تأليف سلمان بن فهد العودة المبحث الثاني أحاديث في الحج عدّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحج الركن الخامس من أركان الإسلام، أو الرابع كما في بعض الروايات، ففي حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - المتفق عليه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، والحج"(1 ). ولما سأل جبريل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الإسلام، عدَّ له الأركان الخمسة، ومنها الحج(2 ). وفي رواية ابن خزيمة والدارقطني من حديث عمر، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لجبريل: "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج البيت، وتعتمر، وتغتسل من الجنابة، وتتم الوضوء، وتصوم رمضان"( 3)، فذكر العمرة. وبهذا استدل جماعة من أهل العلم على أن العمرة واجبة كالحج. ولما سألت عائشة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الجهاد، قالت: "نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟" قال: "لا، لكن أفضل الجهاد حج مبرور"(4 )، وفي رواية عند أحمد بسند صحيح قال - صلى الله عليه وسلم -: "عليهن جهاد لا قتال فيه؛ الحج والعمرة"(5 ). وفي خطبته - صلى الله عليه وسلم - التي رواها مسلم قال: "أيها الناس، قد فرض الله عليكم الحج فحجوا"، فقام رجل -قيل هو الأقرع بن حابس، وقيل غيره- فقال: "أَكُلَّ عام يا رسول الله؟ فسكت، حتى قالها ثلاثًا، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "لو قلتُ نعم لوجبت ولما استطعتم، ذروني ما تركتكم.." (6 ). وفي فضل الحج أيضًا: ما رواه الشيخان عن أبي هريرة - رضي الله عنه -أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة"(7 ). والحج المبرور: المقبول عند الله تعالى، الذي قُصد به وجه الله، واتُّبِعَت فيه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأُنفِق فيه من مال حلال غير حرام. وفي صحيح مسلم أيضًا أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لعمرو بن العاص: " أما علمتَ أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله؟"(8 ). وقد كان الحج فُرِضَ على النبي - صلى الله عليه وسلم - في السنة التاسعة من الهجرة على قول بعض السلف، وقيل غير ذلك، فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بقيادة أبي بكر - رضي الله عنه -للحج؛ لما في الحج في تلك السنة من الآثار الباقية للوثنية، حيث كان المشركون يطوفون بالبيت عراة، ويُحَوِّلون الحج إلى موسم ومهرجان للوثنية، فنادى أبو بكر -ومعه علي بن أبي طالب، وأبو هريرة رضي الله عنهم وغيرهم-: " ألا لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان"( 9). ثم حج النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك في السنة العاشرة من الهجرة، وهي الحجة الوحيدة التي حجها بعد الهجرة، وتسمى حجة الوداع. الهوامش ( 1) أخرجه البخاري (8)، ومسلم (16) وهذا لفظه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. ( 2 ) أخرجه البخاري (50)، ومسلم (9) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - بدون ذكر الحج وجاء ذكر الحج في: رواية النسائي (4991)، وأحمد (179 ، 346 ، 5592) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -، وفي رواية أحمد (376)، والترمذي (2610) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وفي رواية أحمد (18695) من حديث جرير بن عبد الله البجلي – رضي الله عنه - . (3 ) أخرجه ابن خزيمة (1، 3065)، والدارقطني (207)، وابن حبان (173)، والبيهقي في السنن الكبرى (8537)، وفي الصغرى (9)، و في شعب الإيمان (3973) وابن منده في الإيمان (14)، قال الدارقطني: هذا إسناد ثابت صحيح.اه ( 4) أخرجه البخاري (1520،2784) من حديث عائشة رضي الله عنها. (5 ) أخرجها أحمد (24794). (6 ) أخرجه البخاري (6744) و مسلم (1337) وهذا لفظه من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -. ( 7 ) أخرجه البخاري (1773)، ومسلم (1349) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -. (8) أخرجه مسلم (121) من حديث عمرو بن العاص – رضي الله عنه -. (9 ) أخرجه البخاري (369)، ومسلم (1347) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -.