«التنقل، العمل، التكسب، التملك والإقامة» هي أبرز ما خرج به وفد التفاوض بأديس أبابا كاتفاقية ضمنت لمواطني دولة الجنوب الذين اختاروا بأنفسهم الانفصال وتكوين دولتهم الجديدة، اتفاق الحريات تحوّل من مقترح إلى اتفاق بعد أن وجدت الحركة أنه الحل الأمثل وهي المستفيدة الأولى من هذا الاتفاق وذلك لضعف البنية التحتية لدولة الجنوب وهروب معظم مواطنيها نتيجة للنزاعات القبلية وسوء الأحوال المعيشة لذلك سعت دولة الجنوب لتوفير حرية التنقل لمواطنيها إذا تم فعلياً تنفيذ هذا الاتفاق ولم يستبعد الخبير الإستراتيجي عباس إبراهيم خلال حديثه ل«الإنتباهة» أمس أن يكون هذا الاتفاق المستفيد الأول منه هو دولة الجنوب وذلك لحاجة مواطنيها للتنقل مما سيشكل تهديدًا أمنياً على الخرطوم وبحسب مراقبين أنه ليس هناك ضمانات بالنسبة للسودانيين في الجنوب بعد أن بات غير مرغوب فيهم بعد الانفصال وعاد كثيرون منهم للخرطوم. واستبعد عباس أن تكون هناك ضمانات على أرض الواقع لتنفيذ الاتفاقية خاصة وأنها اتفاق إطاري بدون أي تحديدات وتفاصيل إلا أنها وبشكل عام تصب في مصلحة الجنوب لأن مواطني السودان ليسوا في حاجة إلى التنقل مقارنة بمواطني الجنوب الذين سيجدون في هذه الاتفاقية مخرجاً خاصة بعد أن قررت الحكومة تحديد التاسع من أبريل آخر موعد لوجود المواطنين الجنوبيين في السودان، وذلك على لسان نائب الرئيس الحاج آدم الذي قال: «بعد التاسع من أبريل ما في جنوبي ينزل في مطار الخرطوم إلاّ يكون عندو فيزا»، واستطرد: «ما بنكش الجنوبيين إلاّ الما مرغوب فيهم»، وزاد:«أي زول ما دايرنو يتخارج من هسي». بيد أن هناك عقبات ظلت تواجه القضايا العالقة بين البلدين أهمها قضية ترسيم الحدود وذلك ما أشار إليه الرئيس البشير في حوار مع صحيفة الراية القطرية مؤكدًا أن الاتفاق كان لترسيم الحدود المتفق عليها، أما المختلف حولها فيؤجل ترسيمها ويظل وضعها الإداري قائماً حتى يتم الاتفاق حوله، إلا أنه في كل مرة وأمام الرئيس أمبيكي كنا حينما نتخذ القرار بأن نبدأ عملية الترسيم كانت حكومة الجنوب تقوم بتعطيل عملية ترسيم الحدود وهم الآن يحاولون أن يضيفوا مناطق أخرى مثل هجليج وهي منطقة لم تكن من المناطق المختلف حولها. وأضاف الرئيس: «كانت هناك لجنة مشتركة وقد تم تعطيلها بصورة مقصودة من قبل الإخوة في الجنوب». تنفيذ الاتفاقية على أرض الواقع يتطلب ثقة بين الجانبين خاصة وأنها الاتفاقية الأولى بين الحكومتين منذ إعلان الانفصال إلا أن ذلك لا تبدو ملامحه على أرض الواقع خاصة وأنه منذ اتفاقية نيفاشا ظلت الحركة مرارًا تقوم بخروقات في تنفيذها وذلك أوجد عدم ثقة الحكومة مرة أخرى، فقد صرح مؤخرًا وزير الداخلية إبراهيم محمود أن جوبا لم تلتزم بتنفيذ الاتفاقيات الموقعة، فضلاً عن مساعدتها في تأجيج الأوضاع التي أدت إلى اندلاع الحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق بما في ذلك رفضها لانعقاد اللجنة السياسية لمعالجة الأوضاع الأمنية. وأوضح أن حكومة الجنوب لا تزال تقدِّم الدعم والمساندة للمتمردين في الولايتين وقد ظهر ذلك جلياً إثر الهجوم الذي شنته الحركة على منطقة الأَبْيض بجنوب كردفان. إلا أن الخبير العسكري الفريق أول محمد بشير سليمان يرى أن الاتفاقية بُنِيت على المصالح المشتركة بين البلدين لكنه شدد على ضرورة توخي الحذر بشأنها. وينظر البعض للاتفاقية بعين الحذر خاصة وأن الاتفاقية المماثلة والتي وقعت مع مصر قبل عدة سنوات لم تنفذ بل لم تعد بالنفع المرجو للسودان رغم عدم وجود أي توترات بين البلدين فما بالك من اتفاق بهكذا صورة مع الجنوب الذي ظل ينتاش السودان من وراء ظهره وفي أحايين «عيني عينك».