في صالون الراحل سيد أحمد الخليفة: مبارك الفاضل.. يتعرض ل"كمين"...! تقرير: خالد أحمد تصوير: أحمد طلب كما تقول القاعدة "النار تكافح بالنار"، ومن وحي هذه القاعدة كان الحوار يتبادل بين الأطراف نهار أمس، في صالون الراحل سيد أحمد خليفة، حيث استضاف السيد مبارك الفاضل المهدي، والقيادي بتحالف المعارضة والحزب الناصري المحامي ساطع الحاج، بحضور عدد من الصحفيين، ليدور نقاش عميق وعلى درجة عالية من السخونة، حول أوضاع المعارضة من جهة، وعلاقة مبارك الفاضل بحزب الأمة من جهة أخرى، ليفتح النقاش على مصراعيه. مبارك الفاضل... يكشف كل الأوراق! على الرغم من أن ضابط الجلسة الأستاذ عبدالملك النعيم التمس في تقديمه لمبارك الفاضل بأن لا يدخل في تشريح الوضع السياسي وأن يخرج لفضاء طرح الحلول، ويبدو أن الملك كان يتحاشى أن يفتح مبارك النار، إلا أن الأخير خيب ظنه وبدأ حديثه بالقول: إن الكل يعلم أن مجمل القضايا التي تدور في الساحة السياسية تريد توفير إرادة سياسية لإيجاد حلول لها، مشيرا إلى أن أكبر مشكلة تواجه البلاد الآن حالة الانقسام السياسي الحاد والاضطراب السياسي. منذ فجر الاستقلال إلى الآن لم يتم الاتفاق على دستور دائم ونظام سياسي يقبل التداول السلمي للسلطة، وكل هذا الوضع أوصل البلاد إلى الأزمة الحالية في الاقتصاد والحصار الدولي، وأن الدرس المستفاد من كل هذه التجربة هو أن أي حزب سياسي أيا كان لا يستطيع أن يفرض برنامجه بالقوة، مشيرا إلى أن الوضع يتطلب إشراك الجميع في نظام يقبل التداول السلمي، وتؤسس الدولة على أساس فيدرالي وحكم لا مركزي يتمتع فيه الهامش بحق المشاركة في القرار والمشاركة في السلطة بجانب احترام التنوع في البلاد. وأشار إلى أن البلاد تعيش مرحلة نهاية مرحلة الإنقاذ بعد فشل كل دعاوي المشروع الحضاري وتصدير الثورة للخارج وتوحيد البلاد بالقوة وأن الحل لهذه الإشكالات يأتي من خلال تغيير النظام الحالي لأن بهذا الأمر يفتح المجال لحل بقية الأزمات التي تأتي في مقدمتها الأزمة الاقتصادية التي نتجت من أن الحكومة أهملت الموارد الأساسية للإنتاج وهي الزراعة وأن 60 مليار دولار قيمة أموال البترول لم تذهب للتنمية واستخدمت فقط في الصراعات السياسية والمشاريع غير المنتجة، وأشار أيضا إلى أنه في إطار التغيير يجب أن يتم التصالح مع المجتمع الدولي والقوى المانحة من أجل إعفاء الديون التي قال إنها وصلت لمبلغ 40 مليار دولار كانت موجودة قبل الإنقاذ و10 مليار عقبها معتبرا أن العالم لن يعفي هذه الديون إذا لم تحترم حقوق الإنسان وأقيم الحكم الرشيد، مشيرا إلى أنه في حال عدم التوصل لحلول سريعة سيحدث انهيار سياسي في فترة وجيزة. الفاضل أشار إلى أن الحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق نتاج للتهميش وللأخطاء التاريخية منذ الاستقلال معتبرا أن النظام الحالي قام بتفجيرها فقط، مشيرا إلى أن حلها يجب أن يأتي في أطار الحل الشامل باعتبار أن "زمن الحلول الفردية قد انتهى" وأضاف "التاجر الآن فلس وبدأ في الكسر، وهذا أيضا قد انتهى عهده" –على حسب قوله- والقوى التي تقاتل في تلك المناطق أصبحت الآن لا ترضى ب"الجزرة" وتريد "المزرعة في الخرطوم". أما في ملف العلاقة مع دولة الجنوب، فقد أوضح مبارك الفاضل أن الصراع مع جوبا لم يبدأ بملف النفط فقط وإنما بإغلاق الحكومة للحدود مع الجنوب عبر الخنق الاقتصادي، داعيا لضرورة أن تفتح الحدود مع الجنوب لكي يبدأ التبادل التجاري الذي قد يأتي بأموال ومنافع تساوي أموال النفط، مشيرا إلى أن حل الأزمة يأتي من الخرطوم وليس جوبا، معتبرا أن الحريات الأربعة والجنسية لأهل الجنوب حق وليس منحة بموجب القوانين الدولية، وقال إذا لم يتغير الوضع سيرفع المزيد من الناس السلاح "لأن الفلم قد انتهى". مبارك.... تحت مرمى النيران كما قلت سابقا إن النيران تقابل بالنيران، فقد تمترس عدد من رؤساء التحرير واستعدوا لفتح النار على السيد مبارك الفاضل، حيث أشار الكاتب الصحفي د. ياسر محجوب إلى أن النظام الحالي به العديد من الأخطاء، ولكن المعارضة تتحمل أيضا جزءا من تلك الأخطاء وتشارك في الأزمة الحالية، مشيرا إلى أن مبارك الفاضل تحدث عن دولة الجنوب بشكل إيجابي وتحامل على الشمال خوفا على مصالحه الاقتصادية في جوبا، وأضاف موجها الحديث للسيد مبارك "لو أن باقان موجود هنا لما دافع عن الجنوب بتلك الطريقة". بين مداخلة محجوب ومداخلة الكاتب الصحفي يوسف عبد المنان اكتفى مبارك الفاضل "بالتبسم وتدوين النقاط" حيث واصل المنان في الهجوم على مبارك وأشار إلى أنه حزين لحديث مبارك الذي يتحدث عن المكونات الاجتماعية في جنوب كردفان المتضررة من الحرب، وتحدث أيضا عن علاقته الحميمة مع دولة الجنوب التي "نقاتلها نحن" – على حد وصفه- على الرغم من أنها تقتل أهلنا، مشيرا إلى أنه فقد في الهجوم على تلودي 16 شخصا من أقربائه، معتبرا أن مبارك الفاضل يتحدث عنهم بتلك الطريقة لأنه ليس لديه أهل في تلك المناطق يقتلون ويشردون، مشيرا إلى أن أهل جنوب كردفان يقاتلون الحركة من أجل الحفاظ على بقائهم. فيما أشار الكاتب بصحيفة "آخر لحظة" عبدالباقي الظافر إلى أن هنالك تيارات قوية في السودان ودولة الجنوب تعمل على إفشال خطط السلام والتمترس في الحرب، أما رئيس تحرير صحيفة "الوفاق" رحاب طه فقد أشار إلى أن مبارك الفاضل في مداخلته قام "بتغبيش الوعي" وأن الحديث عن أن الميزانية ستنهار أمر غير صحيح، وأن الإنقاذ استخرجت النفط "والآن المجاهدون يدافعون عنه". أما رئيس تحرير صحيفة "السوداني" ضياء الدين بلال فقد أشار إلى أنه كان يتوقع قبل أن يتحدث مبارك الفاضل عن إسقاط النظام أن يقدم نقدا لتجربته في الحكم، مشيرا إلى أن عددا من القادة السياسيين يتنقلون بين المعارضة والحكومة "دون أن يغسلوا أياديهم" ولذلك فهو مطالب بنقد تلك التجارب، مشيرا إلى أن المعارضات في العديد من الأنظمة بسياساتها تساهم في إطالة عمر الأنظمة بانتهاجها سلوك يضعف موقفها في أن تكون بديلا مقبولا للنظام الحالي، وأن المساحة البسيطة للعمل المعارض لم تستقل من قبل المعارضة وتعامل معها بسلبيات كبيرة، ودعا لضرورة أن تكسر الحلقة القديمة وأن تبتعد المعارضة عن حمل السلاح، وأن تقوم بدفع ضريبة النضال المدني، وتبني الخيارات المدنية، وأن تتبنى أيضا "الخيار الثالث" لإيجاد الحلول، مطالبا مبارك الفاضل بأن يوضح موقفه من حزب الأمة وهل هو جزء من الحزب أم خارجه؟. حزب الأمة... جدل لم الشمل..! مبارك الفاضل لم يحتمِ كثيرا فبادر بالرد على مداخلات الكل، وأشار إلى أن نظام الإنقاذ يخدع نفسه، وأنه يرفض كل التسويات، مشيرا إلى أن مشاركته في الحكومة كانت "تمومة جرتق" لذلك خرج منها، وقال إن الانقلابات العسكرية أوقفت نمو الأحزاب السياسية، وطالب بضرورة التغيير في خارطة العمل السياسي، حيث أشار إلى صعوبة أن يتفق الإمام الصادق المهدي مع د. حسن الترابي لأن صراعاتهما من المرحلة الثانوية، وأن الوضع الحالي يأتي في إطار تسكين الأوضاع بينهما. أما في قضية علاقته بحزب الأمة القومي فقد أشار إلى أنهم في حركة الإصلاح والتجديد ولمدة 15 شهرا كانوا في حالة نقاش مع حزب الأمة حول كيفية الاندماج وحتى بعد تسكين عدد من قيادات الإصلاح والتجديد في المكتب السياسي لحزب الأمة لم يقوموا بإعلانها للناس، مشيرا إلى أنه الآن لا يتحدث باسم حزب الأمة، وأن هنالك مشكلة في الخط السياسي للحزب، وأن المكتب السياسي ليس لدية القدرة على مواجهة القيادة بهذا الأمر. وأشار الفاضل إلى أن الإمام الصادق المهدي يرى ضرورة التوافق مع نظام الإنقاذ، وأضاف أنه قال للإمام الصادق أن يكون هذا موقفه كإمام للأنصار وليس كرئيس للحزب لأن الأخير به قيادات سياسية لديهم خيارات أخرى، وكشف أنه "ليس جزءا من حزب الأمة بشكله الحالي"، وطالب بطرح مشروع المصالحة الشاملة بين الإمام والكوادر التي اختلف معها وأن تبدأ صفحة جديدة بجانب الاتفاق على الخط السياسي ويتم تمرير هذا لاجتماع الهيئة المركزية، لكنه قال إن حزب الأمة يريد مثل أهل الإنقاذ "الحلول الجزئية" وهذا لا يفيد لأن حزب الأمة الآن يشهد "ثورة حقيقية" والشباب متوحدون والحل في بندين وهما "التغيير والإصلاح". عربون الصداقة وأشار مبارك إلى أن مشاركة نجل الإمام العقيد عبدالرحمن الصادق في السلطة كان بمثابة "عربون" لإبداء حسن النوايا بين حزب الأمة والمؤتمر الوطني، باعتبار أن الإمام الصادق لديه قناعة بضرورة التوصل لاتفاق مع المؤتمر الوطني لتغيير النظام، مشيرا إلى أنه انتقد هذا الأمر لأن هنالك العديد من الضباط أحيلوا للمعاش ولم يتم إرجاعهم كما تم إرجاع عبد الرحمن، مشيرا إلى أن الإشكال سيستمر داخل حزب الأمة إلى أن يأتي الصادق المهدي ويوضح كل الأمور بشكل شفاف. ساطع الحاج: لهذا السبب (....) الحركة الشعبية لعبت بنا...! في الضلع الآخر من الحوار الذي شارك فيه القيادي بتحالف المعارضة والحزب الناصري المحامي ساطع الحاج الذي لم تفلح خلفيته القانونية في أن تنجيه من "كمين" الصالون بالأمس، إلا أنه حاول الخروج إلى بر الأمان وواصل انتقاد النظام وقال إنه يصادر الحريات، مشيرا إلى أن التغيير الذي يدعون إليه لا يستثني المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية ولا يسعى لعزلها وإنما لفتح باب المشاركة من الجميع للتشارك في إدارة البلاد. أما المفاجأة في حديث ساطع الحاج توجيهه لانتقادات حادة للحركة الشعبية خلال مشاركتها في الحكم عقب توقيع اتفاق نيفاشا في 2005م حيث أشار إلى أن الحركة خلال مشاركتها في الحكومة لم تكن جادة لإخراج البلاد من أزمتها وتوصيلها إلى بر الأمان، وأنها لم تكن حليفا في تثبيت الديمقراطية في الشمال، وأنها استخدمت قوى المعارضة "كمحفز" للوصول لنهايات الانفصال، وأضاف: "كانت تخوف بنا الحكومة فقط" وأنها قامت بصفقة في قانون الصحافة والأمن مقابل قانون الاستفتاء والمشورة الشعبية، وأنها في السابق منعت الأحزاب المعارضة من المشاركة حتى في التفاوض في نيفاشا، وأضاف: "الحركة استخدمت قوى الإجماع الوطني كمنصة للوصول للانفصال". واعتبر ساطع أن حزب الأمة القومي أيضا ساهم بجانب الحركة الشعبية في إضعاف المعارضة ووصف العلاقة بين تحالف المعارضة مع حزب الأمة القومي ب"المتردية" وغير الجيدة، وقال إن الأمة عمل على خفض تمثيله في تحالف المعارضة بشخصيات أقل في الترتيب السياسي حيث سحب د. مريم الصادق وأتى بأشخاص أقل منها في الوضع التنظمي في الحزب، وأضاف أنهم في الحزب الناصري ضد تحالف "كاودا" وضد حمل السلاح، مشيرا إلى أن هنالك أربع حركات في هذا التحالف كانت مشاركة في الحكومة ولم تقم بإحداث أي تغيير فعلي في الواقع السياسي، وأضاف أن أسباب قيام الربيع العربي في السودان قائمة وإمكانية الحدوث موجودة. هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته