أكلوا لحمه ومضغوه ووصفوه ب (الفينيقي) عدو العروبة، وغضوا الطرف عن وجدانه الذي تفجَّرت منه (زهرة المدائن)، التي لا يبدعها إلا وجدانٌ عربي غني وحقيقي. فكانت شاهدة له وشاهدة عليهم. ذلك وجدان سعيد عقل المسكون بالشعر والسياسة... لأجلك يا مدينة الصلاة... أصلِّي... لأجلك يا بهيَّة المساكن... يا زهرة المدائن... يا قدسُ... يا قدسُ يا مدينة الصلاة أصلي... عيوننا إليك ترحل كل يوم... تدور في أروقة المعابد.. تعانق الكنائس القديمة.. وتمسح الحزن عن المساجد... يا ليلة الإسراء... يادرب مَن مرُّوا إلى السماء... عيوننا إليك ترحل كل يوم.. وإنني أصلي... الطفل في المغارة وأمه مريم وجهان يبكيان... لأجل من تشرَّدوا... لأجل أطفال بلا منازل... لأجل من دافع واستشهِد في المداخل... واستشهد السلام في وطن السلام... وسقط العدل على المداخل... حين هوت مدينة القدسُِ... تراجع الحبُّ وفي قلوب الدنيا استوطنتِ الحربُ... الطفل في المغارة وأمُّه مريم وجهان يبكيان وإنني أصلي... الغضبُ الساطعُ آتٍ وأنا كلِِّّي إيمان... الغضبُ الساطعُ آتٍ.. سأمرُّ على الأحزان... من كل طريق آتٍ... بجيادِ الرهبة آتٍ... وكوجه الله الغامر آتٍ آتٍ.. لن يُقفل بابُ مدينتنا... فأنا ذاهبة لأصلي... سأدقُ على الأبواب... وسأفتحها الأبواب.. وستغسلُ يا نهرَ الأردن وجهي بمياهٍ قدسيَّة... وستمحو يا نهرَ الأردن آثار القدم الهمجية.. الغضبُ الساطعُ آتٍ... بجياد الرهبة آتٍ.. وسيُهَزمُ وجه القوة.. البيت لنا والقدسُ لنا.. وبأيدينا سنعيدُ بهاءَ القدسِ... بأيدينا للقدس سلامٌ آتٍ.. ويظل وجدان سعيد عقل المسيحي العطوف متدفقاً ب (زهرة المدائن) وفيروز تغنيها بصوت ملائكي، في موسيقى أثيرية. أكلوا لحمه ومضغوه ووصفوه ب (الفينيقي)... وسعيد عقل يكتب شعره الجميل عن (دمشق) في (يا شام ُعادَ الصيف) ... يا شامُ عادَ الصَيفُ متئداً... وعاد بيَ الجناحُ ... صَرَخَ الحنينُ إليك بي... أقلِعْ، ونادتني الرِياحُ... أصواتُ أصحابي وعيناها... ووعدُ غدٍ يُتاحُ... كلُّ الذين أحبُّهم... نهبوا رُقادي واستراحوا... فأنا هُنا جُرحُ الهوى... وهُناك في وطني جراح... وعليك عيني يا دمشق... فمنكِ ينهمرُ الصباح... يا حُبُّ تمنعُني وتسألني... متى الزمنُ المباحُ... وأنا إليك الدَّربُ.. والطيرُ المشرَّدُ والأقاحُ... في الشامِ أنتَ هوىً... وفي بيروتَ أغنيةٌ وراحُ... أهلي وأهلك والحضارة... وحَّدتنا والسَّماحُ... وصمودُنا وقوافلُ الأبطالِ... مَن ضحُّوا وراحوا.... يا شامُ.. يا بوابة التاريخ.. تحرُسُكِ الرِّماحُ.. كتب سعيد عقل شعره الجميل عن القدسودمشقومكة. وغنت فيروز (زهرة المدائن)، و(يا شام عاد الصيف)، و(غنيت مكة)... التي نشرها سعيد عقل في ديوانه (كما الأعمدة)... غنَّيتُ مكَّةَ أهلها الصِّيدا... والعيدُ يملأُ أضلعي عيدا... فرحوا فلألأ تحت كلِّ سَمَا.. بيتٌ على بيتِ الهُدى زِيدا... وعلى اسم ربِّ العالمين علا.. بنيانُهم كالشهب ممدودا... ياقارىء القرآن صلَِّ لهم... أهلي هناك وطيِّبُ البيدا... من راكع ويداه آنستا... أن ليس يبقى الباب موصوداً... أنا أينما صلَّى الأنامُ رأتْ... عيني السماء تفتحت جوداً... لو رملة هتفت بمبدعها... شجواً لكنت لشجوها عُوداً... ضجَّ الحجيجُ هناك فاشتبكي... بفمي هُنا يا وُرقُ تغريداً... وأعزَّ ربِّي الناسَ كلَّهُمُ... بيضاً فلا فرَّقتَ أو سوداً... لا قفرةٌ إلا وتخصبُها.... إلا ويعطى العطر لا عودا... الأرضُ... ربي... وردة وُعِدت.. بك أنت تُقطَفُ فاروِ موعودا... وجمالُ وجهك لا يزالُ رَجاً.. يُرجَى ... وكلُّ سواهُ مردودا... ليسوا كمسيحيي الإنتداب، المسيحيون العرب جزء أصيل مبدع في نسيج العروبة واللغة والثقافة العربية، ووجدانهم مُفعم بحبّ العروبة واحترام الإسلام. مارون عبود (أبو محمد) ونصري سلهب صاحب كتاب (على خطى عليّ). على ذلك الطريق، كتب سعيد عقل الشعر المرهف الراقي عن مكةالمكرمةوالقدس الشريف ودمشق الفيحاء. على ذلك الطريق، طريق سلطنة الغناء الجميل، غنت فيروز (نهاد حداد) تلك الروائع... ألف سلام عليهم... وألف مودَّة.