ثم ماذا عن فتاوى الترابي التي تنكر نزول المسيح عيسى ابن مريم؟ هذه النصوص التي نزلت في السنة الصحيحة وهو ما عُلم من الدين بالضرورة، وإنكاره كفر بالله سبحانه وتعالى، وأنا أرى أن هذه المسألة يجب أن يربأ بها وعي الناس لأنها ابتُلي بها بعض المثقفين في هذا الزمان، فقد أخذوا الكلام من الترابي وبعض المنكرين لثوابت السنة.. إنكار نزول المسيح للاسف الشديد هو إنكار لما هو معلوم من الدين بالضرورة، ولا ينبغي أن يثار خلف هذه الدعوة.. إنكار الترابي هذا قديم لا جديد، ففي كتابه قضايا التجديد أو حول منهج الأصول يقول فيه بعض التقاليد الدينية تصور عقدي بأن خط التاريخ الديني بعد عهد التأسيس الأول ينحدر بأمر الدين إنحطاطًا لا يرسم نمطًا روحيًا في ظل هذا الاعتقاد تتركز آمال الإصلاح أو التجديد نحو حدث أو عهد واحد بعينه مرجو بالمستقبل يرد أمر الدين إلى حالته المثلى من جديد وهذه العقيدة نشأت عند اليهود واعترت النصارى وقوامها انتظار المسيح يأتي أو يعود عندما يبلغ الانحطاط ذروته في عهد الدجال قبل أن ينقلب الحال صاعدًا بذلك الظهور ولعلها تحريف للبشريات التي جاءت في الوحي القديم لمبعث عيسى قبل مبعث محمد عليهما السلام.. عقيدة نزول المسيح عليه السلام في آخر الزمان عقيدة صحيحة وواردة في الكتاب والسنة وفي صحيحي البخاري ومسلم والترابي لم يستخدم ألفاظًًا وعبارات شرعية إنما فلسفية وإنشائية. ما هو تعليقك على الأحداث التي جرت مؤخرًا بين المتصوفة والسلفيين وإلى ماذا تعزوها؟ الاحتكاكات والاشتباكات التي حدثت أخيرًا بين إخواننا السلفيين وإخوتهم الصوفية وأنا أقول إخوتهم لأن هناك الحد الأدنى بين الرباط الذي يجمع بيننا وبينهم، هم يلتقون معنا على كلمة الإيمان «لا اله إلا الله محمد رسول الله» وما يقوم به الصوفية في الموالد وغيرها في نظرهم تقدير لحبهم للنبي صلى الله عليه وسلم، وما يقوم به السلفيون وأنصار السنة والنكير على هذه البدع والموالد ايضًا من قبيل ومن باب حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم واتباعهم له فالسلفيون يرون أن اتباع النبي عليه السلام إنما يكون بالتمسك بما جاء به دون أن نزيد فيه شيئًا.. وإخواننا الصوفية يرون أن تعبيرهم عن حبهم بمثل هذا المولد بغض النظر عن تخطئتهم وأنهم خالفوا الصحيح.. وانا اقول في مثل هذه قضايا الخلافات بين الصوفية وأهل السنة أرى أن تستخدم فيها قوة المنطق لا منطق القوة، قوة الثقافة لا ثقافة القوة، يجب أن نتنبه لهذه القضية، المجتمع المتحضر السلمي القابل للنمو والتطور وقابل أن يسير للأمام نحو غد مشرق هو الذي تغلب فيه الصفات آنفة الذكر لا ينبغي أن نعالج قضايانا الخلافية بالضرب والتكسير والتحطيم والحرق، لا.. إذا كان هناك خلاف احتدم بينهم فليأتِ كلٌّ منهما يعرض حجته ثم فليتبع الحق، أما الزبد فليذهب جفاء، اما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض، فالحق أبلج والباطل لجج.. ثقافة الضرب دليل أن المجتمع ضعيف أعزو الظاهرة إلى ضعف بناء الوعي للذين يستخدمون العنف، ضعيف بغض النظر عمّن الذي بدأ العنف، أنا أدعوهم إلى تشكيل بناء الوعي وتقوية لبنات الحجة لأن هذا منطق غابة وليس منطق حضارة أو إنسانية. برأيك هل السودان مقبل على فتنة دينية؟ إذا لم يتدارك الكبار والقادة والقيادات بمختلف ألوان طيفهم هذا الأمر فمن الذي يمنع أن يكون فتنة دينية لأننا بشر ولدينا بعض النوازع لا نربأ لأنفس أن تصاب كما يصاب غيرنا.. إذا لم يتدارك الجميع وتأدبوا بأدب الكتاب والسنة في إدارة الخلاف فيما بينهم أرى أن يكون مؤهلون سببًا في فتنة دينية في البلاد وفتنة طائفية وأرى أن هذا أقرب للأسف الشديد لاسيما لدينا في السودان أرض خصبة للطوائف . فضيلة الشيخ ما رأيك في الآتي: أولاً الحديث الذي أورده الفريق الدابي في مؤتمره الصحفي الأخير عن أحداث سوريا؟ والله أي شخص يتابع الأحداث ويوميات الثورة السورية نجده يستغرب كثيرًا هذه التصريحات.. التصريح الذي صرح به الدابي يثير الكثير من علامات الاستفهام أولاً للأسف جاء مطابقًا تمامًا لرواية إعلام وأجهزة النظام السوري أي أجهزة الجلاد والسفاك المجرم.. ردد الدابي نفس ما ورد في الأجهزة وحقيقة الأخير أحرج السودان والسودانيين والجامعة العربية ووزراء خارجيتها وأمينها العام جعل النظام السوري الدموي يستند إلى هذه التصريحات ليزيد من وتيرة القتل والمذابح التي يرتكبها في حق الشعب السوري الأعزل.. الدابي اين يذهب من قول «النبي صلى الله عليه من أعان علي دم أمرئ مسلم بشطر كلمة كتب بين عينيه يوم القيامة آيس من رحمة الله» لقد اختار لنفسه طريقًا وعرًا.. وأول ما ذهب قال والله الوضع مستقر ثم انقلب مرة أخرى وقال بعد وصول الوفد قل العنف تقرير سيئ جدًا وهنا ينتابني شيء من الريبة يا ترى ما الذي جعله يقف هذا الموقف؟ هناك من يعزي السبب الى المصالح المشتركة؟ إذا كانت الحكومة السودانية تدعم خط بشار وتؤيد النظام ولا تؤيد الثورة السورية ما هو مبررها؟ هل مبررها أن النظام السوري وقف مع البشير في قضية أوكامبو والمحكمة الجنائية، فلا والله الذي وقف مع البشير الشعب السوري وهو الذي سيبقى، وبشار هو الذي سيفنى، كما هناك شيء يجب أن تنتبه له الحكومة السودانية، يجب أن يكون هناك تناغم وتوافق بين موقف شعب السودان والحكومة، يستحيل أن يكون هذا الانفصام والانعزال والتناكف بين الشعب والحكومة، إذا كان كل السودانيين يقفون مع الثورة السورية ما الذي يجعل البشير والقيادة العليا تساند وتغض الطرف عن جرائم بشار وتوحي للناس وقفتها مع النظام السوري.. واقل شيء يجب على الحكومة فعله طرد سفير النظام الذي يمارس القتل والإجرام وتعلن اعترافها بالثورة أسوة ببقية الدول العربية بعد قرار مجلس الأمن الذي استخدم فيه الروس والصين حق الفيتو فالقضية لا تحسب بالمصالح الاقتصادية بقدر ماهي مسألة مبدأ إلى متى ستكون نظرتنا مادية؟ أين المبادئ والقيم الذي نفني من أجل الجبل الإنساني الذي فطر الله تعالى عليه البشر.