أصبح ملف حقوق الإنسان من الملفات المهمة والتي تحظى باهتمام عالمي باعتباره مؤشر رئيسي لمسار العلاقات الخارجية والتعاون الدولي، وقد ظلت الحكومة السودانية تتعرض لانتقادات شديدة من أطراف دولية عديدة بشأن ملف حقوق الإنسان. آخر هذه الانتقادات وجهتها بريطانيا عبر صفحة سفارتها في موقع الرسائل القصيرة (تويتر). حيث أعرب عن قلقها من حالة حقوق الإنسان في السودان، ونادت بإجراء إصلاحات سريعة في القوانين، وذلك عقب مباحثات بين وزيري خارجية البلدين. وأجرى وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور ونظيره البريطاني بوريس جونسون مباحثات ثنائية، على هامش ملتقى اقتصادي بين البلدين. انتقادات دولية لكن ذات الحال والانتقاد ينسحب على الحركات المسلحة التي تجد ممارساتها انتقادات دولية كما في حالة رفض الحركة الشعبية لمقترح أمريكي بتوصيل المعونات الإنسانية للمتضررين في منطقتي (جنوب كردفان – النيل الأزرق). وقالت السفارة البريطانية بالخرطوم في تغريدة على (تويتر) "أثار الاجتماع البناء بين وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور ووزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون مخاوف المملكة المتحدة بشأن حقوق الإنسان والإصلاحات السياسية والاقتصادية التي يحتاجها السودان بشدة." ووجه نواب انتقادات حادة لوزير الخارجية البريطاني، لاستضافة لندن، ملتقى استثماري مع السودان تشارك فيه أكثر من 100 شركة. وحظيت الانتقادات بتأييد مناهضين سودانيين لحكومة الخرطوم في بريطانيا. جهود حكومية قلل الخبير الإعلامي والقيادي بالمؤتمر الوطني د. ربيع عبدالعاطي من مخاوف بريطانيا بشأن حقوق الإنسان في السودان. منبهاً لوجود قوانين تحترم حقوق الإنسان ومفوضية مختصة بهذا الأمر ومراقبة من قبل منظمات المجتمع المدني لحقوق الإنسان. مضيفاً في حديثه مع (الصيحة) بأن هنالك حالة اجتهاد كبيرة جداً فى هذا الملف، وأن كل التقارير والمنظمات العاملة فى المجال تبشر بأن هنالك تقدم ملحوظ جداً خاصة بعد صياغة وتنفيذ التشريعات اللازمة، وإنشاء مفوضية، كما أن منظمات المجتمع المدنى تنشط فى هذا المجال لأجل تحسين أوضاع حقوق الإنسان في مناطق الحروب (كردفان والنيل الأزرق ودارفور). وأكد عبد العاطي أن السودان يعتبر فى المقدمة فى مجال صون حقوق الإنسان إذا ما تمت مقارنته بمحيطه من الدول الأفريقية والعربية قائلاً: لا أرى أي مخاوف طالما أن هنالك منظمات ناشطة فى هذا المجال. زد على ذلك الإرث السوداني الذي لا يقبل أي انتهاك لحقوق الإنسان. وحول مسألة الحريات وما تتعرض له الصحف والإعلام من قيود، قال: يجب إزالة التعارض الموجود ما بين القانون الجنائي وقانون الصحافة والمطبوعات وقانون الأحزاب السياسية وقانون الأمن الوطني، داعياً إلى إزالة هذه التقاطعات الموجودة وصولاً إلى مرحلة التمتع بحريات نظيفة (حد توصيفه). مشاركات خارجية كان السودان قد شارك في أعمال الدورة 61 للمفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان والتى انعقدت أعمالها فى العاصمة الغامبية بانجول فى الفترة من 1- 15 نوفمبر. وأشادت المفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بسعى السودان الجاد لتحسين أوضاع حقوق الإنسان فى البلاد. وقد شارك السودان بوفد يضم أعضاء من المجلس الاستشارى لحقوق الإنسان، وعدد من منظمات المجتمع المدني الوطنية المعنية بحقوق الإنسان. وقدَّم وفد السودان بياناً تطرق فيه إلى الجهود المبذولة لتعزيز حقوق الإنسان تنفيذاً لمخرجات الحوار الوطني والتي تضمنت 198 توصية تتعلق بتعزيز حقوق الإنسان بالبلاد. وأشار البيان إلى التعديلات القانونية الجارية على دستور السودان الانتقالي والتي تتضمن عدداً من الحقوق وذلك منذ تطبيق برنامج إصلاح الدولة في عام 2014م، كما قدم شرحاً وافياً حول العمل على المصادقة على عدد من الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان. أدلة وشواهد يقول الخبير القانوني الأستاذ بارود صندل إن أي حديث عن حقوق الإنسان في السودان من الخارج ومن منظمات دولية أو خلافه طبعاً له ما يسنده فى الداخل، وصحيح أن حقوق الإنسان فى البلاد تحسنت كثيراً، ولكن مازال هنالك الكثير الذي يحتاج إلى عمل، خاصة وأن الخارج ينظر إلى مسألة حرية الصحافة والاهتمام بقيام النقابات والاتحادات بصورة ديمقراطية، ومسألة الاعتقالات السياسية بعين الاعتبار. كما أن المجتمع الدولى – والكلام لبارود - ينظر حالياً إلى الأوضاع فى جنوب كردفان ودارفور لآثار الحرب ومعسكرات النازحين. وأشار إلى جهود الحكومة في تعديل بعض القوانين، ولكنه عاب عليها عدم مشاورتها للقوى السياسية، خاصة من أحزاب الحوار الوطني. وقال: الحكومة الآن أعدت كثيراً من القوانين، وتسعى لتقديمها للمجالس التشريعية، وأن هذه القوانين ما زال يوجد بها تضييق على الحريات. مضيفاً في حديثه مع (الصيحة) بأنهم ناقشوا هذه القوانين في مداولات الحوار الوطني واتجاهها نحو تقييد الحريات يخالف ما تم الاتفاق عليه في توصيات الحوار الوطني. انتهاكات مدّد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في وقت سابق مهمة الخبير المستقل المعني بحال حقوق الإنسان في السودان أريستيد نونوسي سنة إضافية، وأقر مشروع قرار عُرض على مجلس حقوق الإنسان في جنيف، لاستمرار ولاية المجلس في مراقبة الأوضاع في السودان ومواصلة الخبير المستقل مهمته، ورفع تقريره عن أوضاع حقوق الإنسان كل 6 أشهر، وأثنى نونوسي في تقرير أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف على اتخاذ الحكومة السودانية خطوات إيجابية في مجال حقوق الإنسان، لكنه أبدى قلقه حيال وقوع انتهاكات، وقال إن الحكومة في تقريرها الموجه له في (مايو) الماضي، حول تنفيذ توصياته، أكدت تجريد 76 ضابطاً يتبعون لجهاز الأمن من حصاناتهم واتخاذ إجراءات الادعاء بحقهم وإحالتهم إلى المحاكمة على أفعال إجرامية متنوعة خلال العام 2016م، وإصدار عفو رئاسي عن 259 من عناصر الحركات المسلحة والإفراج عنهم. وأشار التقرير أيضاً إلى اتخاذ الحكومة إجراءات تأديبية ضد 46 فرداً من الشرطة والجيش، تمت محاكمتهم على جرائم مختلفة منها القتل والتسبب بإصابات .بيد أن نونوسي عاد وعبّر عن قلقه بشأن مسائل حقوقية عدة لم تُعالج بعد إلى حد كبير، من بينها انتهاكات للحقوق المدنية والسياسية بعد على طاولة الحوار الوطني. وذكر في تقريره أن الخبير المستقل لحقوق الإنسان يشعر بقلق إزاء حوادث المضايقة والاعتقال والتعذيب والاحتجاز المطول التي يتعرض لها أعضاء منظمات المجتمع المدني من جهاز الأمن والمخابرات.