منذ الوهلة الأولى للإعلان عن تشكيلها، لاقت الحكومة السودانية الجديدة، انتقادات من قبل قوى معارضة. فبينما أشاد الرئيس عمر البشير بالتشكيلة الوزارية الجديدة، ووصفها ب"حكومة كفاءات"، فإن معارضين ومراقبين رأوا أن تلك الحكومة المعلنة الأربعاء الماضي، تصطدم بعدة عقبات وتحديات في مقدمتها الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ نحو 3 أشهر. ومنذ 19 ديسمبر / كانون الأول الماضي، تشهد مدن سودانية احتجاجات منددة بالغلاء، ومطالبة بتنحي البشير، صاحبتها أعمال عنف أسفرت عن سقوط 32 قتيلا، وفق آخر إحصاء حكومي.ويوم الأربعاء، أعلن رئيس الوزراء السوداني، محمد طاهر أيلا، تشكيلة الحكومة الجديدة، حيث ضمت 21 وزيرًا و18 وزير دولة. والخميس، قال الرئيس البشير، عقب أداء الحكومة الجديدة اليمين الدستورية بالقصر الرئاسي: "نحن نتحدث عن حكومة كفاءات،.. وهذه الحكومة من أناس نحن جربناهم من قبل، وأداؤهم كان مرضياً". وجاء الإعلان عن التشكيلة الوزارية الجديدة بعد نحو 3 أسابيع، من إعلان البشير، في 22 فبراير / شباط الماضي حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لمدة عام، وحل حكومة الوفاق الوطني وحكومات الولايات، كما دعا البرلمان إلى تأجيل النظر في التعديلات الدستورية. والحكومة الجديدة، هي الثالثة التي تشكل في ضوء نتائج الحوار الوطني (أنهى فعالياته أواخر 2016)، خلال عام ونصف، فقد سبقتها حكومة برئاسة بكري حسن صالح شكلت في مايو / أيار 2017، وتم حلها في سبتمبر / أيلول 2018. وتبعتها حكومة معتز موسى، التي استمرت لأشهر قليلة قبل أن يطيح بها البشير في فبراير / شباط 2019، على خلفية الاحتجاجات. والحوار الوطني مبادرة دعا لها البشير عام 2014، وأنهت فعالياتها في أكتوبر / تشرين الأول 2016، بتوقيع ماعرف ب"الوثيقة الوطنية"، التي شملت توصيات بتعديلات دستورية وإصلاحات سياسية، وقاطعته فصائل المعارضة الرئيسية بشقيها المدني والمسلح. **حكومة تكنوقراط ؟ عقب الإعلان عن التشكيلة الوزارية الجديدة، رأى مراقبون وسياسيون أن الحكومة لم تأتِ وفق ما أعلنه مسؤولون حكوميون وقادة بحزب المؤتمر الوطني الحاكم، بأنها ستكون "حكومة تكنوقراط"، لأجل تنفيذ برامج إصلاحية لتجاوز الأزمة السياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد. وذلك حدا بالقيادي في حزب "البعث" المعارض محمد وداعة، إلى القول إن "الحكومة الجديدة لا تعكس الوعود الحكومية بتشكيل حكومة تكنوقراط لانتشال البلاد من أزماتها السياسية والاقتصادية". وأوضح وداعة في حديثه للأناضول: "لايختلف التشكيل الجديد عن حكومة الوفاق الوطني (السابقة)". وفي الجهة المقابلة، كان لرئيس حزب المؤتمر الوطني المكلف، أحمد هارون، ردا مسبقا فيما يبدو على تلك الانتقادات، عندما أعلن، الأربعاء، ترحيب حزبه بالحكومة الجديدة التي وصفها "بحكومة مهام". ودعا هارون في تصريحات إعلامية، كل الشعب السوداني لمساندتها لتكملة البرامج الأساسية المتصلة بالإصلاح السياسي والاقتصادي. كما طالب القوى السياسية "أيا كانت مواقفها بالنظر باهتمام للإشارات السياسية الموجبة التي ترسلها طريقة تشكيل الحكومة"، دون تفسير لتلك الإشارات. ضمت الحكومة الجديدة 9 وزراء من سابقتها في تشكيلها، واحتفظ بمناصبهم كل من وزراء شؤون الرئاسة فضل عبدالله فضل، وشؤون مجلس الوزراء أحمد سعد عمر، والخارجية الدرديري محمد أحمد، والعدل محمد أحمد سالم، والعمل بحر إدريس أبوقردة. فيما انتقل وزير الحكم الاتحادي حامد ممتاز إلى وزارة الصناعة والتجارة، وبشارة جمعة أرو من وزارة الإعلام إلى الداخلية، والخير النور من الصحة إلى التربية والتعليم. كما انتقل وزير الحكم الاتحادي بولاية الخرطوم، حسن إسماعيل إلى وزارة الإعلام، ذلك ما اعتبره رئيس حزب المؤتمر السوداني المعارض، عمر الدقير "شراباً جديدا في جرارِ قديمة". وقال في حديثه للأناضول، "الحكومة الجديدة ضمت أشخاصا ظلوا يتبادلون مواقع السلطة خلال السنوات الماضية ". بالتزامن مع أداء أعضاء الحكومة الجديدة لليمين الدستورية الخميس، تواصلت الاحتجاجات وشملت عددا كبيرا من الأحياء بالعاصمة السودانية وعددا من المدن. احتجاجات ستكون هي "العقبة الكبرى" للحكومة في ظل تمسك المحتجين بإسقاط النظام وتنحي البشير، بحسب مراقبين. وذهب القيادي بالبعث "وداعة"، إلى أن الاحتجاجات ستتواصل في الشارع.