في الوقت الذي اعتبرت فيه القوى السياسية قرار إطلاق سراح بعض المعتقلين السياسيين بالبادرة الطيبة من رئاسة الجمهورية، ورحبت به إلا ان ذلك الترحيب لم يدم طويلاً، إذ أن الحكومة فاجأتها بقول ثقيل، حيث رهنت إطلاق سراح بقية المعتقليين السياسيين بتحسين سلوك أحزابهم، والتخلي عن الدعوة لإسقاط النظام بالقوة ، غير أن خطوة الحكومة في إطلاق سراح معتقلي حزب الأمة القومي فقط دون شروط معلنة، أمر جعل الجميع يذهب الى وجود (مساومة) تمت بين الحزب الحاكم والأمة . حسن النية مدير عام جهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق مهندس صلاح عبدالله قوش أكد في حديث للصحفيين، أنه يراقب سلوك أحزاب المعتقلين السياسين خلال الفترة المقبلة، خاصة في تعاملها مع ما يجري في الساحة من تحول ديمقراطي، واشترط تخليها عن نهجها وأهدافها المعلنة للتظاهر والتخريب وإسقاط النظام بالقوة لإطلاق سراح معتقليها، وكان قد نوه قوش خلال مخاطبته لحفل تخرج بالأكاديمية أمس الأول، الى أن الجهاز أفرج عن الطلاب والنساء وجميع المنتسبين لحزب الأمة القومي فقط ، وعد البادرة بأنها تمثل حسن النية، من جانب رئيس الجمهورية . حراك سياسي الناطق الرسمي بإسم حزب البعث محمد ضياء الدين وضع عدداً من الأستفسارات في إفادة مقتضبة للصحيفة ، وقال: ماذا يعني إطلاق سراح معتقلي حزب الأمة فقط هل الحزب حسن مسلكه ؟، أم أن المسألة في مجملها لا تعدو كونها محاولة لوضع إسفين في العلاقات المشتركة بين مكونات المعارضة التي نظمت وقادت الحراك السياسي في الفترة الأخيرة ؟ تفرقة ويذهب المحلل السياسي البروفسير الطيب زين العابدين في ذات الاتجاه، بقوله إن خطوة إطلاق سراح البعض وترك آخرين بها تفرقة ، رغم أنهم جميعهم اعتقلوا لسبب واحد وهو المظاهرات، وتساءل لماذا إطلاق سراح معتقلين دون شروط، ووضع شروط لإطلاق الآخرين ؟، وقطع زين العابدين بأن حديث الحكومة لن يجد القبول من جانب الأحزاب التي لديها معتقلين، بجانب التي أطلق سراح معتقليها، واعتبر الطيب في حديثه ل(آخرلحظة) إن المظاهرات حق دستوري لا تستطيع الحكومة منعها البته .. وأضاف إذا استمرت الحكومة في هذا النهج ستنقض مخرجات الحوار الوطني، لجهة أن أحزاب الحوار بدأت تتململ ووجدت سبباً آخر، وأوضح الطيب أن الحكومة بهذه الممارسات حكمت بالإعدام على إصلاح يترقبه الناس في انتخابات 2020م . منهج جديد الخطوة حللها مراقبون للمشهد السياسي، بأنها أوضحت أن قوش سيتخذ منهج جديد في التعامل مع الاحزاب السياسية بعد عودته مجدداً، خاصة فيما بتعلق بخلافاتها مع النظام ودعوتها المستمرة لإسقاطه، وان النهج ليس حصر على الأحزاب التي لديها معتقلين بالسجون فحسب بل على جميع القوى السياسية، خاصة التي رفضت المشاركة في حكومة الوفاق الوطني .. يذكر أن الأحزاب في تعليقها على عودة صلاح عبدالله مديراً للجهاز طالبته بالإستفادة من فترته في السجن عندما كان معتقلاً بشأن إتهامه بجانب أخرين بقيادة محاولة إنقلابية ضد النظام . لا تنازل فيما نفى نائب رئيس حزب الأمة القومي اللواء فضل الله برمة ناصر، وجود تسوية أو مساومة بينهم والحكومة أدت الى إطلاق سراحهم، وقال هذا حديث عار من الصحة وغير دقيق، وأن الحزب موقفه واضح تجاه الحكومة، واعتبر إطلاق سراحهم خطوة من الحكومة الى الأمام لكنها لا تكتمل إلا بإطلاق كافة المعتقلين السياسيين، وقطع برمة ل(آخرلحظة) بأنهم ما زالوا على ذات المبدأ والحق بالمطالبة السلمية لكافة القضايا المتعلقة بالوطن، سواءأ كان بالمسيرات والاحتجاج أو بالحوار الذي يحقق السلام ،وذلك باستخدام القوة الناعمة، وأوضح أن المطالبة بالحقوق أمر مشروع وإن لم تنتهِ قضايا الوطن لن نتنازل عن المطالبة بالحقوق مهما كانت الاعتقالات حتى لا تدخل البلاد في مصير مجهول. تصاعد الأزمة وفي السياق اعتبر القيادي بالحزب الشيوعي يوسف حسين، (تحسين السلوك)، بالشرط الجديد، وأنه ليس فيصل في الحكم بين المعارضة والحكومة، بيد أن الدستور وقانون الأحزاب شددا على ضرورة إتاحة حرية الاحتجاج، وعدها بالقاعدة الجديدة للإنتقام من مناوئ الحكومة في الرأي، وقال «ما في حاجة إسمها تحسين السلوك)، وقطع حسين ل(آخرلحظة) بانهم ماضون في نضالهم حتى يسقط النظام، وأكد أنهم لن يخافوا أو يترددوا في ظل تصاعد الأزمة الاقتصادية يوماً بعد يوم . تقسيم المعارضة ومن جانبه قال رئيس تحالف قوى الاجماع الوطني فاروق أبوعيسى، إن إطلاق الرئاسة لسراح بعض المعتقلين والاحتفاظ بآخرين، تمييز قصد منه تقسيم المعارضة، وقال أبوعيسى إن إطلاق سراح البعض «مسلك انتهازي المقصود منه تقسيم المعارضة»، وأضاف مخاطباً الحكومة «نحن ما عدنا قابلين للانقسام، موحدون في رفضكم وضرورة الخلاص منكم»، وتابع «لماذا هذا التمييز، أعلنتم عن إطلاق سراح كل السجناء، لم تقولوا بعضاً ولم تميزوا، الآن تميزون هذا الحزب عن ذاك وهذا مقصدكم ولكن هذه الترهات لم تعد تنطلي علينا ونحن نرفضها».