كم هو جميل عودة المريض والدعاء له بالشفاء والرفع من روحه المعنوية لتخفيف آلامه قال صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا» ففيه أجر عظيم وحق للمسلم لأخيه المسلم، أن يتعدي الأمر هذه المساحة إلى كومة من الأضرار والسلبيات هذا في حد ذاته خرق للأصول والذوق العام أعني ما يحدث من مخالفة للإجراءات بالمشافي الطبية، فنحن السودانيون الوحيدون في العالم الذين نمتاز بالترابط الاجتماعي المتين والذي ينعكس في المجاملات والمشاركة في الأفراح والأتراح، لذلك «بنزود العيار حبتين» من ذات النقطة نفرد المساحة للنقاش واستنطاق الآراء في «البيت الكبير» فإلى ذلك عزيزنا القارىء.. ما هو سر الإسراع إلى المستشفى قبل خروج المريض تقول سعاد منصور ربة منزل مررت بالتجربة ولم أكن أعلم صعوبة الموقف إلا بعد أن كنت برفقة والدتي رحمها الله حينما قررت لها عملية في القلب أنا ممتنة لجميع من حضروا من العاصمة والولايات من أهلنا إلا أن الوضع كان مزعجًا أزعج جميع كادر المستشفى الطبي والمرضي أيضا وتضيف سعاد أننا اضطررنا لإبقاء الوالدة في العناية المكثفة أيامًا طويلة مخافة الإزعاج وكثرة الزيارات فضلاً عن الاتصالات المكررة والتي نقدم فيها العذر «يا جماعة ماتجو وتتعبوا الزيارة ممنوعة تعالوا بعد مايخرجونا». ما زاد عن الحد انقلب إلى الضد مريم مصطفى تقول: عندما خرجت من غرفة العمليات وأنا أتعافى تدريجيًا من «البنج» رأيتهم قُرابة العشرين شخصًا من حولي وهم يتحدثون بأصوات مرتفعة كل يتحدث عن أمر يعنيه فتتعالى الضحكات ويزاد أنيني وتقول الغريب في الأمر لم أستطع أن أتقلب في السرير من شدة ألمي.. أيضًا هنالك ستة يقاسمونني السرير بل ويعزمون آخرين للجلوس على نفس السرير، وعندما همست بأذني إحداهن مما تتوجعين قلت من الحاضرين! لإدارة المستشفى حديث.. أما ببوابة مستشفى أمدرمان فقد وجدنا صعوبة في الحديث مع حرس بوابة المستشفى لما يحدث من شجار وأصوات متداخلة «الزيارة لسة ياحاجة، يا ولدي دخِّل عمتك كبيرة.. العمود ممنوع والأطفال يا شيخة ياحاج ما تدافر وين التذكرة أنا مرافقة وأشياء وصور أمام البوابة للفرشاة والوجوه التي يظهر عليها رهق السفر والحقائب» اكتفى صاحب البوابة بعبارة كل يوم ده من الصباح للمساء. د. نعمان السر بدأ حديثه بنبرات جميلة في وصف المعنى الإنساني والديني للتواصل مع الآخر من تفقد وزيارة ولكن اختلفت النبرة بل وزادت حدة عندما سألناه ماذا عن سلبيات زيارة المريض.. يقول الدكتور: نحن غايتنا الأولى والأخيرة هي صحة وسلامة المريض والعناية به إلى أن يتعافى ونصيحتي لكل ذوي المرضى الذين يأتون المستشفى ان يقرأو اللوائح الموجودة ويلتزمون بها، وعدم الجلوس داخل حجرة المريض للسلامة.. أيضًا يقول الدكتور ممنوع إعطاء المريض أكل من الخارج خطر جدًا وأُوصي أيضًا بعدم تكرار الزيارات والاكتفاء بالمهاتفة للاطمئنان ولا بد من مقابلة المريض بوجه ضاحك داعي بالشفاء ومذكرًا بأن المرض ابتلاء من الله وكفارة للجسم من الذنوب، ونطمئن أنه صار أحسن حالاً لأنه لا يحب أن يرى وهو في هذه الحالة.. فهذا ما يحتاجه المريض من الزائر وليس العكس تمامًا كما يفعل كثيرون لا يدرون عواقبه النفسية للمريض. هل وصل بنا الحال إلى هذه الدرجة؟ وفي أثناء تجوالي حكت لي إحدى العاملات بالمشفى موقفًا مضحكًا وددتُ كتابته.. تقول الأخت: إن الإقامة طالت بمرافقي رجل كبير في السن وهم على الأرجح عشرة أشخاص فكانوا كلما يأتي ابن المريض بكاس عصير من الكافتريا للمريض لا يجده حتى إذا حان موعد وجبات المريض لم يستلمها فيستفسر عنها فيخبرهم السيرفس أن احدهم استلمها من أمام باب الحجرة وهكذا حتى علم الابن بالأمر فطردهم جميعًا، وأخيرًا أقول لكل الزوار والمرافقين رفقًا بالمريض رفقًا..