ثمة ترقب في الشارع السوداني لتعديلات وزارية مرتقبة في حكومة الوفاق الوطني التي شكلها النائب الأول لرئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء القومي، الفريق أول ركن بكري حسن صالح في مايو من العام الماضي، ربما كانت ال(9) أشهر- وهي عمر حكومة الوفاق الوطني حتى الآن- كافية لكشف مكامن ضعف أداء بعض الوزراء، ومن ثم إجراء التعديل الوزاري بإعفائهم وتعيين آخرين بدلاً عنهم. جراحة عاجلة في اعتقاد الكثيرين أن ضعف بعض الوزراء لم يكن هو السبب الرئيسي وراء التعديلات الوزارية، التي تعتزم رئاسة الجمهورية إجراءها، ولكن ما وصلت إليه الأوضاع الإقتصادية من ضيق لم يحدث منذ عهود بعيدة، جعل قيادة الدولة بجانب الإجراءات الإقتصادية التي اتخذتها لمجابهة حالة الغلاء تفكر بشكل جاد في مراجعة أداء الطاقم الإقتصادي لمعالجة الموقف الماثل بشأن حالة الاقتصاد السوداني، التي تحتاج لتدخلات جراحية عاجلة، التكهنات التي سرت مضت في اتجاه أن التغيير الوزاري سيطال وزير المالية بجانب وزراء آخرين، وبالمقابل جاءت تصريحات مساعد رئيس الجمهورية نائب رئيس المؤتمر الوطني د. فيصل حسن ابراهيم- الذي تم تعيينه مؤخراً- لتؤكد ما مضى إليه الرأي الأول وهو وجود ضعف في الحكومة يتطلب إجراء تعديلات وزارية، فيصل قطع بأن التغيير سيشمل الوزير الضعيف مهما كان حزبه، الرجل الثاني في الحزب الحاكم أشار إلى أن التشكيل عملية إحلال وإبدال وتغيير في صفوف الحكومة بدأت قبيل أيام بتعيين الفريق أول أمن صلاح عبدالله قوش مديراً لجهاز الأمن والمخابرات الوطني، خلفاً للفريق أول أمن محمد عطا المولى، الذي تم تعيينه سفيراً بوزارة الخارجية بالقطاع الأول الخاص، أعقب تلك الخطوة إجراء تعديل في قيادة جهاز الأمن بإعفاء نائب مدير الأمن الفريق أسامة مختار، وتعيين الفريق جلال الدين الشيخ بدلاً عنه. إرهاصات وتغييرات بعد تلك الخطوات بدأت ملامح التعديل الوزاري تظهر عقب إصدار المكتب القيادي للمؤتمر الوطني قراراً أعفى بموجبه المهندس إبراهيم محمود من منصبيه كمساعد لرئيس الجمهورية ونائب رئيس الحزب الحاكم، وعين د. فيصل حسن ابراهيم بدلاً عنه، تلك الخطوة وإن كانت إرهاصاتها تدور في الوسائط الإلكترونية قبل صدورها وما سبقها من قرار بتعيين قوش مديراً للأمن، فإن الخطوة قد تفتح الطريق أمام عودة الحرس القديم خلال التعديل الوزاري المرتقب إلى الوزارات والمواقع القيادية، وبالتالي فإن الأمر يشيء بمفاجآت قادمة في الطريق، أول التوقعات لعودة الحرس القديم تتمثل في الأنباء التي راجت عن عودة أسامة عبدالله للواجهة من جديد، بجانب أسماء أخرى، كل هذا وذاك من أمر التعديل الوزاري وما صاحبه من جدل يتوقف على مناقشة الأمر بواسطة المكتب القيادي للمؤتمر الوطني، الذي سينعقد يوم الأربعاء بعد المقبلة حسب التواقيت المعلومة لانعقاد إجتماع قياديي الوطني، والمحدد انعقاده كل اسبوعين ما لم يطرأ طارئ يعجل بانعقاده، وبالمقابل فإن إخضاع التعديل الوزاري للنقاش والإجازة للأسماء بواسطة المكتب القيادي للحزب الحاكم تسبقه خطوة مهمة وهي التشاور حول الأسماء المختارة للوزارات المعنية بتغيير وزرائها سواء أكانت ضمن حصة المؤتمر الوطني أو الوزارات التي، تقع ضمن حصة أحزاب الحوار الوطني، في الجانب الآخر يعتزم حزب المؤتمر الوطني الحاكم إجراء تغيير في قطاعاته وأماناته، ورشحت أنباء عن أن التغييرات قد تتم اليوم (الأحد)، غير أن الأمر تجد فرضيته الاستبعاد باعتبار أن رؤساء القطاعات والأمانات يتم اختيارهم بناء على ترشيحات تتم وترفع للمكتب القيادي للحزب، والذي بدوره يجيز تلك الأسماء أو يرفضها، وقد أوردنا في أعلى الحديث الموعد المرتقب لاجتماع قيادي الوطني القادم، وهو ما ينفي إعلان التغييرات في قطاعات وأمانات الحزب اليوم. ضعف سياسات المحلل السياسي د. راشد التجاني يقول إن التعديل الوزاري القادم سيقتصر فقط على وزراء المؤتمر الوطني داخل الحكومة باعتبار أن الأمر يرتبط بالتغييرات التي حدثت داخل الحزب، التجاني يمضي في حديثه ل(آخرلحظة) للتأكيد على صعوبة تغيير وزراء الأحزاب المشاركة في الحكومة، لأن الأمر يتطلب التنسيق مع الحزب الذي ينتمي إليه الوزير وأخذ موافقته، مشيراً إلى أن تغيير وزراء الأحزاب الأخرى بخلاف الوطني يمكن أن يتم لاحقاً، راشد رجح أن تطال التغييرات المقبلة وزراء القطاع الإقتصادي باعتبار أن الضعف البارز في الأداء الحكومي كان في جانبه الإقتصادي، متوقعاً حدوث مفاجآت في التعديل المنتظر خصوصاً بعد التغييرات التي تمت في جهاز الأمن والحزب الحاكم، التجاني استبعد عودة الحرس القديم للواجهة من جديد، ومضى قائلا : التعديل غرضه تقوية الحزب والحكومة، وأشار إلى أن درجة نجاح التغييرات كبيرة لسببين أولهما إن التغييرات سببها الضعف في اداء الحكومة، وبالتالي فإن البديل سيأخذ في اعتباره سبب التغيير، وسيكون دافعاً له لإحداث التغيير المطلوب للأفضل، وأضاف (السبب الآخر أن التغيير الوزاري تم بناء على تغيير في الحزب، وهو ليس تغييراً في شخص، بل تغيير في سياسة وتوجه جديدين)، وتابع (مشكلة الضعف ليست ضعفاً في الشخصيات، وإنما ضعف في السياسات).