المبرر الذي قام عليه عدوان جنوب السودان على هجليج هو الإدعاء بأنها جنوبية وأن السودان استولى عليها عام 1970 هكذا قال وزير إعلام الجنوب. والأصل في النزاعات على الأرض أن تقوم على أسس أولها أن ترفع الدولة المدعية طلبها إلى من تدعي عليه ثم تلجأ للوساطة ثم التحاكم إلى المؤسسات الدولية ورغم أن الجنوب لجأ لمحكمة العدل الدولية في لاهاي إلا أنه فضل هذه المرة أن يلجأ للقوة والسلاح لعلمه بخطل الذي يدعي. وأزمة هجليج ليست تنازعاً بين الشمال والجنوب وهي لم تكن يوماً محل نزاع وأوراق نيفاشا شاهد على هذا ونيفاشا أقرت أن الحدود الموروثة من الاستعمار هي المعتمدة وهذه الحدود واضحة في العديد من الجهات في دولتي الحكم الثنائي المستعمرتين للسودان أزمة هجليج هي أزمة جنوبية بين النوير الذين يدعون بملكية نفط الجنوب الحالي وغيرهم من القبائل ولهذا يتولى كبر الهجوم على هجليح النوير وعلى رأسهم رياك مشار مثلما أدعوا من قبل تبعية المنطقة لهم ومن يتصدى لهذه الأقاويل هو مشار ومن معه. هذا يعني أننا نواجه قسماً من أهل الجنوب يتنازعون على أمر لا نملكه والنتيجة الأولية الأهم لهذا كارثية وتعني أن الحل عسير ولا يمكن أن تتعامل دولة مع قسم من دولة تقوم مزاعمه على الأطماع والخزعبلات القبلية والكجور وعصا الكجور ووصايا الكجور. سنكون أمام تحد أننا أمام عدوان لا يقوم على منطق ومنطقة يمكن الاتفاق فيها وحولها. بيد أن المؤشر المهم هو أن هذا التعدي والخطل في الطلب وجر الجنوب للحرب لن يؤثر على السودان فقط بل سيجر معه أطرافاً جنوبية تتصارع فيما بينها. النوير اليوم قسم كبير منهم في الجيش الشعبي يتأبى على محاولات دمجه في القوة الأم وهذا يقوده فاولينو متيب ووضع فاولينو غير واضح حالياً وقواته في الجيش الشعبي تفوق الخمسين ألفاً. وليس النوير على قلب رجل واحد مع الحركة الشعبية ففي مناطق النفط قوات بيتر قاديت وهي قوات تخشاها الحركة الشعبية وتخشاها أيضاً قوات فاولينو متيب وقوات تعبان دينق وهذا من النوير ويحكم ولاية الوحدة وله عدد من المعارضين من ذوي الشوكة و حملة السلاح. هجليج وضعها الطبيعي أن تكون في حضن أمها وليس في يد الحركة الشعبية ، وقبل هذا ستعلمنا أننا أمام دولة ليس من أدبها وليس من شأنها وليس من قدرتها السلام بل هي دولة تعشش فيها الخلافات والنزاعات وأسهل ما يمكن إثارته في الجنوب الحرب، الحرب في القبيلة الواحدة وفي الدينكا العديد من الفصائل وفي النوير أكثر وفي الشلك أعداد والنزاعات أيضاً في الجنوب بين القبائل النوير والدينكا أضداد تقليدية وبينهم الشلك والدينكا والنوير والمورلي وقبائل الإستوائية، من الباريا والتبوسا وغيرها هي أضداد وأعداء تقليديون لحكام الجنوب والصراع بينهم ليس بعيداً وانظروا في خطوات نائب رئيس دولة الجنوب وهو يبحث عن عاصمة جديدة غير جوبا التي يريدها أهلها ويسعون لتطهيرها من الدينكا والنوير والشلك. وأسوأ جوار في الدنيا أن تجاور من يحمل السلاح ويفتقد للعقل ومن يضمر السوء ويجيد الكذب ومن يكون العدوان والقتال سمة من حياته لا يعيش إلا مسلحاً يأكل من سلاحه وينوم مع سلاحه ويتوكأ عليه عند صحوه. نقلا عن صحيفة الرائد السودانية 12/4/2012م