توافق عليه المتحاورون. اتهامات متبادلة بكثير من الدهشة، جرى استقبال تصريحات الأمين العام للحوار، ،د. هاشم علي سالم، في هذا التوقيت لا سيما قوله (إن ورقة الحريات التي يتمسك المؤتمر الشعبي بنقاطها التسع لم تجز من الأمانة العامة للحوار وذهبت مباشرة للجنة الحريات وآلية "7+7"). وأعاد عضو الآليةعضو لجنة الحريات، فيصل يس، في حديثه مع (الصيحة)، فرضية التزوير باتهامه للمؤتمر الشعبي بأن الورقة الخاصة بالحريات- التي دفع بها الأخير للبرلمان- ورقة خاصة بالمؤتمر الشعبي وليست الورقة التي تمت إجازتها من المؤتمرين ممن أجروا تعديلات على ورقة الحريات بواسطة لجنة كونت خصيصاً لذلك الغرض. اللافت أن اتهام فيصل هو ذات اتهام الشعبي للجنة الطارئة للتعديلات الدستورية برئاسة بدرية سليمان، بأنها طرحت نسخة مزورة غير ورقة الحريات. ولذا يتساءل البعض لم صمت أمين عام الحوار طوال الفترة التي صعد فيها المؤتمر الشعبي من لهجته الرافضة لاجازة البرلمان للتعديلات الدستورية في مرحلة السمات العامة؟ في كل الأحوال، لا تخلو رواية الامين العام للحوار ،د.هاشم ، من الإشارة لعدم شرعية ورقة الحريات التي يتمسك بها الشعبي لوجود شبهة تزوير، رغم أنه لم يذكر ذلك صراحة وانما أورده تلميحاً؛ وعززه حديث عضو لجنة الحريات الذي جاءت الاشارة فيه واضحة للشعبي في تزوير نسخة الحريات؛ رغم أنها موقع عليها من أعضاء اللجنة التي فحصتها وأجرت عليها التعديل. نفي مغلظ نفى القيادي بحزب المؤتمر الشعبي، د. عمار السجاد، وهو أحد المعنيين بالأمر من جانب أنه مقرر لجنة الحريات في الحوار الوطني؛ وفي جانب آخر ممثل للمؤتمر الشعبي في هذه اللجنة، نفى وجود أيما شبهة تزوير في ورقة الحريات التي دفع بها الشعبي مؤكداً استحالة ذلك. ومضى شارحاً الكيفية التي تم بها تسليم الورقة من حزب المؤتمر الشعبي عبر سكرتاريته ود. دقش وقاموا بتسليمها للجنة (7+7) التي بعد ما اطمأنت عليها سلمتها لرئاسة الجمهورية، ودفعت بها للبرلمان لإجازتها . ونفي د.السجاد في حديثه مع (الصيحة) وجود أية علاقة للأمين العام للحوار، د.هاشم على سالم، من قريب أو بعيد للاطلاع على الورقة التي مسارها في الحوار المرور عبر السكرتارية ومن ثم لجنة الحريات وبعدها إلى رئاسة الجمهورية. مؤكداً أن الأمانة العامة ليست ضمن هذا المسار. مضيفاً أنه إن كان هناك اتهام بالتزوير- كما جاء في حديث الأمين العام وعضو لجنة الحريات فيصل- فسيكون الاتهام فيه موجهاً لرئاسة الجمهورية التي لايمكن أن تكون قد مررت الورقة للبرلمان دون الاطلاع عليها . وأبدى السجاد استغرابه لحديث د.هاشم متسائلاً لماذا صمت د.هاشم طوال الفترة الماضية ليتحدث في هذا التوقيت؟ مشيراً إلى أن حديثه-د.هاشم- لا يخرج من الغرض الشخصي المتمثل في مغازلة السلطات، واسترجع السجاد قائلاً:( أمين عام الحوار ليس طرفاً أو أهلاً للدخول في نقاش حول صحة ورقة الحريات أو عدمها، وإنما هي قضية متعلقة بالرئيس وهو بدوره قدمها للبرلمان)، قاطعاً بأنه سيجيزها ويمررها كما قدمها له الرئيس دون أن يجرى عليها أي جرح أو تعديل وهذا سيجعل حديث هاشم عراكاً في غير معترك ولافائدة منه ولاقيمة له. شبهة قائمة رغم هذا تبقى شبهة التزوير في ورقة الحريات قائمة، أسوة بما تم أثناء إقرار دستور 1998م الذي ظلت تلاحقه الاتهامات حتى تم إلغاؤه عبر دستور العام 2005م الذي لم يكن هو الآخر بمنأىً عن هذه التهمة في بعض بنوده ، ويرجع ذلك لفقدان الثقة بين الأطراف سواء الحكومة أو المشاركون لها.