أُطالب بالحاح أن يشمل عيد الأم العناية بأمهاتنا من لدن حواء، فيكون نصيب السالفات منهن الترحم والدعاء، ونصيب الشاهدات كما هو التهاني والهدايا ورسائل الشوق والمحبة وغير ذلك من مظاهر التكريم.. ونحن الأولى برعاية الأم؛ لأن ديننا العظيم يقول للمسلم أمك بعد الله. نعيم حياتي وكنز وجودي٭٭ سلام لروحك في الخالدين جزى الله عني فؤاداً حباني ٭٭ رحيق الوداد وفيض الحنين فؤادًا تضرع يدعو لأجلي ٭٭ إلهاً تكفل بالسائلين دعاه ليحفظ مني الشباب ٭٭ ويهدي خُطاي مع المهتدين جزى الله أمي أعالي الجنان ٭٭ مع أهل رضوانه الصالحين وعم رضاها ومرضاة ربي ٭٭ جميع بناتها والبنين وإن تك هذي الهدايا توالت ٭٭ على الأم في كافة العالمين هديت لحضرة أمي الدعاء ٭٭ تكون لدى الحشر في الآمنين عقيد «م» هاشم بريقع صور الشهداء الشهيد عبد الملك حسين دليل إن كلمة شهيد مفردة عجيبة لها أبعاد كثيرة وتورد صوراً متعددة، فكلمة شهيد والتي تأتي على وزن فعيل وهي صيغة مبالغة في الشهادة، وهي تأتي بمعنى مفعول أي مشهود كقتيل بمعنى مقتول. إن الناظر والجائل بذاكرته لصور الشهداء يجد صوراً متعددة ترتسم بسمتٍ واحد، إنها تلك الابتسامة التي ترتسم على محيا كل شهيد، خذ تلك الابتسامة المشرقة وضعها على صورة أي من الشهداء تجد الصورة متطابقة وهذه دلالة ماثلة لوحدة المكنون وإن تباينت الملامح، إنها صورة متى ما ارتجعتها لشهيد من شهدائنا إلا وجدت الابتسامة حاضرة، إنها ليست ابتسامة عادية، ولكن لها أبعاداً يعجز الإنسان في هذه الحياة عن فك طلاسمها فكأنما هي شفرة تبين في هذه الحياة الدنيا وسرها في الحياة الآخرة. شهيدنا عبد الملك حسين يحمل نفس تلكم الصورة التي إطارها الابتسامة والبشاشة وصفاء النفس، عندما تراه تجد معنى الأريحية والرقي في أقطار سماوات الصفاء، كأن الله قد بث في نفوس الشهداء طاقة عجيبة لها جاذبية إلى الدواخل عبر ارتسامات محسوسة في الملامح والصفات، إنها ليست صور مادية تستطيع وصفها ولكنها صور معنوية لا تستطيع أن تصفها إلا بمقدار ما وصفت به الجنة التي فيها ما لا عين رأت ولا أُذن سمت ولا خطر على قلب بشر. إنني لا أتحدث عن الشهيد عبد الملك فقط ولكن أصور كل الشهداء في شخصه، خذ أي شهيد وعوض في هذه المعادلة فإنك حتمًا ستجد النتيجة واحدة؛ فالشهداء فوق أنهم طيبة ساعية وحسن خلق مطوف في سجون المؤمنين، تجد أعمارهم كبيرة في هذه الدنيا، ولا أعني بذلك العمر المحسوس، فالأزمنة لها تناسب لا يمكن الوصول لأبعادها، فهي تتفاوت بتفاوت الإجرام والسرعات.. وأنت إن قارنت الشهيد بنفسك لوجدت سرعته تختلف عنك في مجال الحياة ومسار الحياة الآخرة، وكذلك طاقة الدفع الذاتي، الا ترى الشهداء بيننا لهم طاقة وحركة تختلف عنا، وإذا أخذنا الشهيد عبد الملك كأنموذج ونظرنا في مساره في هذه الحياة الدنيا لوجدنا أنه تجول في وقت وجيز في مسارب بعيدة في هذا القطر المترامي، فكثير منا كان يظن أن الشهيد في غرب السودان بينما تواعده الشهادة بالمشرق، كأنه قد اتبع سبباً وأوتي قبساً من طاقة ذي القرنين.. إن عدنا القهقهري إلى الكلية الحربية ووقفنا عند مشاهد التدريب لرأيناه ما أن يهتف المعلم عبد الملك دليل إلا ورأيناه منطلقاً كالسهم ليكون دليلاً للمعلم ليوصل ما يريد، إنها طاقة عجيبة تصور اختلاف السرعات واختلاف القوة الذاتية المحركة مع تباين المدار، لذلك في مقالنا هذا اتخذناه دليلاً للشهداء كصورة لأنماط مطبوعة في الذاكرة إنها صور لأنفس ذات شفافية ونقاء، ألا ترى الوصف في قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل» آية 38 من سورة التوبة.. ألم أقل إنها اختلاف الطاقة انظر لقوله اثاقلتم إلى الأرض، إن هذه الكلمة لا تفيد فقط ثقل الإجرام المادية، بل زيادة على ذلك جرم الذنوب ومطامع الأهواء الأرضية والتي تزيده ثقلاً إلى ثقله فيثاقل عن الانطلاق هكذا كأنه مكبل في وتد الأرض، أما الشهداء فإنهم تعلقوا بالآخرة فسمت نفوسهم وخفت أرواحهم فانطلقوا في خفة وسرعة فائقة إلى جنة عرضها السماوات والأرض، شعارهم في انطلاقهم هذا، بخ بخ إنها لحياة طويلة بالمعيار الروحي، قصيرة بالمعيار المادي الحسي، ومن عجب أن سرعتنا وطاقتنا تتأثر بهم ألا ترى أننا نمد في السرعة في ذات الاتجاه كلما شهدنا صعوداً لأحد الشهداء. إن الشهداء قد صعدوا ونورهم يسعى بيننا يحرك الشجو فينا ويبشر اللاحقين من بعدهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون. مقدم مهندس ركن يسري عبد الله محمد علي