شهدت قاعة الشهيد الزبير للمؤتمرات يوم الثلاثاء الماضي أعظم تجمع واجتماع، فقد كانت البداية والانطلاق، وانبعث منها نورٌ يتلألأ في السماء، ليعم السودان والقارة السمراء، إلا أنه نور «لا إله إلا الله» وأن محمدًا رسول الله، إنها انطلاقة تكوين جبهة الدستور الإسلامي، فقد ضم الاجتماع كل ألوان الطيف السوداني، من أنصار السنة، والصوفية والإخوان المسلمين والمؤتمر الوطني والمفكرين والزعماء والأكاديميين، الكل يهلل ويكبر ويحمد الله ويثني عليه، إنها البداية أيها الإخوة الكرام، فهي المسيرة القاصدة إلى الله، لتطبيق شرعه وانبثاق نوره، إنها الرحمة المنتقاة، والأمل والملاذ الآمن. الشريعة التي نريدها، كلمة طيبة اصلها ثابث وفرعها في السماء، لنشرب من نفس الحوض الذي شرب منه الصحابة الأخيار، أبوبكر وعمر وعلي ومعاوية وعمر بن عبد العزيز «رضي الله عنهم جميعًا»، نقييم العدل والمساواة، نبسط الشورى، نعود المريض، نقيل عثرة المحتاج، نرفع الظلم، ندعم الفقير، نكرم اليتيم، نعين الارملة، نبجل الوالدين، نوقر العجزة، نعز نساءنا واطفالنا، نوصل الرحم، نطعم الجائع، ونعالج النفوس من الحقد والكراهية والبغضاء. نريدها شريعة سمحة لا تفريط ولا افراط، لا غلو ولا تطرف . اولها رحمه واخرها عطاء. شريعة تعيد للسودان الامن والاستقرار، تبدأ بالانسان وتنتهي به، تبسط الامن وتمنع الجريمة، تقوم على اقتصاد راسخ، تعمل على تعبئة كافة القدرات الانتاجية، وتنمية الموارد البشرية والطبيعية، تنهض بالريف السوداني، تهتم بالزراعة وتربية الحيوان، تصلح المسارات والمراعي، تحفر الآبار، تعيد الغطاء النباتي، وتحارب الجفاف والتصحر، تقيم المصانع، تشيِّد الطرق وتقيم الجسور وشبكات السكك الحديدية والموانئ البحرية والنهرية، تبني السدود والخزانات، وتسيطر على المياه والانهار، تمد خطوط الكهرباء، ووسائل الاتصال والمواصلات البرية والجوية والبحرية، تشيد المصانع، تطور مصادر الطاقة الكهرومائية والنفطية، تؤسس على تقنية المعلومات واقتصاديات المعرفة، تعتمد على مناهج البحث العلمي وقواعد البيانات ونظم المعلومات الجغرافية والادارية وتقنية الفضاء. نريدها شريعة تحافظ على حقوق الانسان وتصون كرامته وتحافظ على خصوصيته، الناس شركاء في الكلأ والماء والنار والسكن والتعليم والعلاج، تبسط حرية التعبير في الصحافة والتجمع والتظاهر، تقيم دولة القانون، تفصل بين السلطات الثلاث، السياسية والتنفذية والقضائية، تمنح الانسان حق التنقل والتملك، والسماح بقيام الجمعيات الادبية والثقافية والرياضية والاجتماعية، والعمل على اصلاح المؤسسات السياسية والحزبية، وتنشيط وقيام منظمات المجتمع المدني المختلفة، تشجع الاستثمار وترشد قوانينه، تحافظ على البيئة وتحارب الفساد، تطبق القوانين وتقيم العدل وتصلح القضاء. نريدها شريعة توقف الحروب المشتعلة في الاقاليم والارياف، الناتجة من ظلم الجغرافيا والتاريح والفارق بين المركز والاطراف، تدعم الهوية، وتعيد اصلاح الرتق الاجتماعي، تدعم التنمية بصورة تتسق مع اطارها الجغرافي ومحيطها الاجتماعي والثقافي والحضاري، تدفع عملية التنمية وتضخ المعرفة في شرايين الاقاليم المتيبسة، تمنع تصادم المصالح وتعارضها واختلافها بين المركز والهامش وبين المتقدم الحالم والمتخلف الحاقد، نؤكد على الأبعاد الذاتية للتنمية، نتجاوز اشكالية القصور الجغرافي لمفهوم التنمية، وماغابت عنه من مفاهيم العدل فى الانتاج، والتوازن فى الاستهلاك، والحفاظ على حقوق الأجيال القادمة، والبُعد الأخلاقي في هذا التصور هو ما يتطلب الوقوف عند حدود معينة في التعامل مع الموارد الطبيعية وتوظيفها. نريدها شريعة توظف التنمية في عملية مجتمعية شاملة دينامكية تتم من خلال احداث تغيرات تراكمية ومنتظمة ومخططة في الابنية والهياكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والادارية للمجتمع السوداني، وذلك على نحو يؤدي لتوسيع القاعدة الانتاجية وتوفير الحاجات الاساسية للسكان، ورفع مستوى معيشتهم والانتقال بهم من مجتمع التخلف والجهل، ومعالجة مشكلة الثقافات والهوية دون ان تذوب واحدة منها أو تطغى على الأخرى، وبذلك وحده يمكن أن نقيم نظام الحكم الراشد، ننقل المجتمع من حالة الاحتراب والتخلف الى مجتمع الرفاهية والتقدم. * خبير في الدراسات الإستراتيجية بألاكاديمية العسكرية العليا.