بعد الجلسة الغاضبة والصاخبة التي عقدها حزب الترابي برئاسة أمينه العام حسن الترابي لمحاسبة نائبه الشيخ عبدالله حسن أحمد زعيم تيار تطبيق الشريعة داخل الحزب، وبعد الغضب الشديد الذي ارتسمت آثاره على وجه الترابي بسبب توقيع الشيخ عبد الله على البيان التأسيسي لجبهة الدستور الاسلامي، وبعد ان اعتبر الترابي ان مجرد التوقيع على ميثاق تطبيق الشريعية الإسلامية «يصب في مصلحة المؤتمر الوطني والحكومة»، وبعد أن اعتبر بعض عضوية حزب الترابي أن كل هذا «تراجع» وموقف ضبابي من الشريعة الإسلامية».. ولعل هذا البعض هو ما نسميه التيار الإسلامي داخل داخل حزب المؤتمر الشعبي بقيادة عبد الله حسن أحمد، بعد كل رد الفعل هذا على «الخطوة الإيمانية» لزعيم تيار إرث الحركة الإسلامية بالمؤتمر الشعبي السيد عبد الله حسن أحمد، تكون الرؤية قد استكمل اتّضاحها، وانكشف لدى بعض الناس الذين انخدعوا في الترابي وطالما انخدعوا بأمر الرجل الذي أكد إنه يحمل مشروع طموحات شخصية تحت ستار المشروع الحضاري.. الترابي يرفض كل مصلحة للحكومة والحزب الحاكم حتى ولو كانت مستحقة لأنه يعتبر بعد قرارات الرابع من رمضان أن المؤتمر الوطني والحكومة شر مطلق، مع أن كثيراً جداً من أبناء الشعب كانوا يعتبرونها هكذا قبل «قرارات الرابع من رمضان» التي نفّست إلى كبير حالات الاحتقان بين النظام الحاكم والشعب. كانت قرار الرابع من رمضان خطوة إصلاحية اتخذتها الحكومة لتقلل من تبريرات إسقاطها.. لكن هذه القرارات الرمضانية هي التي دقت الإسفين بين الحكومة والترابي فظل الأخير في حالة غضب جعلته يطلق التصريحات المجانبة للصواب.. جعلته في حالة ذهول، مرة يفتي في اتجاه معاكس وآخر يعارض وثالثة يحرض التمرد على استمرار الحرب والتدمير.. وكان كل هذا كافياً لعدم دعوته أو دعوة حزبه لحضور مؤتمر البيان التأسيسي لجبهة الدستور الإسلامي.. حزب الترابي ليس حزباً إسلامياً من الناحيتين الشكلية والجوهرية، فهو قد خرج من رحم الفعل على قرارات الرابع من رمضان فنشأ حزباً كيدياً لا يخدم وطناً و لا أمة، هو فقط للتشفي من إخوان الأمس، وكلما شفى الله عضواً أو مجموعة أعضاء فيه من صدمة رد الفعل والكيد وحالة الضرار عادوا إلى المؤتمر الوطني وآخرهم نائب رئيس الجمهورية الحالي الحاج آدم يوسف.. لكن السؤال المهم هنا هو: هل بعد أن تجاوز حزب الترابي الخطوط الحمراء لتيار عبد الله حسن أحمد وهي تطبيق الشريعة الإسلامية بغض النظر عما دونه هل سيعود السيد عبدالله حسن أحمد وهو رافع المصحف الشريف ويهتف: فليعد للدين مجدٌ أو ترق كل الدماء؟! إنها دماء غردون باشا يا الصادق المهدي.. هل تذكر ما قاله التاريخ عنها؟! هل تذكر أن المهدي طبق الشريعة بعد مقتل غردون؟ هل تذكرين يا وصال المهدي ما قاله التاريخ؟! ها هو المؤتمر الشعبي على لسان أحد عناصر التيار العلماني فيه وهو كمال عمر يتراجع عن موجهات الثورة المهدية وأحلام الجبهة الإسلامية القومية قبل تحرك 30 يونيو 1989م.. إن خراب البيوت «خشم بيوت» والذين يحبون خراب بيت الحركة الإسلامية هم الذين تضرروا أصلاً من مصالحة يوم السبعات الطويلة 7/7/1977م» مع الرئيس نميري وتضرروا من حركة يونيو 1989م واسعدتهم قرارات الرابع من رمضان، إنهم جماعة أبوعيسى وعرمان ونقد ورابعهم كمال عمر صاحب مهمة التقويض من الداخل.. ذهب المؤتمر الوطني بانتخابات أوربيع عربي أو لم يذهب ليس هذا المهم.. إن المهم هو ألاّ تذهب الشريعة الإسلامية لصالح أبوعيسى وعرمان ونقد وكمال عمر. وإذا ذهب المؤتمر الوطني فإن الواقع يقول ليس بديله هؤلاء بأي حال من الأحوال وليس من صالح هؤلاء كذلك أن يذهب المؤتمر الوطني لأن بديله هو جبهة الدستور الإسلامي لو كانوا يفقهون، لكن انظر ادعياء السياسة كيف يتعاملون بنظرية «براقش» التي جنت على نفسها.. إن المؤتمر الوطني «كراعو فوق رقبتو» مطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية وإلا واجه ربيعاً قضى عليه ومعه المعارضة.