كتبتُ من قبلُ، محذِّراً المؤتمر الشعبي من كمال عمر.. كون الرجل يجرُّ حزب الشيخ الترابي إلى درك سحيق، اللهم إلا إن كان تبديلاً أيدلوجياً قد طرأ، أو تغييراً فكرياً - لا نعلمه أدى لقطع جذور الوصل بعقيدة الإسلام، ما يصب في مصلحة من ذهبوا بالقول إنها كانت محض شعارات.. سادت ثم بادت!! ويبدو أن تحذيري ذاك.. لم يكن قد بُني على قراءة سليمة.. فالرجل بفعاله الشنيعة والتي يعبِّر بها عن مواقف المؤتمر الشعبي في تحالف قوى الإجماع الوطني، كان لا ينطق عن هوى في نفسه، إنما كان يعكس الرؤى والأفكار الحقيقية للحزب، ليؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الشعبي أصبح كياناً غريباً لا نعرفه كما كنا نظن، ولا يمت بصلة للشعبي الذي انبثق عن الوطني بفعل المفاصلة الشهيرة، حيث قال الشيخ الترابي وقتها: إنما يحج إلى المنشية من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان.. ويسخِّر الله عز وجل الأُستاذ كمال عمر المحامي الذي يجعل من الحزب «مسخرة» ويظهره بخلاف «القناع» الذي «سحر» أعيُن الناس ردحاً من الزمن، وحين يشارك نائب الأمين العام للحزب الأُستاذ عبد الله حسن أحمد في المؤتمر التأسيسي لجبهة الدستور الإسلامي، ويقول بملء الفم: إن الدستور الإسلامي جاء في توقيت مفصلي ليكون الدستور الدائم للبلاد دستوراً إسلامياً، ويجب المحافظة عليه... يقول الأُستاذ كمال عمر مبرراً هذا الموقف لتحالف قوى المعارضة: إن الحزب استوضح نائب الأمين العام حول مشاركته في المؤتمر وتصريحاته المؤيدة للدستور الإسلامي، وإن الأخير أكد أن مشاركته جاءت بصفته الشخصية وليست الحزبية، وأنهم في الحزب سوف يصدرون بياناً صحفياً يوضح موقفهم من مشاركة نائب الأمين العام للحزب في المؤتمر والتي جاءت بصفته الشخصية. لكن الخيبة الكبيرة لم تكن في هذا الموقف الغريب، بل كانت في عدم اقتناع تحالف قوى الإجماع الوطني بتبريرات كمال عمر، واعتبار أن ذلك يأتي في إطار المراوغة التي ظلت ديدن الحزب في القضايا المطروحة من قبل التحالف.. ويبدو أن التحالف هو الآخر لم يكتشف بعد أن الشعبي حاد عن الجادة، ولا فرق عنده الآن بين دستور علماني أو دستور يحكم بما أنزل الله عز وجل، ونحن هنا نوفِّر للتحالف وقته وجهده، وننصحه بأن يطمئن، فالشعبي لم يعد هو ذاك!! أسفي والله كبير لِما آل إيه الحال! لكن الذي يحدث الآن من تململ واضح أطلَّ برأسه خلال المذكرة التصحيحية شديدة اللهجة والمطلب، والتي أغضبت الشيخ الترابي، بالإضافة لثورة قطاع الطلاب بالحزب وهجومهم العنيف على الشيخ الترابي واتهامه بأنه قام بخرق اللوائح والنظم وتطويعها لتوائم مزاجه «كإعفائه لأمين قطاع الطلاب المنتخب إبراهيم الماظ وتعيين الناجي عبد الله» وكذلك «تكليف قصي عبد الله أميناً للولاية خلفاً لياسر عبد الله» وإعلانهم رفضهم للتعديلات التي طرأت على النظام الأساسي من قبل هيئة القيادة على اعتبار أن من الطبيعي أن تجاز أي تعديلات خلال المؤتمر العام للطلاب، بل وتهديدهم بنسف المؤتمر العام لقطاع الطلاب في ظل غياب الشورى وسيادة القرارات الفوقية.. كل هذا من شأنه أن يعيد الحزب إلى الجادة. وأخيراً أقول: يبدو أنني لم أوفَّق من قبل عندما أطلقت النداء أن يا «أعضاء الشعبي .. أحذروا كمال عمر» ويبدو كذلك أنني ظلمت الرجل لكونه لم يكن ينطق عن هوى.. وعليه ألتمس العذر كون ابن آدم خطاء وخيرهم من تاب.. وأستغفرك ربي.. وأتوب إليك.