عندما يكون حاميها هو حراميها وعندما يقع الظلم من الجهة المنوط بها إقامة العدل وعندما يفسد من يُفترض أنه كابح جماح الفساد وعندما يُنصَّب الذئبُ حارساً للغنم تنخرم أهمّ الأسس التي تقوم عليها الدولة وهل من قاعدة تقوم عليها الدول أهم من العدالة تلك القيمة المطلقة التي قام عليها الكون والسماوات والأرضِين؟! (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ٭ أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ٭ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ) عندما يحدث الطغيان الذي هو نقيض العدل تتدخّل يدُ القدرة الإلهية ولو بعد حين وهل ثورات الربيع العربي إلا انتصار للعدالة؟! أكتب ذلك وأنا موجوع ومرارتي التي تلقّت من صنوف (الانفقاع) ألواناً تتعرّض لحالة يُرثى لها من الألم جرّاء قول وزير العدل عن المستشار مدحت الذي تقرّر أن يُحال إلى محاسبة إدارية بعد أن بُرِّئ من المسؤولية الجنائية فقد قال دوسة (إنه قد أثبتت لجنة التحقيق القضائية أن للمستشار مدحت عبد القادر شركات خاصة وكذلك يمتلك مجمع زمزم التجاري الذي تعامل مع وزارة العدل تجارياً عندما كان المستشار مدحت مديراً للشؤون الإدارية والمالية بوزارة العدل ولذلك أوقفناه عن العمل وأحلناه إلى لجنة محاسبة)!! يا سبحان الله.. المستشار مدحت لديه شركات خاصة ولا تعتبر هذه جناية!! ويُحيل مشتريات وزارة العدل إلى شركاته الخاصة ولا يُعتبر ذلك جرماً أو استغلالاً للنفوذ!! الأخ ضياء الدين بلال الذي فجّر قضية مدحت يقول إن لجنة قضاة المحكمة العليا لم تستمع لأيٍّ من الشهود الاثني عشر الذين قدَّمهم للجنة واكتفت بالاستماع للجنة المستشار محمد فريد المطعون في نزاهتها لأسباب تتعلق بذلك المستشار (فريد) الذي دار حوله كلامٌ كثير في السابق وخضع لتحقيقات حول مخالفات ارتكبها هذا بخلاف أن اللجنة تضم مستشارين في درجات لاتؤهلهم للنظر في قضية مدحت!! ضياء أضاف متحدياً أن يسألوا وكيل وزارة العدل السابق عبد الدائم زمراوي عن قصة تأجير لحافلات وزير العدل السابق علي محمد عثمان يسن وذلك المسؤول الكبير الذي أظنه الرئيس الذي عرض عليه مدحت عندما كان مديراً للأراضي قطعة أرض مميَّزة وما كان من المسؤول الكبير إلا أن غضب ووجَّه بفصله ولكن يبدو أن ظهر مدحت أقوى من الرئيس ذاته!! كنت أتوقَّع أن ينتصر أهلُ القانون للعدالة لا أن ترتفع الزغاريد وتُوزَّع الحلوى داخل وزارة العدل حتى على الوزير دوسة الذي قيل إنه تلذّذ بطعم قطعة وربما قطعتين مع ابتسامة قالوا إنها عريضة!! عندما يحدث ذلك في وزارة العدل التي ينبغي أن يسري عليها فقه (نساء النبي) الذي يُشدَّد به على من يُفترض فيهم القدوة بما يضاعف عليهم العقاب بدلاً من تخفيفه يصبح الأمر جللاً والخطب عظيمًا والمصيبة كبرى!! في قضية الكاردينال عندما ارتكب أحد وزراء العدل جرماً انتهك مبدأ العدالة كان العقاب عظيماً بقدر الجرم. كذلك الحال في قضية الأقطان التي ملأت الدنيا وشغلت الناس... لم يشفع للضالعين في الفساد أنهم من أهل السبق والعطاء و(التمكين) وحمد الناس للرئيس أنه أبطل قراراً بتعيين مدير لم يمضِ على تنصيبه يومان بالرغم من أن القرار الرئاسي أحرج بعض أهل الحظوة والبذل الكبير ودخل السجن رجالٌ ما كان يتخيّل أحدٌ من العالمين أنهم يمكن أن يطولهم العقاب!! بنفس المنطق أقول إن الأمر يستحق تدخُّل الرئيس مجدداً بعد أن عجزت الوزارة عن مواجهة الحقيقة المُرة فما من وزارة أحق بأن تُحمى سمعتُها من وزارة العدل وما من قيمة أجدر بأن ينتصر لها الرئيس أعظم من العدالة. إن وزارة العدل ينبغي أن تكون هي الأَوْلى بالالتزام بالقانون فقد ذكر تقرير المراجع العام لعام «2010م» أن وزارة العدل فرضت رسوماً وحصلتها بقرارات إدارية بالرغم من أن الرسوم لا تُجاز إلا بقانون!! إنني أدعو إلى أن يطول الإصلاح القضاء ووزارة العدل وأعلم أن بهما رجالاً على درجة عالية من الكفاءة والتديُّن فهلاّ أُطلقت أيديهم من أجل القيام بالإصلاح المطلوب!! راشد عبد الرحيم!! { لا أملك إلا أن أعتذر للأخ راشد عبد الرحيم عمّا أصابه من تجريح في المقال الذي خطّه يراع الأستاذ سعد أحمد سعد فقد قرأت مقال راشد الذي عقّب عليه شيخ سعد ولم أجد فيه ما يستحق القدح والذم والتجريح ولو عرف شيخ سعد الأخ راشد لما كتب عنه ما كتب وبالرغم من تقديري لرؤية الأخ سعد حول الملاحظات التي أبداها على المقال إلا أنني أتفهّم تماماً المشاعر والأهداف التي جعلت راشداً يكتب ما كتب حول الرفاق الذين صحبوا والده رحمه الله خاصةً أن والده قد مات مؤمناً بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم والله حسيبه ونسأل الله تعالى حسن الخاتمة لنا ولكل من ذكرهم راشد من قادة الحزب الشيوعي خاصة محمد إبراهيم نقد.