{ في الطرفة الصغيرة صاحب العمل الذي يستقبل مرشحين للوظيفة المهمة يتجاهل المؤهلات الضخمة وينظر إلى السوداني الذي يجلس أمامه وبهدوء يسأله : كم حاصل ضرب الرقم ستة في مثله؟ { والسوداني يلطم الباب ويخرج.. { بعده صاحب العمل يتجاهل المؤهلات الرائعة لمواطن دولة أخرى ويسأله : كم حاصل ضرب الرقم ستة في مثله؟ { والمواطن هناك يجيب قائلاً : أنت عايزها .. كم؟ { بعدها صاحب العمل يتجاهل المؤهلات الضخام للمرشح اللبناني ويسأله : حاصل ضرب ستة في مثلها - كم؟ { واللبناني وبرصانة يجيب : هل أنت عند الضرب هذا البائع أم المشتري؟ { ويفوز بالوظيفة { والرياضيات تنظر بعيون كبيرة من الدهشة {والطرفة الصغيرة هذه تأتي الفلسفة الغليظة وتقول انها مصيبة تمامًا - وان كل احد في الوجود انما يعمل لمصلحته فقط { وان اجابة كل سؤال انما يحكمها موقع كل احد.. بائع او مشترى { والاحزاب في السودان تعمل لمصلحتها { والإنقاذ تعمل لمصلحتها { والفرق كله هو أن الأحزاب لا تعرف المصلحة هذه - وما تعرفه تعجز عن تنفيذه.. بينما الإنقاذ تعرف وتقدر { واول المعرفة عند الإنقاذ كان هو ان الجنوب انفصل عمليًا منذ الأربعينات.. وان الأحزاب اما انها تجهل هذا.. او هي تعجز عن فصل (غرغرينة) الجنوب هذه { والإنقاذ تعرف وتقدر { والإنقاذ تفصل الجنوب.. { وتتجه بقوة إلى ثروة «الآن» فوق التصور { والمعرفة هذه التي يعرفها آخرون اعداء للإنقاذ - هي ما يجعلهم يتدفقون الآن في جنون للعمل ضد السودان { .. عمل من خارج الإنقاذ.. { .. عمل من (داخل) الإنقاذ { .. والى درجة تستخدم الترابي والشعبي { والجهات هناك والتي تعرف الكثير عن السودان تعرف عن شيخ الترابي ما يرشحه لكل هذا (2) { الترابي عام 1979 يقول للإسلاميين : عام 1989 سوف نحكم السودان { ولا أحد يدهش فالشيخ الترابي مخطط عبقري { لكن الترابي كان يخطط لما وراء ذلك { ومنذ بدايات السبعينيات كانت أحداث صغيرة تتناثر - ولا يجمعها احد { والترابي يستبعد شخصين من سكرتارية الجبهة الإسلامية - أحدهما الطيب زين العابدين - ويجعل علي الحاج سكرتيراً للتنظيم الضخم لكن علي الحاج كان مؤهله الأعظم هو انه ينتمي الى دارفور { مثلها كان يجعل السنوسي هو الرجل الثاني { .. ويشرع في مهمة صغيرة.. وهي حكم تشاد!! { والتنظيم الإسلامي - بعد فشل ضربة يوليو 1976 يعود الى ليبيا وهناك يقود جيوش القذافي في حربه ضد (مالوم) رئيس تشاد - وهناك جيوش (فرولينا) الأربعة تصبح كلها تحت قيادة الإسلاميين من السودان { ويجمعها حافظ جمعه سهل - الذي يجري إعدامه بصورة غريبة { لعل مخطط السنوسي الذي يعمل تحت ادارة الترابي ان (يستبعد) حافظ جمعة هذا.. الذي كان شخصية في حجم الترابي { بعده يدبر اغتيالاً لجوكوني عويدي ابرز التشاديين في قيادة المعارضة التي تقترب من انجمينا. { وجوكوني ينجو (ومن يقوم بإطلاق الرصاص على جوكوني عند دخوله حمامه قال : عويدي حين اطلقت عليه الرصاص سقط بالطريقة ذاتها التي يسقط بها من يصاب في رأسه.. { بعد نصف ساعة كنت اراه جالسًا في عربته وليس به إلا خدش فوق جبينه { لكن السنوسي يتواطأ مع احمد اصيل احد قادة الجيوش الأخرى لانقلاب يجعله هو الرئيس لدولة تشاد.. بينما اصيل القائد العام { واصيل يموت فجأة وسلطان السنوسي على تشاد يبلغ أن (جاب الدين رئيس الوفد التشادي في محادثاتها مع ليبيا حول (اوزو) كان من رجال السنوسي. { .. وفي الأيام ذاتها كان الترابي يطلب من خليل إبراهيم تكوين حزب في دارفور { .. ثم يشرع في تكوين الخطوط الأولى للانقاذ وحتى استلامه الحكم عام 1989م. (3) { لكن الجبهة الإسلامية كانت تضم عبقريات اخري، وكانت تصبح هي مشكلة الترابي { .. ونزاعات الإسلاميين المكتومة ابتداء من استبدال علي الحاج بآخرين كانت تتراكم - { وتنتج سلسلة كانت منها مذكرة العشرة.. { ثم كانت معركة خلافة الشهيد الزبير { (ومصادفة غريبة تعقب الانقسام بشهر كانت تجعلنا نجد أننا نتناول الإفطار صباح جمعة مع الرئيس البشير والفريق بكري حسن صالح والرئيس يقص علينا كل شيء وكل شيء عن الانشقاق هذا { بعدها كان حلف الترابي قرنق ضد الإسلاميين. { بعدها.. بعدها { والشهر الماضي الترابي في مصر يفتتح الحملة المعادية للإسلاميين في مصر { والعيون لا تنسى أن تنظر بدقة إلى غرابة التحول الغريب - والعيون تجد أن صلوات الجمعة في الميادين الحاشدة في مصر واليمن وسوريا في الشهور الماضية التي تشير إلى مد إسلامي كاسح هي التي تخيف الترابي وتجعله يسرع الى القاهرة ليحذر الناس من حكم الإسلام. { ويعلن (إن الإسلام ليس فيه حكم اصلاً) ويدعم البرادعي مرشح الغرب ضد المرشح الإسلامي {.. ليصبح الأمر كله مقدمة لحديث حقيقي عن الإنقاذ ماهي { واحدهم: وممن يعرفون يتصل بنا ليقول : أستاذ .. مع كامل احترامنا لمعلوماتك فإن من استدرج الشربيني الرجل الثالث في السفارة المصرية عام 1989 وجعل الإنقاذ تحصل على عشرين مليون دولار لم يكن هو ضابط الاستخبارات حسن صالح (اللواء حسن صالح الآن) بل الشربيني كان يتلقى دعوة للقاء مع البشير في القيادة العامة وهناك كان قائد الاستخبارات يومئذٍ لعله كان هو الفريق الدابي إن لم يكن للذاكرة قول آخر - ومن هناك يخرج الشربيني لترسل السفارة المصرية إلى رئيس مصر خطابًا يقول إن الثورة الجديدة بعثية القيادة مصرية الهوى { .. السفارة كانت تجد أن الفريق الزبير الذي كان معتقلاً ضمن انقلاب بعثي هو الرجل الثاني في الثورة. { وهكذا تعتقد أنها بعثيه { والفريق الزبير كان يطير في اليوم التالي إلى الخليج والسعودية يبحث عن الدعم - فالدولة لم يكن في خزائنها الا مائة ألف دولار { ... و.... { ولولا حرب العراق عاصفة الصحراء لكانت الإنقاذ قد انطلقت منذ الشهر الأول { وهذا له حديث آخر.. { لكن حديث اليوم هو أن كل أحد يعمل لمصلحته { والترابي يعرف ويعجز { والأحزاب لا تعرف - ولا تستطيع { والإنقاذ تعرف وتستطيع { والجهة الخارجية التي تدير الحرب تعلم هذا وتجدد خطتها.. الآن