لم يكن أمام السودان خيار آخر بعد أن ذهبت دولة الجنوب بجزء لا يستهان به من البترول الذي أسهم بصورة مباشرة في دفع عجلة الاقتصاد في البلاد غير أن تبحث عن حلول سريعة وبديلة للبترول وتعود الزراعة مرة أخرى للواجهة إلى جانب الصناعات المختلفة ونشاط حركة التنقيب عن الذهب بعدد من الولايات ولهذا وجّه السيد رئيس الجمهورية للاهتمام بالزراعة معضدًا ذلك بأن لديه مزرعة وتدر عليه مبالغ تفوق مرتب رئيس الجمهورية ولم ينتهِ الأمرُ عند حديثه بل نزلت هيئة البحوث الزراعية لتفعيل كل الأراضي البور ووصل الأمر للاهتمام بإنتاج تقاوي محسنة في البلاد فجاءت زيارة الأمين العام لمجلس النهضة الزراعية بالسودان عبد الجبار حسين إلى النيل الأبيض ووزير الزراعة بالولاية دكتور عمر محمد توم ومعتمد محلية قلي ونيس فضل المولى وممثل شركة هارفيست التي أدخلت تجربة إنتاج تقاوي زهرة الشمس بالولاية والتي تعتبر تجربة غير مسبوقة بالسودان لهذا وقفت الزيارة في مشروعات قلي لإنتاج زهرة الشمس على التجربة حيث بدأت زراعتها في السودان منذ السبعينيات وعلى هذا الأساس أكدت هيئة البحوث الاهتمام بإنتاج التقاوي محليًا، وقد شرعت شركة هارفيست لزراعة المشروعات الزراعية بقلي لإنتاج التقاوي المحسنة لزهرة الشمس التي تعتبر من الحبوب الزيتية المهمة للاستهلاك والتصدير، وفي هذا الصدد أكد الأمين العام للهيئة عبد الجبار حسين أن اتفاقًا تم ما بين مزارعي قلي والشركة المنتجة للتقاوي لكل السودان وهي أمهات زهرة الشمس تم استجلابها من تركيا، وقد اتبعت كل الخطوات العلمية لتنفيذ التجربة كما أشار حسين إلى أنهم في النهضة الزراعية عزموا على الإنتاج المحلي لحل مشكلة التقاوي التي دار بها لغط كثيف حينما فشل المحصول في «2009م» مبينًا أن هذه الإشكالات صنعت التحدي في عملية الإنتاج المحلي، وما حدث في السابق في التقاوي المستوردة أنها لم تكتمل بها عملية التلقيح فكانت البذرة خاوية، وأشاد الأمين العام بالدور الذي تلعبه زراعة مشروعات قلي من نهضة وتنمية المنطقة، وأكد أن إنتاج التقاوي في النيل الأبيض يسهم بصورة مباشرة في توفير عملة صعبة كما أن الإنتاج يقلل ويحد من الفقر؛ لأنه يتيح فرصة للعمالة وصل العدد إلى «500» عامل كما أشار إلى أن النهضة استهدفت مليون فدان في القطاع المروي والمطري غير أن معتمد قلي ونيس فضل المولى ركز خلال حديثه حول انهيار البنيات التحتية لهذه المحلية الوليدة مبينًا أن وجود النهضة الزراعية بمشروعات قلي يعتبر إحياءً لكل مشروعات النيل الأبيض للإعاشة وإنعاشًا لسوق قلي ورفع المستوى المعيشي للفرد نسبة لاستيعابها مشروعات إنتاج تقاوي زهرة الشمس للعمالة وعلى المستوى القومي توفر «40» مليون دولار كانت تدفع لشراء تقاوي زهره الشمس، وأردف ونيس أن النهضة الزراعية ومنظمه بلان سودان يسهمان في النهوض بالمحلية فيما توفر النهضة الزراعية توفر العمل أما منظمة بلان فقد أسهمت في دعم التعليم والصحة من خلال محاربة البلهارسيا في كل ريف قلي، أما في مجال المياه فقد قامت بتشييد محطة مياه الريف الغربي للمحلية إلى جانب ذلك تعمل المنظمة في إعادة مدرسة يعقوب الحلو الأساسية كما رهن المعتمد أن محلية قلي بهذه الإمكانات سوف تنهض باقتصاد السودان زراعيًا لأنها توفر آليات التنمية من خلال المشروعات الزراعية التي تبدأ من مهد النمر إلى مشروعات قلي الزراعية، وفي ذات الإطار تناول وزير الزراعة بالولاية دكتور عمر محمد توم تمدد شركة هارفيست في مساحات زراعية أخرى في الولاية وتعميم فكرة إنتاج التقاوي المحسنة كما أضاف أي عمل في بدايته يواجه بعقبات مشيرًا إلى أن مشروعات إنتاج زهرة الشمس تعدت كل العقبات مؤكدًا أن هذا المشروع لن يكون خصمًا على المحاصيل الأخرى بل يوسع مواعين الري ويزيد دخل الأسرة؛ لأن جزء من أهداف النهضة الزراعية تطوير مواعين الري للوصول لري مستديم منوهًا بدفع التنمية من خلال رفع مستوى الفرد وتوفر شركة هارفيست قوت ل «500» فرد على مستوى المحلية، ويبقى السؤال قائمًا هل ستتغير هذه المشروعات من مسيرة المحلية الوليدة التي تفتقر لكل البنيات التحتية؟ وهل يستطيع معتمدها مجابهة تحديات الفقر وهل سيستفاد من دخول الشركات الزراعية أم تمد الولاية يدها لتحجب إيرادات المحلية؟وهل يستطيع مواطنو المحلية مع معتمدها الذي رفٌض من طرفهم عشمًا أن يأتي أحد أبنائهم عليها معتمدًا أن يصمدوا في وجه التحديات بكل عروتها الصيفية والشتوية؟ أم تلحق ركب التخلف مع بقية المحليات التي نامت في أحضان ضياع التنمية والتدهور المريع ونأمل أن تكون الإجابة في ثناء هذا الحراك والاستثمار الزراعي.