بقليل من التحوير للاسم الذي اختاره لحزبه المحلول الإصلاح والتجديد رسم القيادي المثير للجدل بالأمة القومي مبارك الفاضل صورة داخل الحزب كونه يشهد الآن ثورة حقيقية والشباب متوحدون والحل في بندين وهما «التغيير والإصلاح» وكان حينها أمس الأول وبصالون الراحل سيد أحمد خليفة يشير لحالة من الضبابية تكتنف علاقة الصادق المهدي بالحكومة. إذن حدد مبارك موقفه مما يجري في صفوف الحزب العتيد الذي مازالت تنظر قيادته له ولجماعته عقب عودتهم بشيء من الريبة وكثير من التوجس، إذ يعد مبارك ملك التصريحات دون منازع حتى وإن غاب عن المشهد السياسي سواء ممضياً إجازته في لندن أو متابعاً لأعماله التجارية بدول الجوار !! أو زائراً بشكل راتب لبيروت لشأن «يخصه» التي يحبها ويعشقها منذ أن درس فيها. انتقاد مبارك للصادق كان متوقعاً في أعقاب جلوسه والعائدين معه للأمة القومي على الرصيف نحو «15» شهراً أمضوها في النقاش حول كيفية الاندماج. ولعل مبارك يستهويه اغتنام الفرص للنيل من المهدي، ويذكر أنه في يناير 2002م أطلق تصريحات نارية انتقد فيها ولأول مرة السياسات العامة للحزب ورئيسه، واتهم قيادات متنفذة فيه بأنها غير منتخبة، كما طالب بإجراء إصلاحات داخلية تهدف إلى ترقية الأعضاء الشباب إلى مناصب أعلى، والآن بعد عقد من الزمان يتحدث مبارك عن ثورة شبابية ربما نتاجها تجاوز قيادة الحزب للشباب وغضها الطرف عن حل مشكلاتهم في الوقت الذي طوى فيه المهدي ملفي نجليه عبد الرحمن وبشرى، أو أنجز الشابين غرضهما بعيداً عن والدهما فالأمر سيان طالما المحصلة واحدة وهي وجودهما داخل الحكومة. وثورة الشباب تقودنا إلى المذكرة التي انتاشت المهدي أخيراً وطالبته بالتنحي، وتصويب أصابع الاتهام وبشكل خفي وبصوت هامس لوقوف مبارك خلفها، خاصة أن الرجل يملك مقومات تسهم في إنجاح مثل تلك الخطوات، منها ثرائه وإمكانية إغداقه المال على من حوله كي يصل لأهدافه، كما أن مبارك له قدرة على المناورة، ولكن هجومه الأخير على المهدي والحكومة بمطالبته للأول بإبعاد ابنه عبد الرحمن من القصر واتهامه للثانية برفض كل التسويات يثير تساؤل إن كان الفاضل الذي تجاوز الستين بعامين ينتقد الجميع هل هناك من لا يستحق أن يغازله؟ بالقطع لا تلوح في الأفق أدنى درجة تقارب بينه وبين الحكومة ولو فُجائي على شاكلة الإطاري مع الجنوب بعد أن أقالته من منصبه مساعداً للرئيس في أكتوبر 2004م، وهو الأمر الذي ينكره بوصفه أمس الأول مشاركته تلك ب «تمومة الجرتق»، ولذا خرج رغم أنه قذف به خارج أسوار القصر!! بينما علاقته بالمهدي مشوبة بعدم الارتياح، بحسب قيادات داخل الحزب عزت ذلك إلى أن مبارك أكثر المؤهلين لخلافة المهدي، وهو الأمر المقلق للبيت المهدوي. انتقادات مبارك للمهدي تعود بالذاكرة إلى ما حدث بينهما عقب مؤتمر سوبا الشهير وتأسيسه حزب الأمة الإصلاح والتجديد، حتى أن المهدي بات حينها لا يطيق ان يجري اسم غريمه على لسانه، فبات ينعته ب «زول سوبا». جأر مبارك بالشكوى من تهميشهم داخل الحزب يعضد رؤية رئيس حزب الأمة الوطني عبد الله مسار الذي قال ل «الإنتباهة» في حديث سابق إن الصادق لا يريد مبارك بجانبه، فهو يمثل خميرة عكننة، وزاد قائلاً إن مبارك أضعف حلقات الحزب الآن، حيث لا يملك سنداً قبلياً كبيراً عدا قلة من هبانية الدويم ينتمي اليهم بالمصاهرة. ومهما يكن من أمر فإن مبارك لا يبقى أمامه إلا خيار مناصرة حلفاء جوبا، سيما أنه كان رئيساً للجنة التحضيرية لمؤتمر جوبا، ولكنه طريق يبدو محفوفاً بالمخاطر.