حذرت ورقة دراسة من توغل نشاطات التنظيمات المتطرفة مثل القاعدة وداعش في السودان الذي يعتبر الآن من منطقة الخطر وذلك بعد صعود تلك التنظيمات الجهادية المتشددة في عمليات عسكرية مؤثرة في ليبيا والحزام الصحراوي وشمال نيجيريا, كما حذرت الورقة في ذات الوقت من نتائج ما وصفته بالوضع الهش الذي يحيط بالسودان وتعرضه للشكوك والاتهام من الجهات ذات الغرض بأنه منطقة مرور للعناصر الجهادية. وربطت الورقة التي قدمها السفير عبد الوهاب الصاوي أمس تحت عنوان الوجود العسكري الفرنسي في غرب أفريقيا في ندوة نظمها المجلس الاستشاري للعلاقات الخارجية ربطت بين تلك التحذيرات وبين الوجود العسكري الفرنسي في غرب أفريقيا وتطوره من وجود استعماري إلى وجود حديث فرضته التطورات الأمنية في المنطقة والتي من أبرزها وأهمها ما بدأ بإسقاط نظام القذافي في ليبيا وما تلاه من انتشار المهددات الأمنية من المجموعات الإسلامية المتطرفة في ليبيا وجنوبتونسوجنوبالجزائر وموريتانيا وتزود هذه المجموعات بالأسلحة والأموال من ليبيا بعد انهيار نظام القذافي هذا بالإضافة إلى ظهور عمليات التهريب وعصابات الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية إلى أوربا و الأوضاع في مالي وتداعياته على امن الإقليم والاهم من كل ذلك وفقاً للورقة التنافس الحالي بين القوى الدولية على الموارد والأسواق ومناطق النفوذ الإستراتيجية في أفريقيا خاصة بين الولاياتالمتحدة والصين. وأوصت الورقة التي ترى في الوجود العسكري الفرنسي في غرب أفريقيا ممثلاً في عملية الجيش الهلالي في تشاد والنيجر ومالي ومورتانيا واقعاً لابد من التعامل معه – أوصت بأخذ الحيطة والحذر مما وصفته بوضع هش ينتظر تطورات خارجية عن السيطرة ربما تؤدي إلى تفاقم الأوضاع في اتجاهات غير محمودة العواقب كما أوصت الورقة بالمشاركة في جهود دول الجوار في الحلول التفاوضية الجامعة لفك عقد النزاعات وإعادة الاستقرار بالتوافق, كما أوصت الورقة بتوثيق العلاقات مع فرنسا بتطوير التشاور السياسي القائم على مستوى وزارتي الخارجية والتعاون بين أجهزة الأمن وتبادل المعلومات خاصة بشأن الأمن والاستقرار في الحزام الصحراوي ومنطقة القرن الأفريقي. كما أوصت الورقة بمواصلة التشاور والدعم المتبادل مع تشاد وتطوير نشاطات وآليات القوات المشتركة على الحدود لتشمل حماية البلدين من تداعيات الأوضاع في جنوب ليبيا ودعم دور تشاد الإقليمي في حربها ضد بوكو حرام ودورها في تحقيق سلام استقرار أفريقيا الوسطى. ودعت الورقة أيضاً إلى تحريك عمل المنظمات والمشروعات المشتركة في منطقة الساحل والصحراء وتهيئتها لاستعادة نشاطاتها عند عودة الاستقرار في المنطقة, وتأكيد مواجهة التحديات الماثلة في المنطقة ليس عسكرياً فقط, ولابد من معالجة القضايا الجذرية للآهلين من فقر وانغلاق وتهميش وتنشيط المشروعات المشتركة للجنة الوزارية لسكة حديد بورتسودان داكار والطريق القاري ومنظمة السياج الأخضر العظيم وغيرها من المشروعات بجانب توثيق الصلة مع المانحين وعلى رأسهم فرنسا والمؤسسات الإقليمية والدولية لتعبئة الموارد وتمويل مثل هذه المشروعات. ونبهت الورقة إلى قصور ومحدودية اثر الإستراتيجية الأمنية في منطقة غرب أفريقيا والسهل والصحراء بما في ذلك الوجود العسكري الفرنسي والدولي في ظل بقاء جذور المشكلة بالإقليم من نفقات أمنية باهظة وضعف أجهزة الدولة في بلدان المنطقة وعدم قدرتها على تحقيق العدالة مما زاد من استشراء الفساد والانتماءات القبلية والجهوية. ودعت الورقة إلى توافق القوى الفاعلة في المجتمع من أحزاب ومؤسسات مجتمعية وبناء الأمة ومؤسسات الدولة المستدامة بدل التناحر على السلطة وإلغاء اللوم على المؤامرات الخارجية التي أكدت الورقة أنها موجودة ولن تنتهي عندما تكون الجبهة الداخلية مهتزة. من جانبه حذر العقيد ركن محمد الطيب حوار من إدارة العلاقات الدولية بوزارة الدفاع حذر من الخطر الذي تشكله القوات الإقليمية على الأمن في السودان, مشيراً إلى أن القوات المشتركة السودانية التشادية تعتبر مسيطرة على الحدود بين السودان وتشاد ولا تسمح بدخول عناصر ومجموعات متطرفة إلى السودان قائلاً أن خطورة هذه القوات في العناصر الغربية والمقدرات التي يصرف عليها من اجلها مضيفاً بأن المؤسف في الأمر أن الاتحاد الأفريقي يدعم وجود مثل هذه القوات تحت مفهوم ان المشاكل الأفريقية يجب أن تحل بواسطة الأفارقة قائلاً أن هذا قول حق أريد به باطل وانه سعياً لنفوذ جديد من قبل الغربيين. وشدد من جانبه د. إبراهيم الأمين – القيادي بحزب الأمة والأمين العام السابق للحزب سرد على ضرورة تكثيف الوعي بالأمن القومي مشيراً إلى أن السودان محاط بدول مأزومة مضيفاً بان الدولة التي لا تستطيع التعايش مع التداخل الراهن بين القضايا المحلية والدولية والإقليمية تتعرض لهذه مشيراً أيضاً إلى تعارض مفهوم السيادة مع مفهوم التدخل الإنساني ومحاولات الدول الكبرى للمحافظة على مصالحها تحت شعار التدخل الإنساني, كما أشار مطامع واهتمامات الدول الغربية مثل ألمانياوفرنسا عبر اهتمامها بقضية دارفور حيث كانت ألمانيا تحلم بعد نزع مستعمراتها بان تكون دارفور نقطة ارتكاز لدخولها لإفريقيا. ودعا الأمين إلى أن تكون قضية الأمن القومي السوداني اهتمام كل سوداني وأن يتخلى كل عن هواه من أجل تحصين حدود السودان. من جانبه عبر السفير عبد الباسط السنوني عن رؤيته بضرورة التعامل مع فرسنا وكأنها دولة جوار للسودان وذلك لوجودها في تشادوأفريقيا الوسطى وغيرها من دول جوار السودان الغربي, كما أشار إلى أهمية محاولة خلق فهم عميق للعلاقات بين السودان وفرنسا والتنسيق والتعاون معها لتجاوز عقدة العلاقات بين البلدين ذلك من خلال العمل الدبلوماسي الذي يشكل جزءاً من عملية الأمن القومي المتكاملة التي تشكل فيها الجوانب العسكرية وتماسك الحملة الداخلية الجزء الآخر من العملية. وتحدث كذلك في الندوة سيف الإسلام خالد عمر الإمام برئاسة الجمهورية والذي أكد على ضرورة وضع سياسات للعمل مع فرنسا وخلق مبادرات لاستباق أي أحداث متوقعة وتطورات المصالح وتجارة الحدود. وأكد السفير محمود حسن الأمين على أهمية تجفيف عوامل وأسباب التطرف في الإقليم وذلك عبر توفير الخدمات الأساسية من صحة وتعليم وغيره.