ظاهرة النفاق الاجتماعي أو (كسّير التلج) انتشرت بحيث أصبحت أكثر الظواهر الاجتماعية انتشارًا وباتت تمارَس على المستويين الشخصي والعام وانعكست آثارها السالبة على المجتمعات فلم تسلم العلاقات الاجتماعية بكل مسمّياتها منه من أجل أن تبقى الحياة مشرقة بأعين المجتمع قاتمة بدواخل الذين يمارسونه.. (البيت الكبير) استطلع عددًا من شرائح المجتمع لمعرفة رأيهم في هذه الظاهرة التي طغت، ومن ثمّ استعنا برأي علم النفس والرأي الديني.. افتتح لنا شرفة الحديث في هذا الاستطلاع الأستاذ حسام الدين أحمد الأمين قائلاً: هذه آفة اجتماعية مرضية أخذت في الانتشار، وهو من الأمراض التي تثقل كاهل الناس في حياتنا اليومية ويجمّله البعض ليسميه (فن التعامل) من أجل كسب رضى الناس خاصة الرؤساء في مجال العمل وعن ذات نفسي لا مجال عندي «لكسّير التلج» رغم حاجتي إليه في أحايين كثيرة. أمنية عبد العال «طالبة بكلية التجارة جامعة النيلين» قالت في إفادتها: هذا وباء انتشر بشكلٍ فظيع بين الناس وأصبح لغتهم السائدة رغم عواقبه الوخيمة وبات مستشريًا حتى في أدق وأصدق المشاعر والروابط الإنسانية لذا يصعب علينا التفرقة بين ما هو كلام ومشاعر حقيقية وبين ما هو مزيَّف. أبو عبيدة يشغل مركزًا مرموقًا بإحدى الشركات أفادنا بقوله: يمكن أن نسمي الظاهرة «فساد اجتماعي» يخلّ بتوازن المجتمع وينخره من الداخل ويزيد من البلاء وأنا بصفتي أشغل مركزًا حساسًا في الشركة فكثيرًا ما أكون عُرضة (لكساري التلج) ولكن بما أنني صاحب باع طويل في مجال عملي لا تنطبق عليّ هذه الحيل الاجتماعية. «مواهب، س، أ» كان رأيها مختلفًا عن الذين سبقوها في الإفادات حيث ترى أن هذا زمن النفاق الاجتماعي و(كسير التلج) وتضيف قائلة: (الذين يمارسون النفاق الاجتماعي هم الرابحون ولقد كنت أعمل بنظام إظهار الحقائق وقولها لكنني لم أتقدَّم خطوة للأمام فجرَّبت وسيلة «العندو حاجة عند الكلب بيقولوا يا سيدي» ومن يومها وأموري «ظابطة».. وفي رأيي هذا من باب فن التعامل وتسيير الأمور). وعن الجانب النفسي يقول الاختصاصي النفسي أحمد آدم جمعة: يكشف التحليل النفسي عن شخصية المنافق فيراها شخصية مريضة ومتآمرة بطبيعتها، تُظهر غير ما تُبطن.. تعمل في الظلام، وتثير الفتن والدسائس، وتستعين على ذلك بأساليب الاستخفاء والتبييت والتربص والتثبيط والفرقة، وشخصية المنافق هي كذلك شخصية انتهازية؛ لأن المنافق يلعب على حبلين، ويحاول أن يرضي فريقين متصارعين محاولاً خداعهما معاً، والاستفادة منهما معاً... وهذا الموقف المتذبذب هو الذي اتخذه المنافقون في كل زمان.. وللنفاق صور وأنواع شتى لا تكاد تُحصر... من أبرزها نفاق التملُّق وهو تقرُّب الشخص إلى الناس و لا سيما ذوي السلطة والثروة بما يغضب الله ويرضيهم، كمدحهم بما ليس فيهم والتذلل لهم لتضيق هدف نفعي، والدافع النفسي نفاق التملق كما يذكر علماء النفس هو الخوف والطمع.. فالتملق نفسي واجتماعي ينتشر بين الناس كالوباء في عصور الانحطاط.. وهي العصور التي يبتعدون فيها عن دينهم، وذلك لأنه يضعف إيمانهم بالله، فيضعف خوفهم منه، في حين يقوى إيمانهم بالحياة الدنيا، ومن ثم تزداد أهمية الناس عندهم.. والطمع فيما بأيديهم ولا سيما المال والجاه. وفي ختام استطلاعنا جمعنا اتصالاً هاتفيًا مع الأستاذ الشيخ/ الطاهر عبد الله «ماجستير في الفقه الإسلامي» حيث أفادنا قائلاً: النفاق عمومًا مذموم شرعًا، ومحرم بكل صوره؛ لأن القصد منه الكذب على الناس لتحقيق مكاسب دنيوية أو لرفع المكانة الاجتماعية وإظهار النفس بخلاف ما هي عليه، أما المجاملة ففيها تفصيل فما كان منها تلطيف في أسلوب التعامل أو لإدخال السرور في قلوب الناس دون كذب ومخالفات شرعية فهي صحيحة شرعًا حتى لو كان مع المخالفين بقصد كسب قلوبهم والتأثير عليهم حتى يغيّروا مسارهم نحو المسار الصحيح، أما الكذب الصريح فهو حرام شرعًا، ولا يعتبر فن التعامل نفاقاً اجتماعيًا إذا ضُبط بالضوابط الشرعية وقد ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام صفات المنافقين في الحديث الذي رواه مسلم وذكر من ضمنها (إذا حدث كذب) وقال الله تعالى: (إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون) صدق الله العظيم.