لم يكن الضابط برتبة رائد يتوقع أن تصدق نبوءة زميله برتبة العقيد والذي كان يقول له: «أنت حاكم وح تكون يوم حاكم» وكان يرد عليه: «كان أنا حاكم انت رئيس عدييل» ومن تصاريف الأقدار أصبح الرائد وهو اللواء «م» محمد فضل الله حامد فضل الله حاكمًا وبات العقيد وهو المشير عمر حسن رئيسًا، فبالأمس أصدر البشير قرارًا قضى بتكليف ابن منطقة أبو جابرة محمد فضل الله وهو اسم واحد واليًا لشرق دارفور.. الحديث الذي كان يدور بين الرئيس والوالي بين عامي «84 و1985» بحسب مارواه ل «الإنتباهة» أحد ضباط الدفعة «27» التي ينتسب إليها فضل الله أشار إلى أن الأمر لم يكن سوى مزاح أو من باب إذا كان الرائد حاكمًا فمن المنطقي أن يكون العقيد رئيساً.. ويقال إن فضل الله روى ذات الأمر في إحدى المرات.. المهم ومن المؤكد لم يخطر المنصب على بال فضل الله الذي استُدعي الثلاثاء الفائتة بحسب مصدر موثوق لاجتماع ضمه ومساعد الرئيس د. نافع علي نقل إليه اختيار البشير له والذي توطدت علاقته به وبشكل أقوى في العام «1996» عندما ابتُعث إلى ليبيا ملحقًا عسكريًا بسفارة السودان هناك، ومكث بها حتى مارس «2001» حيث كان البشير يولي محطة طرابلس اهتمامًا خاصًا بجانب تعدد زياراته ثم وقعت أحداث مدينة الزاوية الليبية في العام «2000» التي تعرف من خلالها كثيرون على فضل الله حيث تضرر عشرات السودانيين هناك وجاهر الرجل حينها بأن النظام الليبي غير مبرأ مما حدث، وبحسب تقارير بعثها للخرطوم كان تقييمه أن الأحداث صُنعت لتفريغ ليبيا من الأفارقة ومن بينهم السودانيون ما اضطر الخرطوم لابتعاث وزير رئاسة مجلس الوزراء حينها الفريق عبد الرحمن سر الختم لاستجلاء الأمر وكان السفير بطرابلس عثمان ضرار سفيرًا وبات فضل الله شخصًا غير مرغوب فيه في نظر الليبيين هو ومساعده العقيد قاسم محمد صالح وكذلك القنصل العميد شقاق، لكن ضيفنا والذي تخرج في الكلية الحربية في مايو «1978» وقبلها كان قد التحق بكلية القانون جامعة القاهرة فرع الخرطوم في «1975» وتركها بعد الاضطرابات التي شهدتها الجامعات حينذاك ذاع صيته في أحراش الجنوب إذ كان من أكفأ الضباط وكان المتمردون يعرفونه جيداً مثل معرفة إخوانه في الجيش والدفاع الشعبي له، حيث عمل في الإستوائية وبحر الغزال فعقب هجوم الجيش الشعبي الشهير على جوبا في العام «1992» على ما أعتقد تم نقله من الدمازين إلى الإستوائية لتعزيز الجيش، وفور وصوله كُلِّف بأهم مهمة وأكثرها تعقيدًا حيث كان المتمردون يقصفون جوبا بواسطة راجمات نُصبت على طريق نمولي بعد خور «كيت» فأسندت له قيادة متحرك سيوف الرحمن لضربها وكانت معه الكتيبة الخضراء من جهاز الأمن واستطاع بقواته عبور الخور رغم فصل الخريف تم تدمير راجمة وحرق أخرى وعادوا ظافرين إلى جوبا.. ولعل مواقفه جعلته في وجه المدفع وإدارة المهام الصعبة حيث كُلِّف بفتح الطريق إلى توريت إذ كان التمرد يحاول قطع الطريق إلى جوبا ويذكر المجاهدون كيف استطاع قائدهم تدمير التمرد في منطقة نسيتو وكوبري أربعة. وفي العام «1993» كان فضل الله قائد ثاني متحرك متوجه نحو ياي وبعد وصولهم أصبح قائد نهر ياي ووقع الحصار الشهير للقوات المسلحة في مربو وتم تجهيز متحرك «نصر الرجال» لإنقاذهم ونصب فضل الله قائدًا عليه ونجح في مهمته بامتياز كما عمل قائد ثاني بشندي وقائدًا لمنطقة فتاشة وقائد ثاني في الاستخبارات، قائد القوات المشتركة في بحر الغزال وقائد المنطقة العسكرية الخرطوم وقائد المنطقة الشرقية بخشم القربة ومديرًا لإدارة الموارد البشرية بهيئة الأركان المشتركة وهو آخر المناصب التي تقلدها قبل تقاعده بعد أن أفنى «35» عامًا من عمره الذي قارب ال «57» عاماً في خدمة القوات المسلحة والتي تقاعد عن العمل منها في فبراير العام الماضي ومن المحطات المهمة في عمله قيادته للمنطقة المركزية الخرطوم إبان دخول حركة خليل أم درمان حيث أدار الأزمة بكفاءة وكان مديرًا لغرفة العمليات التي ضمت بجانبهم الأمن والشرطة. فضل الله الحاصل على بكالوريوس العلوم السياسية من جامعة الأزهري في «2009» تربى في منزل اشتهر بالجودية والإدارة حيث كان والده عضوًا بمجلس الشيوخ عن دائرة غرب البقارة في برلمان «1954» وبشأن علاقته المستقبلية بالسلطة الانتقالية يبدو أنه لن يجابه بمصاعب وهو صديق لرئيسها السيسي الذي كان يتقدمه بعام دراسي واحد في نيالا الثانوية منتصف السبعينيات.