دخلت عليَّ سكرتيرتي وأنا جالس بمكتبي لتعتذر لي عن غيابها ليوم عن العمل والسبب أن أرنب ابنها أُصيب بجلطة في الدماغ، وقد استدعت الطبيب البيطري للمنزل الذي شخَّص الحالة وأوصى بالموت الرحيم للأرنب عن طريق حقنه؛ لأن حالته ميؤوس منها، واسترسلت قائلة: «كنت أصلي وأدعو في سري أن يوافق ابني «وليم» على حرق الأرنب ولكنه تمسك بمراسم الدفن، وقمت بذلك في الحديقة الخلفية للمنزل، وأضأنا الشموع وحزن ابني كثيراً»، قبل هذه الحادثة بأسبوع طلبت مني ابنتي «لينا» شراء كلب لها، فقلت لها سوف أحضر لك كلبًا مجاناً من السودان، فأجابت معترضة «كلب السودان دا حيوان يا بابا ولا مجال لترويضه»، فقبلت عذر السكرتيرة التي أخبرتني أن هنالك شخصين يمثلان إحدى شركات الأدوية يودان لقائي فوافقت.. دخل الرجلان أخرج كلٌ بطاقة وعرّفا أنفسهما بأنهما يعملان لحساب جهاز المخابرات البريطانية وأخبرا السكرتيرة خلاف ذلك لتجنب إحراجي، وقالوا: لاحظنا ترددك الكثير على السودان على عكس السنوات السابقة، نود معرفة السبب وهل لك علاقة بأسامة بن لادن، ابتسمت وكانت إحدى الصحف الإنجليزية غطت زيارة لي صحبني فيها عددٌ من أطباء المستشفى التي أعمل فيها مصحوبة بصور مرضى في السودان.. أعطيتهم الصحيفة بأدب جم، اعتذروا ووعدوا بتصحيح معلوماتهم، وكان ذلك في عام 2003م.. عدد عمليات زراعة الكلى وصل إلى «29» عملية قدّمتها في ورقة علمية إلى مؤتمر عن زراعة الكلى من المتبرعين الأحياء في أوسلو بالنرويج، انبهر النرويجيون للعمل القادم من دولة فقيرة وكرَّموني برحلة سياحية (NORWAYINANUTSHELL) تجوب البلاد في الساحل الغربي، امتطيت فيها كل سبل المواصلات.. القطار البص الترام عربات الجليد التي تجرها الكلاب ثم الباخرة والعودة بالطائرة. توطدت علاقتي مع المستشفى المرجعي بأوسلو وساهم أطباء كثر من النرويج في القوافل الطبية التي جابت شتى مدن وضواحي السودان، نظم على ضوئها الصديق البروفيسور محمد علي التوم سفير السودان لدى دولة النرويج وقتها زيارة لي برفقة الدكتور إبراهيم الطيب الريح، شكرنا فيها الذين ساهموا في القوافل وأُتيحت لي زيارة المستشفى المرجعي للوقوف على تطورهم في مجال زراعة الأعضاء، غادرت والشيخ الدكتور إبراهيم إلى مطار أوسلو، كنت أتطلع إلى اللوحات الإلكترونية لمعرفة موعد مغادرة طائرة الخطوط البريطانية إلى لندن، عدت وفي لحظات اختفت الشنطة التي بداخلها جواز سفري، سردت الواقعة لمسؤول الخطوط البريطانية وزدت أنني بصدد إجراء عملية زرع كلية اليوم التالي، تم إدراجها قبل أربعة أشهر، طلب اسم العائلة وتاريخ الميلاد، طابق هذه المعلومات مع جهاز الكمبيوتر، أعطاني رقماً لدخول مطار هيثرو بلندن وقد كان. بعد ثلاثة أيام من وصولي كان تاريخ سفري إلى إسبانيا لتقديم ورقة علمية، فقدت الأمل في الإيفاء بذلك، اتصل بي في اليوم التالي السفير البروف محمد علي التوم وقال «وُجد جواز سفرك في حمامات المطار وقد أرسلته لك مع سائقي القادم إلى مدينة برستول بإنجلترا» تمكنت من السفر إلى إسبانيا في الموعد المحدد لتقديم الورقة، فقد أخذ اللص جهاز الكمبيوتر من الشنطة ولم يعلم أنه مشفّر من قبَل المستشفى التي أعمل بها ولن يستفيد منه. ذكَّرني ذلك بالرجل الذي يزوِّج البنات القبيحات حضرت له واحدة قال لها: «إنت قبيحة جداً ويجب أن أعمل ليك حجاب ديجتال واتنين «إل ام بي» L M P وحصلت على زوج، حضرت أختها وهي تبحث عن عريس وقالت له: إنت جبت لي أختي عريس ولكن كان فاشلاً فرد قائلاً: أختك نامت بالبياض وأنا شفّرت ليها الراجل».