مركز علاج الإدمان هو مركز تابع لوزارة الرعاية الاجتماعية بولاية الخرطوم تم افتتاحه في العام «2009م» بتوجيه واهتمام خاص من والي الخرطوم وهو يمثل حاجة حقيقية لعلاج الإدمان إذ لا توجد مراكز متخصصة لاستقبال وعلاج حالات الإدمان برغم التزايد الكبير جدًا وارتفاع نسبة الإدمان وسط اليافعين والشباب، وأطفال الشوارع، علماً بأن هذا المركز تم تشييده وتهيئته.. إذ يحتوي على عيادة للطب النفسي ومعمل للتحاليل الطبية وغرفة للتمريض ومكتب خاص للباحثين الاجتماعيين ومكتب للاختصاصيين النفسيين وعنبر للمرضى مع ميدان خاص للعب والتأهيل.. وتم أيضاً تدريب الكوادر التي كان من المفترض أن تعمل بالمركز لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا تم إغلاقه ولم يستمر العمل فيه بالرغم من أنه المركز الوحيد في السودان لعلاج الإدمان، في هذا التحقيق التقينا بعض أطراف القضية وكانت إفاداتهم على النحو التالي: المركز المدني الوحيد! يقول أحد العاملين بالمركز فضَّل حجب اسمه: المركز في البداية كان مشروعًا يمكن أن يساهم في معالجة الإدمان وهو مهم؛ لأنه لا يوجد في السودان مركز لعلاج الإدمان وهو مركز مدني لا يحاسب مرتاديه، ويقدم خدماته طواعية وبدون رسوم، نعم يوجد قسم في مصحة كوبر لعلاج الإدمان لكن حسب علمي لا يستقبل الحالات إلا عبر بلاغ، تم إنشاء المركز وبدأ العمل فيه في العام «2009م» وتم حصر كل المشردين في دُورهم من مركز الرشاد ومركز طيبة وكان يقدم خدماته للطلاب على مختلف فئاتهم حيث أثبتت دراسات الشرطة أن أغلب المتعاطين شباب ومعظمهم طلاب جامعات، إضافة للمشردين، واستمر العمل فيه لفترة سنتين بعدها حدثت مشكلات وخلافات على إثرها توقف المركز عن العمل نسبة لعدم اكتمال مطالب إدارة المركز المتمثلة في كل ما يخص المعمل من أجهزة ومحاليل والمقاييس التي طلب مدير المركز توفيرها وبعد توفيرها استمر العمل إلا أنه حدثت مشكلات ثانية في نهاية العام «2010» وتم تحويل إدارته لإدارة الرعاية بالوزارة حيث أُقيمت دورة تدريبية للعاملين بالمركز، وبدأ المركز يعمل بنظام العيادة الخارجية ومن ثم يتم العلاج النفسي؛ لأن الإدمان علاجه نفسي، وتم عمل محاضرات بالمدارس والجامعات، وأيضاً كان هنالك عمل مع الأطفال المشردين، إلى أن حدثت مشكلة صغيرة وهي مطالبة إدارة المركز للوزارة بتحويل المركز إلى مركز متكامل لعلاج الإدمان وذلك بتوفير إسعاف وشركة تغذية ووظائف ممرضين وأطباء عموميين مدربين ومركز ساونا حتى يتم إخراج كل السموم من داخل جسم المدمن، لكن الوزارة لم تفِ بهذه المطالب وتوَّقف العمل بالمركز في شهر مارس «2011م». ويضيف محدثي: كان هنالك مقترح تم تقديمه لاستمرار العمل بالمركز من قبل مركز التأهيل الطوعي على أن تكون الوزارة لها حق الإدارة فقط إلا أن هذا المقترح لم يتم البتّ فيه. انعدام المنهج العلمي يقول د. ياسر موسى اختصاصي التأهيل النفسي والاجتماعي: تأتي أهمية هذا المركز من حيث الحاجة الحقيقية في المجتمع وذلك لارتفاع نسبة تعاطي المخدرات بمختلف أشكالها، وارتفاع نسبة التشرد وذلك لتوافر العوامل المؤدية كالحرب، الفقر والعنف ضد الأطفال وهنالك انعدام تام لمراكز التأهيل بالسودان، هذا المركز يتبع لوزارة الرعاية الاجتماعية، وهذه الوزارة يقع عليها تنمية المجتمع وذلك عبر محاربة العادات الضارة وتحرير الإنسان من عبودية الاعتماد الثقافي والاجتماعي والنفسي والعضوي في إطار منظور الدولة.. هذا الأمر جعلنا نأمل ونستبشر نحن المختصين في المجال من جانب، ومن جانب آخر كشركاء ناشطين للرعاية الاجتماعية بل أعددنا خبراتنا وقدراتنا للمساهمة في هذا الجهد.. ولكن كالعادة تقوم إدارة الرعاية الاجتماعية بالوزارة بإحباط التوقعات وهدمها ويرجع ذلك لعدم الخبرة لدى مسؤوليها وانعدام الرؤية المستمدة من فلسفة الدولة والفقر المدقع لهذه الإدارة في استخدام المنهج العلمي في التعامل مع البيانات التي تتوفر عبر التقارير الراتبة بل سقوط الإدارة نفسها في تفكيك المفاهيم، وتقسيم الأدوار وليس توزيعها؛ لأن الأخيرة علمية، هذا الأمر أغلق بالضبة والمفتاح دور مركز الإدمان كما انهار مشروع أطفال الشارع وانهار مشروع المحليات كما انهار مفهوم الرعاية الاجتماعية بالوزارة، هذا الانهيار الرهيب لم يحرك المسؤولين عنها.. ننصح بمؤتمر عاجل لصياغة مفهوم الرعاية الاجتماعية داخل هذه الوزارة. وفي ختام حديثه وجه د. ياسر نداءً خاصًا لوزيرة التنمية.. بأن يُعاد فتح هذا المركز مع التحقيق في أسباب توقفه.. كما أناديها بفتح الأبواب للرأي الآخر في العمل الاجتماعي وذلك عبر السمنارات والمؤتمرات. انحسار التشرد: وفي حديثها ل «البيت الكبير» قالت د. منى مصطفى خوجلي/ مدير الرعاية الاجتماعية بوزارة الرعاية الاجتماعية سابقاً: مركز الإدمان تم انشاؤه في العام «2009م» وعمل بهمة ونشاط حيث تم دعمه بعدد من الباحثين والأجهزة والمعدات ووحدة للإدمان بمركز طيبة للمشردين، وعمل المركز في ذلك الوقت؛ لأن مركز الرشاد كان يعج بالمشردين الذين يتحصل عليهم الباحثون من الشارع، ومن أمن المجتمع ويتم تصنيفهم وإذا ثبت أن بهم من يعاني من إدمان يتم متابعة علاجه بالمركز والأطفال تتم معالجتهم بمركز طيبة واستمر هذا الحال حتى عام «2010م» ثم بدأت حقيقة انحسار أطفال التشرُّد في مركز الرشاد، وقلّ التشرد الجزئي وهذا السبب جعل نشاط المركز يقل وبدأنا نركز على أن يتم حضور الأطفال في مركز طيبة الذي تمت تهيئته بمساعدة المنظمات وفضلنا كباحثين أن نذهب بالأطفال المشردين إلى مركز طيبة بنسبة 99% إضافة إلى أن عدد المشردين كبار السن قلّ في مركز الرشاد وهذا لا يعني أن الوزارة بصدد إغلاق مركز علاج الإدمان لكن نأمل أن يعم خيره في خطتنا المستقبلية وألا يكون تابعًا لمركز الرشاد بل يخدم كل المنطقة.