قبل أن تصل عاصفة الثورة إلى الخرطوم، لاسيما وأن أحزابا سودانية معارضة أعلنت عن تشكيل ائتلاف للتغيير، أعلن الرئيس السوداني عمر البشير حل الحكومة في آخر جلسات مجلس الوزراء وودع وزارءه توطئة لإعلان التشكيلة الوزارية الجديدة، المرجح الكشف عنها اليوم الأحد. وتوقع المراقبون أن يعلن التشكيل الوزاري الجديد خلال يوم أو يومين على الأرجح، حال تعذر إعلانه الأحد، وأرجأ الحزب الحاكم "المؤتمر الوطني" اجتماع مكتبه السياسي المقرر الجمعة الماضية لتسمية الوزراء، "انتظاراً" لحسم الحزب الاتحادي الديمقراطي المعارض موقفه من المشاركة. ونقلت تقارير الأسبوع الماضي أن الحزبين المؤتمر الوطني الحاكم والاتحادي الديمقراطي المعارض اتفقا الأسبوع الماضي على مشاركة الأخير في الحكومة المزمعة، بل إنه دفع بقائمة مرشحيه، وتتضمن أربعة وزراء اتحاديين، ووزيري دولة، ومستشار لرئيس الجمهورية، ومنصبين دستوريين في كل ولاية من ولايات البلاد. وبحسب تسريبات صحافية فإن تأخير إعلان الحكومة يعود إلى "انقسام " حاد داخل أروقة الحزب الاتحادي الديمقراطي المعارض بين دعاة المشاركة في الحكومة ودعاة البقاء في الصف المعارض. ونقل مقربون من قيادة الحزب الاتحادي الديمقراطي ل"الشبيبة" إن اجتماعاً "عاصفاً" للهيئة القيادية ربما يحسم أمر المشاركة نهائياً، وقالوا إن الحزبين كانا اتفقا على تشارك الحكومة الجديدة، بيد أن تياراً معارضاً للمشاركة تسبب في إعلان الحكومة في اللحظة الأخيرة، وتسبب في تقديم "مذكرة" إلى الحزب الحاكم تتعلق بتعديل القوانين الحالية والدستور وملف دارفور، وكيفية التعاطي معها. إلى ذلك؛ نقلت صحيفة "الأحداث" السودانية أمس أن اللجنة الرئاسية العليا للحزب الحاكم فرغت من وضع التشكيل الوزاري ووضعته على طاولة المكتب القيادي لإجازته. وأن الحزب الحاكم "قرر" تشكيل حكومته الجديدة دون انتظار الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي يشهد تنازعاً حول المشاركة وعدمها، ورجحت "الأحداث" تأخير إعلان الحكومة يرجع إلى عدم إكمال "أحزاب الوحدة الوطنية"، الموالية للحزب قائمة مرشحيها للوزارة، وأن الحكومة ستعلن قبيل المؤتمر التنشطي للحزب الحاكم في الرابع والعشرين من الشهر الجاري. وشهد تشكيل الوزارة السودانية الجديدة تجاذبات وتنازعات طوال الفترة التي أعقبت انفصال الجنوب في التاسع من يوليو الماضي، وكان متوقعاً مشاركة الحزبين المعارضين الكبيرين "الأمة والاتحادي الديمقراطي"، بيد أن "الأمة" نفض يده عن المشاركة رغم تسريبات من الحزب الحاكم بمنح المعارضة نصف الوزارة، لكن "الاتحادي" واصل التفاوض مع الوطني حتى قبيل إعلان الحكومة، إلاّ ان مواقفه كانت "ضبابية" وغير حاسمة، وتقول بعض قياداته إنها ستشارك، فيما تنفي قيادات أخرى مشاركته نفياً قاطعاً. ويتوقع المراقبون "حسم الجدل" حول الحكومة الجديدة خلال الشهر الجاري، سيما أن البلاد "لا تحتمل" تأخيرا أكثر لتشكيل الوزارة، بسبب الأزمات الاقتصادية والسياسية والأمنية الحادة التي تحاصر حكومة المؤتمر الوطني من كل الجوانب. وكان الحزب الحاكم وعد في وقت سابق بحكومة تقشف "صغيرة" تقلص فيها أعداد الوزارات والوظائف الدستورية إلى حدودها الدنيا بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد بسبب ذهاب عائدات البترول جنوباً عقب انفصال جمهورية جنوب السودان. ويتوقع المراقبون غياب العديد من الأسماء والوجوه "المتكررة " في الحكومة، بيد أن الوطني حسب صحيفة "السوداني" سيبقي على "وجوه كثيرة" الوزراء الحاليين ضمن حصته. وفي سياق آخر توجه أمس إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا وفد من حكومة جنوب السودان، للتفاوض مع الشمال حول القضايا العالقة من إتفاقية السلام الموقعة بين البلدين، برعاية الاتحاد الإفريقي بقيادة الرئيس الجنوب إفريقي السابق ثابو أمبيكي ومجموعة الوساطة الإفريقية. فيما سيزور الوسيط الإفريقي أمبيكي عاصمتي الدولتي اليوم وغداً لبحث ترتيبات التفاوض حول القضايا العالقة، "ملف أبيي، عائدات النفط، الحدود" وملفات أخرى عالقة.