فجر الإعلان عن الاتفاق الإطارى للحريات ونحن فى موقع العمل بضاحية منطقة هجليج فى جنوب كردفان جاء أخونا آدم من دكة البادية وهو عامل يومية فناديت عليه آدم - تعال الأخبار شنو؟ كويسين يا العمدة لكن الحكومة أتفقت مع جنقى «الدينكا» يسكنوا فى أى محل قاطعته لا يا آدم الاتفاق تم مع وفد دولة الجنوب والجنوب فيه عدة قبائل منهم «النوير والدينكا والشلك والمورلى واللاتوكا والتبوسا والزاندى والباريا»، أردف قائلاً ما خلاص كلهم «جنقى» وبهذا فهمت أن أدم لم يعد البدوى الذى يجوب الرحلة شمالاً وجنوبًا من والى بحر العرب وراء الضأن ويموت بجهله كما يموت جالينوس فى طبه على حسب قول الشاعر لأن آدم أصبح يمتلك من وسائل الإتصال «الموبايل والمذياع وأحيانًا الديجيتال»، وذلك وفر عليه مشقة العزلة ودهشة البندر مما جعله يقول لى يا ود أبوك خدمات زين وسودانى ماقصرن كل أخبار أديس معنا آدم بدأ يحكى عن مرارات الحرب والمواجهات الدامية التى راح ضحيتها شباب من بينهم الأخ الشقيق والعم والصديق ونفوق أعداد كبيرة من الأنعام بسبب الاحتكاكات والهجمات التى تفتعلها الحركة الشعبية والى أن أصبحت دولة منفصلة تعاقبنا بحرق المراعى وتلغيم موارد المياه بعد الانفصال وقبل الإجابة أردف آدم أنت يا العمدة ما سمعت أمس الرئيس سلفا كير فى لقاء جماهيرى حاشد بمدينة واو قال «لجنقي» كلام واضح أى زول يجيكم من الشمال ما تسألوه تقولو ليه أنت جاى هنا تعمل شنو ولا أنت قبيلتك شنو تعيشوا مع بعض زى ماكنتو عايشين لأنكم أخوان ونحن خلافنا مع الخرطوم» وتناقض التصريح بأن هجليج التى لم تكن محل خلاف حدودى يريدها أن تحتل بوجه مصاص الدماء كما فعل وصرح علنًا بأن هجليج تحت سيطرة جيش الحركة مع الإصرار على كذب السيطرة بالتمني، وهو يعلم بأن الخرطوم عاصمة وهجليج فى حضن الشمال 1/1/1956 بحوالى خمسين كيلو مترًا من الحدود المفترض أن تكون مرنة كما وعد باقان واللور، خطاب سلفا كير فى تقديرى يحمل بين طياته الترغيب المبطن بالغبن لقبائل الحدود التى كانت فى يوم من الأيام تقف سدًا منيعًا لزحف جيش الحركة وفك الطوق وأكثر ما أدهشنا تصريحات الوفد الزائر بقيادة باقان أموم بأنهم فى دولة الجنوب يريدون جوارًا آمن وبأنهم أحدثوا انقلابًا على المواقف المتعنتة سابقًا وراودنا الشك بأن المتحدث ليس باقان الذى نعرفه لكن تبدو صحة القول «بأن الماء تحته عجينة المكر والخيانة»، ومن قبل الهجوم على هجليج بأسابيع كانت هنالك سحب لعدد من الأزمات منها الهجوم على الأبيض بجنوب كرفان شرق حقول هجليج ودخول الممثل الأمريكى جورج كلونى قادمًا من هولوود مرورًا بالطينة وأبيى والقردود وتصوير جنوب كرفان على أنها محرقة متناسيًا مايجرى من دولته التى تدك المبانى على رؤوس ساكنيها من النساء والشيوخ والأطفال فى أفغانستان وباكستان وكذلك التلويح من الكونغرس بوضع قانون سلام السودان وطرحه للنقاش بعد تحريض كلونى، ونهايتها تجمعت سحب الأزمات فى سحابة واحدة أمطرت هجليج بوابل من الرصاص والدانات وراجمات الصواريخ القاتلة والمدمرة لإيقاف تدفق الذهب الأسود و تحويل أمن النساء والأطفال الى هلع من قيادة دولة ليس لقادتها كياسة وحكمة يتصرفون وفق أمزجة الحرب وصدورهم ممتلئة بالحقد والكراهية التى لم يتخلصوا منها بعد أن أصبحوا دولة منفصلة ذات سيادة. حكومة الجنوب لم تستفد من دروس الماضى بمحاولات احتلال هجليج التى كانت مقبرة للغزاة فى كل الأوقات ويريدونها محتلة بوجه مصاص الدماء الكرتونى ولكنهم لا يعلمون بأن هجليج محروسة بجفن لا يرمش فى مواجهة الحق وبواسل لا يلين لهم عزم.. أصل الحكاية هجوم هجليج مبرره الوحيد نار الغيرة لأن هجليج بترولها يتدفق عبر الأنابيب حرًا طليقًا والعمل يجرى لإدخال آبار جديدة لدعم الإنتاج على حسب تصريحات السيد وزير النفط بأن الإنتاج سيرتفع معدله فى الأشهر القادمة والعمل فى توصيل الآبار الجديدة متواصل لربطها وتوصيلها بالمجمع الرئيس وذلك على مرمى حجر والشعلة وسط المجمع تتوهج لهبًا وتؤكد استمرار الضخ بكل يسر وسهولة مما جعل لعاب حكومة الجنوب يسيل مقابل بترول فى الجانب الآخر حبيس الآبار كأفعى مقطوع الرأس لذلك قرروا «يافيها يانطفيها». ويريدون بالهجوم على هجليج إضافة أبيى أخرى تجد حظها من الإعلام الدولى ونفهم من ذلك أن فى جعبة دولة الجنوب أكثر من أبيى كما أشرنا فى مقال سابق وذلك يعنى الجنوب انفصل وبعشم ضم بقية مدن لا علاقة لها بالجنوب وتكون خميرة عكننة جوار تتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل. هنالك جانب خفي نعرفه كأهل جوار وأهل سلفا كير يعرفونه ولكنه خفي على قبيلة النوير وبقية القبائل ولابد من كشفه حيث قبيلة الدينكا بقيادة سلفا كير يريدون تحطيم وكسر شوكة النوير وجعل ولاية الوحدة ولاية أزمات وحرب لأن بترول الوحدة لا يمكن الاستفادة منه وحكم الجنوب إلا بضعف النوير كيف؟ الهجوم على أبيى 2008 كان بقيادة «بيتر قديت»، ومعظم الجيش من النوير والتحرك كان من ميوم وونكاى مقابل أجر معلوم وحصيلته موت كموت الجراد حول النار وذلك بإيعاز من الدينكا وفتح بوابة حرب جنوب ولاية الوحدة مع قبيلة «المورلى»، حرق وخطف واغتصاب وموت مع اللونوير وحكومة الجنوب تدعم النوير والمورلى معًا حتى لا تتحقق «نبوءة النوقندنق» وهو الكجور الذى وعد بأن الجنوب سيحكم من النوير وبمواصفات تنطبق على شخص ربما يكون الرجل الثانى فى حكومة الجنوب، واليوم هجوم هجليج وفتح بوابة حرب جديدة شمال ولاية الوحدة مع جيش هجليج وقبائل تلك المناطق بعد نجاح المؤتمرات الحدودية مع قبائل التداخل وانسياب البضائع وعودة النوير من الشمال والحركة من والى هجوم هجليج الهدف منه خنق ولاية الوحدة وشعب النوير حتى يختل ميزان المعادلة والندية. حكومة الجنوب يجب أن تعلم بأن قبائل الشريط الحدودى من هبانية ورزيقات ومسيرية وحوازمة وسليم وصبحة وحسانية وكنانة وقبائل أخرى لا يمكن اختزالهم بمجرد تصريحات «السن بيضاء والبطن زرقاء». تحت مظلة الدولة والدولة أدرى بمصلحة شعبها وذلك عندما باركت الاتفاق الإطارى وقالت بأنه أنسب لقبائل الحدود من حيث التداخل والحركة وتجارة الحدود، نعم إذا جنحوا للسلم والمؤاخاة والتعايش والجوار الآمن نحن أهل له لأن الحرب بمنطق الحرب إذا منتصر أو مهزوم هى حرب كلٌّ خاسر وقصرت أم طالت سيبحث الناس عن مخارج السلام وذلك أفضل للشعبين فى الجنوب والشمال، أما إذا جاؤونا متشمرين مثل هجوم هجليج بوجه مصاص الدماء الكرتونى سنقابلهم عريانين بوجه حقيقى يعرفونه جيدًا ليس دفاعًا عن النفط لأن النفط سينضب يومًا بل دفاعًا عن الأرض وتبقى الأرض دائمًا.