الخرطوم – أميرة الجعلي يمثل الفريق طه الشخص السادس الذي تولى إدارة مكتب الرئيس إلا أنه الأكثر شهرة بينهم جميعاً.. لماذا تأخر نقده من قبل الصحافة؟ "عن النقد وتوقيته" لم يستغرب أحد النقد الذي وجه لأداء الفريق طه عثمان الحسين مدير مكاتب رئيس الجمهورية وزير الدولة برئاسة الجمهورية المقال حديثاً من منصبه، ولكن كان الاستغراب حول التوقيت الذي تم فيه النقد. وفي الواقع، صارت بعض الصحف أكثر جرأة في نقده بعد أن ظلت صامتة طوال فترة بقائه في المنصب المذكور، وكتب البعض أن طه يمثل حالة في السياسة السودانية وليس شخصاً بعينه؛ حيث استمد سلطاته ونفوذه وتحريك الأمور لصالحه. يشهد تاريخ السودان حالات مماثلة، إذ تم هجوم مكثف من قبل على الراحل بهاء الدين محمد إدريس في حكومة الرئيس الراحل جعفر نميري، واتهم بالفساد وأخذ العمولات، وأطلقوا عليه لقب (تن بيرسنت 10 %)، مما يشير إلى أن منصب مدير مكتب رئيس الجمهورية غالباً ما يتعرض للهجوم والنقد، ورغم أن طه يمثل الشخص السادس الذي تولى منصب رئيس الجمهورية إلا أنه الأكثر شهرة بينهم جميعاً، وظلت تلاحقه الاتهامات والصفعات من وقت لآخر، لكنها لا تتعدى بعض مواقع التدوين الإلكترونية ووسائط التواصل الاجتماعي خاصة (فيس بوك والواتسب)، وكان التعليق عليها في ذات الوسائط في إطار ضيق ومحدود. يقول خبراء إعلاميون إنها ظاهرة قديمة وليست بالجديدة في التاريخ، وتعرض لها كثير من كانوا يملكون نفوذاً قوياً داخل السلطة، بعضهم اعتبرها حالة من النفاق وأنها أسوأ ما في النفس البشرية . ربما بسبب نفوذ وفعالية أو أخطاء وتوحد الأعداء حول الفريق المقال. يناقش هذا التقرير سؤالاً رئيساً وهو: لماذا الهجوم على طه بعد أن أُعفي من منصبه، في الوقت الذي كان متاحاً من قبل وذات الاهتمامات تلاحقه منذ زمن طويل، وهل يعود ذلك لحصانته التي كانت تحميه أم خوفاً من بطشه والسعي لنيل رضائه طمعاً في نواله؟ يرى الأستاذ كمال الجزولي المحامي أن وجود الشخص في المنصب يكون محاطاً بحالة من السلطة تحميه من المفسدة، لافتاً إلى أن ذلك ينتج استقواءه بالمنصب في منع أو معاقبة كل من ينتقده أو يتعرض لفساده. وأكد الجزولي وهو يتحدث ل(اليوم التالي)، أن الفريق طه ليس استثناء من ذلك، مشيرا إلى أنه ليس الأول أو الأخير، وقال: سيأتي يوم وسنسمع أضعاف ما قيل عن طه، يقال عن أشخاص آخرين حال مغادرتهم للمناصب . وعزا الجزولي الأمر إلى النهج الشمولي الذي سيعطي المفسدين سلطة تخيف الآخرين من التعرض لمفاسدهم، وأضاف: عكس الديمقراطية التي تحصِّن المواطن من أي عقاب حال انتقاده لمن هو في السلطة، بصرف النظر عن مستوى هذه السلطة . يقول رئيس تحرير صحيفة (السوداني) ضياء الدين بلال، في رده حول أسئلة (اليوم التالي): إن الفريق طه عندما كان في موضع قوي ونفوذ كان البعض يتحاشون انتقاده، تصريحاً أو تلميحاً، وقال: أن يكون لديك موقف إيجابي حول شخص أثناء وجوده في السلطة وينتقل الموقف إلى سلبي بعد مغادرته لها، يعتبر ذلك تحولاً غير أخلاقي. وأكد ضياء أن القضية ليست مرتبطة بالفريق طه فقط ممثلاً ذلك في الشيخ حسن الترابي قبل وبعد المفاصلة، الشيخ الترابي قبل المفاصلة لم يستطع أحد أن ينتقده في الصحف، ولكن بعد المفاصلة تم (انتياشه)، وقال أيضاً مثل الفريق أول صلاح قوش، لافتاً إلى أنه لم يكن أحد يستطيع أن يتناول سيرته دون أن يمتدحه، لكن تم انتقاده فور مغادرته لكرسيه، وشدد بأن التاريخ سيشهد للجميع من تحدث ومن صمت، مشيراً إلى صمت الجهات الرسمية من عدم توضيح حقيقة المسوغات التي أدت إلى إعفاء الرجل، وأردف بالقول: من مصلحة طه ومصلحة الحكومة معرفة ما حدث ومدى صحة ما نشر طيلة الفترة الماضية، حتى تتمايز الشائعات من الحقائق. مسوغات غير أخلاقية يتفق الكاتب الصحفي والمحلل السياسي محمد لطيف مع ضياء الدين بلال في أن البعض كانوا يضعون حساباً لمصلحتهم أثناء وجوده في المنصب، لكن لطيف صنف الصمت طيلة الفترة الماضية لثلاثة أسباب، موضحاً أن بعضهم صمت طمعاً فيه، وبعض وصفهم ب(الجبن) بقوله إنهم أجبن من أن يواجهوه، وبعض آخر قال إنهم كانوا يضعون اعتباراً للرئيس لقرب الرجل منه، وأن أي مساس به يعني عدم رضاء الرئيس، ومضى لطيف بالقول: أياً كانت الأسباب المذكورة تفتقد إلى المسوغات الأخلاقية، مؤكدا أن كل ما نشر الآن وما تم تداوله في الأسافير نشر قبل أكثر من عامين ليس فيه جديد، وأضاف الآن طه خرج لأسباب يعرفها هو، وشدد بأن كل ما يثار الآن ليس له صلة بالحقيقة . غير مهني أما الصحفي أحمد يونس، فبدأ حديثه ل(اليوم التالي) بالمثل القائل: "التور كان وقع بتكتر سكاكينو"، وقال: كان يمكن أن يكون موقفاً مهنياً لو أن تناوله ونقده تم وهو في السلطة، وأضاف أما أن ننتطر إلى حين إبعاده لنخرج له جرائمه المدعاة دفعة واحدة، فهو تعبير عن جبن مهني بيِّن.