قال تعالى «يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم» صدق الله العظيم. وقال تعالى «وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله» صدق الله العظيم.الحمد لله على نعمة الإسلام وكلمة التوحيد، ونسأله المزيد والصلاة والسلام على رسول الله الصادق الأمين وإمام المجاهدين وقائد الغر المحجلين إلى جنة الله رب العالمين.أحمده حمداً كثيراً متوالياً بأن خلصنا من ألقاب الدنيا، ووهب لنا الآخرة، وأنه اللقاء الذي كنا نتمناه، ورأيناه في المنام وحققه الله لنا نعمة منه ومنحة. وإني على يقين أن الخيرة هي التي الى إسعاد الآخرين دعوة وخدمة وجهاداً على تعاليم دين الله الحنيف وهدى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، والذى لا سبيل للبشرية أن تسعد بغيره في دنياها قبل أخراها التزاماً واعتصاماً، فوصيتي لإخواني وأهل بلدي في كل ربوع البلاد أن يسلكوا هذا السبيل عملاً وجهاداً خالصاً لله ودعوة للحق والفضلية لتعلو كلمة الله وحده في هذا البلد وتسري من ورائه إلى سائر البلدان، ولنا الأجر إلى يوم القيامة، وبدايته الزهد في الدنيا والعلم والعمل حتى ترون الحقائق كما هي وتكتشفون سر وجود الإنسان لحمل الأمانة، وبعد هذا أتوجه بالوصية إلى الوالدين من أم شفوق بدرجة لا يتصورها العقل، وهي التي زرعت فينا معاني الشرف والأمانة، وأب كريم وهبنا من سعة الصدر وأخلاقه حمل المسؤولية والسماحة، أقول لهما إني الآن عند ربي وهو أكثر عطفاً ولطفاً فاطمئنوا إلى تماماً، وإني لم أسقط وما سقطت في أمر حقير، ولكن لتمكين دين الله ومنع الفساد ولإعمار البلاد وأمن الأمة، وكفي بذلك تسلية وتعزية.. فأرجوكما خالص الدعاء والعفو الكثير المستمر، كما أرجوكما الاجتهاد في العبادة والالتزام بالدين، وأرجو من ربي أن يجمعني بكم في مستقر رحمته. وأقول لزوجتي وأولادي إن كنت زرعت فيكم معاني التقوى والدين، فرجائي الالتزام بذلك دوماً، وأن تنفذوا وصيتي التي أخبرتكم بها كتابةً وشفاهةً وأسالكم العفو والدعاء دوماً.وأقول لأختي وإخواني وأقربائي وعشيرتي.. عليكم بتقوى الله، وأسالكم العفو والدعاء، وأقول لإخواني في الله وفي طريق الحق المقدس أنا منكم وفيكم دنيا وآخرة، وأسال الله لكم التوفيق والسداد على هذا الطريق الطويل الشاق، وإن كان محفوفاً بالمخاطر ولكنه مأمون العواقب في الدنيا والآخرة. وأخص بهذه الوصية أهل الحل والعقد من المهتمين بأمر الدين والحكم في هذا البلد، أن تجعلوا دم الشهداء كلهم لسنين خلت وإلى ما شاء الله هي بعد الله ورسوله، نوركم وزادكم وأمانتكم التي لن تضيعوا الدين بعدها، ولن توسدوا الأمر إلى غير أهله من أهل الدنيا المزخرفة، ولن تأخذكم في ذلك لومة لائم ولو كان ذا قربى أوجاه أو تاريخ، الزموا أنفسكم بأولي الحلم والنهى كما أشار النبي صلى الله عليه وسلم، فإن سرتم على ذلك فسوف يوفقكم الله سبحانه وتعالى توفيقاً، ويجعل لكم من كل كرب فرجاً ومخرجاً مهما انطبقت عليكم جحافل الشر ومكر الفجار وعثراتكم مهما كانت كبيرة وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها. وأقول كل الناس يموتون أما الذين يحيون فهم الذين يزرعون في الأمة معاني الحق والفضيلة، ويستشهدون من وراء ذلك لكي تهنأ الأمة وتعبد الله في طمأنينة كما ذهب الرسول «صلى الله عليه وسلم» في رحمة وأمان للعاملين، فيكتب الله عملهم هذا وآثارهم من ورائهم صدقة جارية إلى يوم القيامة، ومادام الناس ينعمون بذاك الأمن ويتقلبون في تلك الرحمة فهؤلاء الرجال أعمار آثارهم أطول بكثير جداً من أعمارهم في الحياة. ومن أجل ذلك أحببنا ذلك السبيل الذي هدانا الله إليه وفضلنا على سائر المهن، ولذا أمنا بسيرنا ومصيرنا، فإذا تناهى الحب واتفق الفداء فالروح في باب الضحية أليق، وأقول في النهاية أرجو من أمي وأبي وزوجتي وأولادي وأقربائي وأهل بلدي وكل إخواني في الله وأهل السودان ومن ورائهم من الورى، أرجو منكم خالص الدعاء والعفو والصفح ومن كل من ظلمته أو أذيته، ولو كان ذلك يسيراً ولو كان في صحبة سفر أو صدفة أو في لقاء عابر أن يعفو عني مع خالص الدعاء، لكي يتغمدني الله برحمته ويعفو عن كل سيئاتي وزلاتي. وفي الختام أسال الله لكم جميعاً التوفيق لما يحبه ويرضاه، وأن تجد عندكم هذه الوصية القبول والعمل حتى تكون لي صدقة جارية، فهي خير لي من حمر النعم يعوضني فيها الله سبحانه وتعالى عما كنت أطمع أن يمتد بي العمر عاملاً وداعية في سبيل الله، وأساله أن تعلو كلمته وأن ينشر رحمته على العباد والبلاد، ولكم كل التوفيق والسداد والرشاد آمين.