تحقيق: أم بلة النور هناء عزالدين إبراهيم محمد صالح الغموض والتعتيم اكتنف ملف خصخصة النقل والاختفاء المفاجئ لتلك الهيئة التي ورد في الأخبار أنها تمتلك الآن باخرة واحدة فقط بعد أن كانت ذات «شنة ورنة»، فالهيئة كأنها جزيرة غرقت بليل، فلم يعد لها أثر ولا دليل، ظللنا نبحث لأكثر من شهر عن مقر النقل النهري ولم نكن نعلم أنه على بعد خطوات من مقر «الإنتباهة» وأن ضحاياه من مفصوليه يجلسون قبالته عند مدخل كبري المك نمر، فبدأنا من اللجنة الفنية لتقييم الأصول الحكومية التي صدتنا ببوابات سكرتيراتها وتعنُّت أمينها العام الذي بعد أن حدَّد لنا موعداً عاد وألغاه بحجة أنه ليس لديه دقيقة ليقابل أحدًا، أما رئيسها فقد استعصم وراء بابه وأرسل إلينا سكرتيرته التي لم تدرِ بأي عذر تطردنا وقالت أخيرًا إنه مشغول وربما لو مررنا عليه بعد «10» أو «15» يوماً قد يكون «فاضياً» أو ربما يحدد لنا موعدًا. يوم الأحد الماضي نشرنا الحلقة الأولى من التحقيق تناولنا فيها ملابسات خصخصة النقل النهري وما تمثله من تجنٍ على الاقتصاد السوداني خاصة أن الهيئة كانت رابحة لا تجوز خصخصتها وناقشنا القضية مع المختصين وأهل الشأن واليوم نفسح المجال للعاملين بالهيئة وضياع حقوقهم. قرار غير موفق محمد توم موظف بالإدارة المالية بالمعاش اشتكى من أن الخصصة تمت منذ «2007» وشُرِّد العمال وبيعت منازلهم موضحًا أن النقل النهري موجود منذ أيام الحروب وتحدث عن أهميته في التواصل التجاري بين الشمال والجنوب ومقر إدارة شركة النيل للنقل النهري التي اشترت النقل النهري وتتبع لشركة عارف الكويتية في كوستي ونفى وجود نقل نهري الآن حيث تم بيعه رغم أنه هيئة ولا تجوز خصخصته.. شركات وهمية مصدر بهيئة النقل النهري وعضو لجنة تقييم الأصول أوضح ل«الإنتباهة» أن الشركة التي اشترت الهيئة شركة وهمية وهناك جهات «لم يسمها» تستفيد من ذلك وكشف عن أن بعض الماكينات والممتلكات لم تدخل في عملية الجرد والبعض الآخر لم يتم تقييمه بقيمته الحقيقية والمبلغ المدفوع لا يساوي قيمة الأصول وأن الجرارات الآن مؤجرة للأمم المتحدة مضيفًا أن النقل النهري تأثر كثيرًا بانفصال الجنوب لأن النقل يعتمد أساسًا على نقل البضائع من الشمال إلى الجنوب والآن يمكننا الاستفادة منه في نقل البضائع داخل الشمال مستشهدًا بنقل سلعة الأسمنت من عطبرة إلى بقية ولايات السودان.. وأكد محدثي أن العمال شُرِّدوا ولم يتحصلوا على كامل مستحقاتهم وقال إن هناك مشكلات سوف تواجه الملاحة... ليس هناك مستجدات وبما أن البرلمان هو من آثار قضية الخصخصة وإعادة النظر فيها قمنا بالاتصال برئيس لجنة النقل والطرق والجسور أوشيك، وقال إنه ليس لديه إفادات حاليًا، ولكن هناك مباحثات سوف تجري مع الإدارة الجديدة للهيئة أجبرونا على الاستقالة وبعد رحلة بحث عنهم استغرقت شهرًا كاملاً وجدنا مفصولي النقل النهري قابعين تحت شجرة أُطلق عليها «شجرة المفصولين» عند مدخل كبري المك نمر وعينهم على مباني النقل النهري التي انزوت وراء ألواح من الزنك لصالح شركة كويتية، ويقول النور عبد الرحمن رئيس لجنة المفصولين عن النقل النهري إنه أحد دعامات الاقتصاد الوطني وهو وسيلة رخيصة ومربحة وتساءل: هل المؤسسة خسرانة حتى تُباع؟ علماً بأن هناك الآن لجنة تسيير لجرد مديونات النقل النهري على مؤسسات أخرى، وهذا يدل على أن النقل مؤسسة رابحة ولها مطالبات، فلماذا يباع إذن؟ عبد الرحمن استنكر النقل التعسفي الذي حدث لعمال النقل وإخلال الشركة بالمادة 39/2 التي تكفل للشخص المنقول بدل سكن وتوفير وسيلة نقل للأسر. قال: «استبشرنا خيرًا بالخصخصة وتوقعنا أن تتحسن أحوالنا ولكنا وصلنا إلى حالة لم نكن نتوقعها في أسوأ الأحوال، نقابة العمال تجاهلتنا تمامًا وأول أسبوع تمت فيه الخصخصة وجدنا إعلانًا من المدير يطالبنا فيه بتقديم استقالاتنا وعندما رفضنا أجبرونا على السفر إلى كوستي وعندما وصلنا إلى كوستي لم نجد مأوى ولا سكنًا ووجدنا الاستقالات جاهزة ينقصها توقيعنا فقط وبالفعل قدّمنا استقالاتنا وتم صرف مرتب «6» شهورللرجال و«10» شهور للنساء، ولكن هناك مرتب «60» شهرًا التزمت به شركة عارف ووعدنا به رئيس اتحاد العمال البروفيسير إبراهيم غندور وقدمنا شكوى للمجلس الوطني رفعها رئيس قطاع النقل بالمجلس «عمارأموم» لوزير النقل وحوّلها بدوره للمستشارة القانونية للوزارة «محجوبة محمد صالح» فأرجعتها لوزير النقل ومازالت تقبع في أدراجه حتى اللحظة. إلغاء وظيفة وحرمان من المعاش يقول «النيل سليمان سعد الله: قضيت «27» سنة في خدمة النقل النهري وأخيرًا تم إجباري على تقديم استقالتي وخرجت من الخدمة بدون معاش حتى الآن وقد تم تعويض الساكنين في بيوت النقل النهري بمبالغ تراوحت من «20» الى «40» مليونًا حتى وصلت الى «50» مليونًا وكانت على النحو االتالي: الساكنون في القطاطي بمبلغ 20 مليونًا والسكن المحسن «30» مليونًا وبيوت الوزراء والمسؤولين من40 الى 50 مليونًا ولكن هناك بعض العاملين ممن كانوا يسكنون القطاطي رفض المدير العام منحهم كامل المبلغ حيث منحهم فقط «2,5» مليون. أما نعمات شريف فقالت إن تجربة النقل النهري بالنسبة لها من التجارب المذلة حيث رحلوا الى كوستي فجأة وكانوا اكثر من 40 امرأة في 3 غرف وحمام واحد ولم تصرف لهم مرتبات 60 شهرًا كما لم يصرفوا فروقات الاستبدال وضرب المرتب في 140 جنيهًا بدلاً من 205 جنيهات آلات رقمية الموظف السابق بالهيئة والمستشار الفني الحالي لشركة النيل للنقل سلامة عبد المنعم قال ل «زووم» ان الاستغناء عن العمالة القديمة جاء نتيجة ادخال آلات رقمية وحديثة لتحسين حال النقل النهري.